الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بوابة العرب

"البنيان المرصوص".. ومستقبل تسليح ليبيا

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عندما أعلن المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق الوطنى في ليبيا في بيان رسمى الدعوة إلى رفع حظر توريد السلاح المفروض على ليبيا، حسب ما نصت عليه جلسات ومباحثات مؤتمر فيينا، وجاءت هذه الدعوة لتتواكب مع بدء حكومة الوفاق الوطنى عملية (البنيان المرصوص) والتي تهدف إلى تحرير مدينه سرت وما حولها من قبضه تنظيم (الدولة الإسلامية داعش)، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه على المراقبين السياسيين حاليًا ما نوع التسليح المطلوب، وما الجهة التي سيتم تسليحها ولأى جيش؟ غير أن السؤال الذي يتبادر إلى أذهان المتابعين للشأن الليبى، منذ إعلان الدول الكبرى عن عزمها على تسليح الجيش الليبى، هو أي نوع من السلاح سيتم تسليمه؟ وما الجهة التي ستستفيد منه عمليًا؟ فقد اتفقت الأطراف المشاركة في مؤتمر فيينا على ضرورة تقديم الحكومة الليبية، التي يرأسها فايز السراج، قائمة تضم أهم الأسلحة التي تحتاج إليها لمواجهة «داعش»، والتي ستكون حتمًا من الأسلحة الفتاكة. وذلك، قبل انخراط الدول الغربية في مهمة إقناع مجلس الأمن برفع الحظر عنها، وربما تسليم شحنات منها بالفعل.
لكن الإشكال المطروح هو أن الجيش الليبى الحالى غير جاهز لاستخدام السلاح الغربي، لأن ليبيا كانت تعتمد أساسًا على السلاح الشرقى. كما تستدعى طبيعة الأراضى الليبية الصحراوية مراعاتها عند تقديم نوعيات الأسلحة المطلوبة. وهنا يشير مراقبون إلى أن الاعتماد في الحرب على التنظيم الإرهابى سيكون على الضربات الجوية بالأساس، أما من حيث الوحدات القتالية، فما زال الجيش الليبى بحاجة إلى المزيد من التدريب والتنسيق ليكون قادرًا على استخدام السلاح، والسيطرة عليه خوفًا من وقوعه في أيدى الميليشيات المسلحة، أو في أيدى المعارضين لحكومة الوفاق، الذين نص البيان الختامى لمؤتمر فيينا على مواصلة الحظر على توريد السلاح إليهم.
خطوة تسليح الجيش الليبى ورفع حظر توريد السلاح لحكومة الوفاق الوطنى أثارا حفيظة الحكومة الموازية في بنغازي، وهو ما من شأنه تعميق الشرخ في الوحدة الوطنية، ففى حين باركت حكومة الوفاق هذه الخطوة، واعتبرتها انتصارًا لإرادة الوحدة، استنكرت حكومة عبدالله الثنى تعهد المجتمع الدولى بتجهيز غرفة عمليات «البنيان المرصوص» في طرابلس ومن الواضح أن تسليح أحد الأطراف على حساب الآخر سيفاقم الأزمة السياسية العصية على الحل. فلا أحد من الطرفين سيرضى باختلال ميزان القوى لمصلحة الطرف الآخر، خاصة أن كلا منهما يراهن على نجاحه في تحرير مدينة سرت لتعزيز وضعه السياسي ومع نهاية الأسبوع الماضى حيث استولت قوات الجيش التابعة لحكومة الوفاق الوطنى على قاعده القرضابية الجوية التي تبعد ٣٠ كم عن مدينة سرت حيث صرح المتحدث باسم قيادة أركان عملية البنيان المرصوص، والذي أكد هذا التصريح رئيس حكومة الوفاق الوطنى بأن النصر على داعش أصبح قريبًا، واستولت قوات الجيش التابع لحكومة الوفاق الوطنى على قاعدة القرضابية، التي تبعد ثلاثين كيلومترا فقط عن وسط مدينة سرت، حسب المتحدث باسم قيادة أركان عملية «البنيان المرصوص»، وبتحرير القاعدة العسكرية، يكون الجيش الليبى قد حقق انتصارات كبيرة على مقاتلى «داعش»، وقطع طريق الإمداد عنه، وواصل تضييق الخناق على التنظيم الإرهابى داخل مدينة سرت - معقله الأهم - وجاء تحرير قاعدة القرضابية الجوية بعد أيام قليلة من إحكام السيطرة على هدف إستراتيجي آخر؛، هو المحطة البخارية لتوليد الطاقة الكهربائية، والتي تزود مدينة سرت بالكهرباء.
