الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أوهام حول الإخوان "1"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الوهم الأول: الودعاء المسالمون
أما الوهم الأول فهو أن الإخوان المسلمين أبرياء مسالمون صابرون على العنف والتصفية الجسدية ومواجهون (بكسر الجيم) لأعدائهم بالابتسام والدعاء بالهدايا، وهى كلها مقولات تتجاوز عدم الدقة إلى عدم الصحة، ودليلى لا أسوقه من منطلق الخلاف الفكرى، وهو وارد وقائم وأصيل إنما أسوقه على لسان قادتهم، فصالح أبو رقيق قد اعترف فى آخر ساعة ١١/٦/١٩٨٦ بأنهم كانوا وراء اغتيال النقراشى وحامد أبوالنصر كتب فى مذكراته المنشورة فى الأحرار عن لقائه الأول بحسن البنا الذى لمعت عيناه حين أحرج أبوالنصر مسدسه، وحين ذكر له أنه السبيل الوحيد ثم كيف بايعه البنا على المصحف والمسدس هذه البيعة لا معنى لها فى الدين ولا منطق لها فى السياسة ولا وجود لها إلا فى عصابات المافيا وجماعة الإخوان، لكنه هكذا كان، وهكذا يكون وسيكون، فالبيعة فى الأعناق والخواتيم من جنس البدايات والرحى إن دارت يمينًا بتلاوه القرآن وذكر الرحمن فلابد لها وفاءً للبيعة، أن تدور يسارًا بإطلاق البرتا وتجهيز قنابل الدخان، ولأن الجزء دائمًا من جنس العمل فقد حصد الرصاص فيما حصد حسن البنا نفسه بعد اغتيال النقراشى والقاضى الخازندار وتفجير القنابل فى المدن والحارات وخصوصا محلات اليهود ومحاولة نسف محكمة الاستئناف ومحاولات اغتيال إبراهيم عبدالهادى المتكررة، كذلك محاولة اغتيال عبدالناصر فى المنشية، واستمر الإخوان ومن دار فى فلكهم أن يكتبوا سطرًا ويتركوا سطرًا أو سطرين عن إيمان بأن كل شىء فى مصر ينسى بعد حين، فالحديث مكرر ومعاد عن اغتيال (الإمام الشهيد حسن البنا)، ولا حديث عن اغتيال الزعيم الوطنى الشهيد محمود فهمى النقراشى أو القاضى الشهيد الشريف الخازندار، والأحاديث شتى عن بطولات الإخوان فى فلسطين، ولو صدق ما يدعون لتحررت فلسطين وعشر دول مثل فلسطين، لكن فى حقيقة الأمر كتب سطر وآخر لأ.. فتهيأت فرصة لتهريب الأسلحة وجمعها وتدريب كتائب التنظيم السرى وتجنيد بعض الضباط واختبار بعض النظريات العسكرية من نوع ما نقل إلينا عن الشيخ سيد سابق حين أفتى مستخلصًا من غزوة بدر ما مضمونه أن يتراص الإخوان فى شكل قلب وميمنه وميسره وأن تتراص صفوف القلب صفًا بعد صف، بحيث إذا سقط الصف الأول تقدم الصف الثانى متجاهلًا اختلاف الزمان والمكان والقضية والعصر، وهو ما انتهى بمصرع الصفوف صفًا بعد صف تأكيدًا لعبقرية الشيخ سيد سابق العسكرية، (وهو ما تبعته الجماعات الإسلامية فى جامعة أسيوط نفس التكتيك العسكرى فى هجومها على الزملاء والزميلات من أنصار النشاط الاجتماعى والاختلاط مع تعديل بسيط فى استبدال البنادق والمسدسات بالخناجر والجنازير.
الوهم الثانى: وحدة التيار الإسلامى
أين الإخوان الآن؟ أستأذن القارئ الكريم فى تأجيل الإجابة قليلًا حرصًا منى على عنصر التشويق فى المقال وحتى أوضح للقارئ فى البداية ما يسود الساحة السياسية من خلط فى الأوراق دليلى على ذلك، الخلط بين ما يسمى بالتيار السياسى الإسلامى، وما يسمى بالإخوان المسلمين لأن السائد أنهم جميعًا فى سلة واحدة وأنهم جماعة واحدة، وهو ما ليس صحيحًا على الإطلاق ( لكن هذا لا ينفى أبدا أن البداية والمنبع هو الإخوان، وكل ما خرج بعد ذلك خرج من عباءة الإخوان، وإذا ساروا جميعًا سيسيرون بقيادة الإخوان)، فالإخوة المجاهدون من أحرص الناس عن الشقاق، وقد كانوا أربع عشرة جماعة عندما اعتقلهم السادات فى سبتمبر قبيل وفاته فوجئ الحراس بأنهم يصلون فى أربع عشرة مجموعة بعضهم بإمام وبعضهم بدون.
ويؤكد العارفون أنهم تجاوزوا الثلاثين الآن وأنهم مستمرون وأن منهم الجهاديين والوهابيين والقطبيين والسماويين والحاكميين... إلخ.
وإنهم الإخوان أقل حلقة فيهم، فما بذلوه من جهد لا يعرف الكلل فى تلوين التاريخ على غير لونه وفى طمس حقائقه وتبرير انحرافاته، وأنهم منذ ظهور سيد قطب متهمون بالتخاذل والمهادنة وباحتراف السياسة، وهى بدعة ومغازلة الأحزاب، وهى ضلالة وسيلان اللعب على مقاعد الحكم وهو إثم عظيم إن أتى بغير السيف أو تحقق بدون العنف، وأغلب هذه الجماعات وهذه التيارات ومنها الجماعة الإسلامية لا تعرف لون بطاقة الانتخاب ولا شكل صندوقه ولا أسلوب ممارسته، وأغلبهم لا يقرأ الصحف حتى لا تتسلل إلى ذهنه صراعات التغريب وترهات الاستشراق، والكثيرون منهم يرون فى أوروبا مهدًا للشذوذ، وفى الاتحاد السوفيتى (روسيا حاليًا) مرتعًا للإلحاد وهكذا تختزل الحضارة فى رموز جنسية محددة.
وهم بعون الله قد أراحوا واستراحوا حين اختزلوا أيضا برنامجهم السياسى فى جملة واحدة، وهى تطبيق الشريعة الإسلامية، وتصورها حلًا لكل المشكلات بدءًا بالإسكان وانتهاءً باستصلاح الأراضى ومرورًا بالسياسة الخارجية والداخلية وتزايد السكان..... إلخ
وفوا أنفسهم وكفونا مؤونة النقاش حول هذه المسائل الثانوية التافهة فى تصورهم.. الأساسية والجوهرية فى تصورنا ومداركنا، فيرى البعض منهم أن الرجوع للخلف قرن واحد من الزمان يفى، ويرى آخرون ثلاثة قرون ويرى البعض مثل حافظ سلامة فى تصريحه للمصور أن العودة للوراء قرنا واحدًا كافة، بينما يرى البعض الآخر أنه لا أقل من أربعة عشر قرنًا للوراء تكفى لتحقق أحلامهم الحضارية.
تعيد «البوابة» نشر مقالات للمفكر الراحل فرج فودة علها تكون نفعاً لنا فى مثل هذه الأيام.