الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

رمضان كريم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى كل عام يفاجئنا رمضان بحضور قوى يجعل من ليالينا بهجة وسرورا ومن أيامنا سعادة وبركة تعم على كل الناس، ولأن الأغانى من بهجة رمضان فأول ما نسمع أغنية المطرب الكبير محمد عبد المطلب «رمضان جانا» نتوقع الياميش والمكسرات والزيارات والمسلسلات وصلوات التراويح وليتقبل الله من الجميع كل النوافل وكل العبادات. وفى العادة يستضيف التليفزيون بل القنوات الفضائية بعض الضيوف وهم من محترفى النكد، فهذا دكتور ينصح بعدم كثرة الأكل على الإفطار وعدم تناول المكسرات والكنافة والحلوى بين الإفطار والسحور، وينصح ببدء الفطور بالحساء حتى ننبه المعدة لبدء استقبال الطعام، وطبعا كل هذه النصائح واجبة الاتباع، ولكن تكشيرة الدكتور وإلقاءه هذه النصائح المتكررة التى سمعتها منذ نعومة أظفارى ولم تتغير أبدا تجعل معظم المشاهدين يهربون إلى قنوات أخرى، ولأن رمضان فى مصر له طابع خاص جدا فلا مدفع فى أى دولة أخرى يعلن بدء الإفطار ولا أغانى شعبية مثل «وحوى يا وحوى» وعلى فكرة «يوحى» تعنى الهلال باللغة المصرية القديمة، ولا أظن حسب علمى المتواضع أن أطفال أى دولة يحملون الفوانيس ويغنون الأغانى الجماعية التى فيها بهجة وسرور، ولكن طبعا بعض كبار السن يشددون النكير على الأطفال كأحد جيرانى الذى ما إن ير مجموعة من الأطفال يغنون أو يلعبون «الاستغماية» أو يحدثون جلبة وضوضاء باستخدام «البمب» حتى يظهر فى البلكونة ويعطيهم درسا فى الأخلاق وكأنه ينزع منهم طفولتهم ويريدهم مكتئبين حزانى لأنه حزين ومكتئب. أيضا من مظاهر رمضان المحببة إلىّ الجلوس فى مقاهى الأماكن الدينية، ويا حبذا لو كان بصحبة المجموعة أحد الأجانب فتزداد البهجة عندما يتعجب من منظر البياعين، وقد يشترى منهم سجادة أو بعض البخور، ومراقبة الأجانب وهم يراقبون الحواة المصريين متعة ما بعدها متعة، لأن خفة يد الحاوى المصرى خاصة أنها بلا إمكانيات، ولكنها تتفوق على مثيلها الأجنبى، وفى العادة يحضر شخص ويسحب كرسيا ويجلس دون دعوة ويضع العود على حجره، ويبدأ فى العزف والغناء، طبعا فى الخارج يقف الموسيقى الذى يريد أن يحصل على بعض المال فى أروقة المترو أو فى بعض الشوارع الجانبية أو الميادين على استحياء، أما الموسيقى المصرى فله أنفة وكبرياء، ويعرف أنه مطلوب ومرحب به، ولذلك يجلس دون دعوة أو استئذان. وكل ما يزعجنا فى باقى شهور السنة لا يزعجنا أبدا فى رمضان، فالزحام مقبول بل ومطلوب ورائع، وعدم وجود أماكن لترك السيارات فى باقى شهور السنة يدفع إلى الجنون، ولكن فى رمضان أقول للصحبة التى معى تفضلوا أنتم بالنزول واجلسوا فى المقهى وسأركن السيارة وآتى فورا، وعندما أحضر يكون السؤال التقليدى «لقيت مكان؟»، فأقول «الله كريم ورمضان كريم»، ويضحك الجميع بلا سبب ولكل سبب، لأن هذا شهر يغسل الآثام ويمحو الذنوب ويشعر فيه الإنسان أن أحماله الثقيلة خفت لأنه بات أقرب إلى الله وأنبيائه مما كان قبل رمضان. ودائما أسال «كيف تحس هذا وأنت مسيحى؟»، فأقول «أنا مسيحى ثقافتى إسلامية، ولدت وترعرعت فى مدينة طنطا بجوار السيد البدوى، وأول ما سمعت أمى وهى تعزف على البيانو، أيضا كل من غنى فى الموالد، فطنطا بلد الموالد، ومن المهم جدا إذا كنت ستحترف الموسيقى أن تستمع وأنت فى سن مبكرة إلى قيثارة السماء الشيخ النقشبندى، وهو يبتهل بعد صلاة التراويح ونحن جلوس على الأرض أمام جامع السيد البدوى». رعى الله هذه الأمة التى لا تفرق فى الأديان وجعلها على إخلاص فى العبادة إلى يوم الدين.