كما أعلنت قيادة أركان عملية «البنيان المرصوص» عن تحرير بلدة أبوهادى، الواقعة ١٥ كيلومترا جنوب مدينة سرت، ولعل التقدم الحاصل في جبهة سرت هو ما دفع رئيس الحكومة فايز السراج إلى القول بأن النصر على تنظيم «داعش» في ليبيا بات قريبًا، وجدد السراج في مقابلة مع صحيفة «جورنال دو ديمانش» الفرنسية دعوة العالم إلى المساعدة، لكنه شدد على أن بلاده ترغب في دعم تقنى واستخبارى فقط، ولا تريد أي قصف جوى أو إرسال جنود إلى جبهة القتال، لأن ذلك يناقض أهداف حكومته، لكنه اعترف بأن قوات الحكومة تتلقى بالفعل دعما دوليا لم يحدد طبيعته، وفيما يترقب العالم سباق تحرير سرت بين الجيشين التابعين للحكومتين المتنازعتين، بدأت نذر أزمة جديدة تتكشف بعد إعلان وحدتين عسكريتين في شرق ليبيا ولاءهما لحكومة الوفاق الوطنى في طرابلس، فقد أعلن جهاز «قوة المهام الخاصة» وكتيبة «الإسناد الأمني» في بنغازى انشقاقهما عن الجيش الليبى، التابع للحكومة المؤقتة، والانضمام إلى حكومة الوفاق الوطنى، وذلك خلال مؤتمر صحفى مشترك مع وزير الدفاع في حكومة الوفاق، المهدى البرغثى، الذي زار مدينة بنغازى خلال الأيام الماضية، فيما يبدو أنه محاولة لإقناع بعض العسكريين الوازنين بالانشقاق عن الفريق خليفة حفتر، ورغم تأكيدات رئيس حكومة الوفاق الوطنى فايز السراج بأنه لا يسعى لإقصاء أي طرف يريد الانخراط في العملية السياسية، فإن كثيرًا من المراقبين يعتقدون أن وزير الدفاع، المهدى البرغثى، يسعى لتشكيل جيش مواز لجيش «الكرامة» في المنطقة الشرقية، وعزل حفتر أو الضغط عليه للتنازل وفور إعلان القوتين العسكريتين انضمامهما إلى حكومة الوفاق الوطنى، أعلنت القيادة العامة لقوات حفتر أنها لن تسمح لأى جهاز موال لحكومة الوفاق بمزاولة أي نشاط من بنغازى قبل أن يوافق مجلس النواب على تشكيل الحكومة، وذهبت الحكومة المؤقتة في طبرق أبعد من ذلك بتصنيفها «قوات المهام الخاصة في جهاز مكافحة الإرهاب» وكتيبة «الإسناد الأمنى لجهاز الاستخبارات» ميليشيات إرهابية، وأصدر وزير الداخلية المدنى الفاخرى قرارًا بحل الكتيبتين لكن قائد جهاز «المهام الخاصة»، فرج إقعيم، وصف قرار حل الكتيبتين بأنه باطل لصدوره عن وزير داخلية مكلف وليس عن وزير داخلية فعلى، وحذر إقعيم من محاولة اقتحام مقرات الجهاز أو المساس بأفراده، معتبرا أن ذلك سيكون بمثابة إعلان حرب، مؤكدًا أن الكتيبتين العسكريتين ليستا تنظيمين إرهابيين وفى هذه الأثناء، تجاهلت القيادة العامة لقوات الجيش الليبى في الشرق دعوة المبعوث الأممى إلى ليبيا، مارتن كوبلر، إلى وقف الاقتتال في بنغازى، وأصدر مكتب الفريق حفتر تعليماته بتحرير منطقة المحور الشرقى في منطقة بنغازى، والتي تضم أحياء الصابرى وسوق الحوت من أيدى الجماعات الإرهابية وكان كوبلر قد وصف ما يجرى في بنغازى بأنه يصل في بعض الأحيان إلى انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان قد ترقى إلى جرائم حرب ضد الإنسانية، بيد أن المؤكد هو أن هذا الحراك المتزامن محليا وأمميا يسعى للضغط على خليفة حفتر لقبول العملية السياسية التي تدعمها الأمم المتحدة، وذلك بالتوازى مع العمليات العسكرية لتحرير سرت.