الإثنين 03 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

رمضان.. سفير الرحمة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رمضان، شهر الرحمة والبركات، شهر التواصل والصفاء، أيامه ولياليه تقبع في الوجدان، وهذا الشهر الكريم له طبيعة خاصة في مصر لن تجدها في أي بلد آخر، مسلم ومسيحي على مائدة الرحمن، وكنيسة تقيم مأدبة إفطار، لذلك فإن مصر هي خير من يستقبل شهر الله الكريم، لتجد هذا الضيف يكرم هذا البلد الطيب وشعبها العظيم، وهذا الشهر يحقق معناه الحقيقي إذا تغيرت الفلسفة الروحانية للفرد وليس الفلسفة الغذائية التي تسيطر علينا جميعا.
لا أجد أنسب ولا أكثر ملاءمة في هذا الشهر من الحديث عن جمال هذه الأيام وروعتها، والمزايا التي تبعثها لنا روحانية أيام وليالي هذا الشهر الكريم، ولا يوجد أحد لديه أدنى شك أن هذا الموسم بما له من خصائص، يرسل لنا مجموعة من الرسائل النفسية والروحانية، فضلا عن عطاياه التي تمد الأنفس بالطمأنينة ورحالة البال. 
وإلى جانب تهذيب هذه الأيام والليالي للنفوس، وما يصيبها من إستكانة، إلا أن فيها فرصة لمراجعة النفس ومحاسبتها على كافة الأصعدة، وعلى كل المستويات، فتقلب الأيام والأعوام، وتأمل الإنسان في حاله وحال من حوله، سيجده لا يستقر على حال، ومحاسبة النفس مطلب، ومراجعتها ضرورة، وتقويمها جزء من تطويرها المستمر، لذلك فلن تجد من يقوم النفس مثل صاحبها، أو أخ مثل النفس في محبتها والوفاء لها، لأن النفس إن أهملتها تجرعت مرارة الإهمال.
النفس كالطفل إذا أهملتها، فقدت صواب الحياة، وتاهت في ظلمات التيه، لتصطدم بالصخور القاسية، لتتحطم بدفع الموج لها، بعد أن إقتلعتها رياح الحياة العاتية من سكون الروح، لذلك فان أيام وليالي رمضان فرصة لمراجعة السلوكيات والعادات غير الإيجابية، ليكون هذا الشهر فرصة لنا نقوم خلاله باستصلاح حال النفس، وتهذيبها وتمرينها على السكينة التي تمنح الهدوء، وهو ما يساعدها على تجاوز الصعاب.
إن ما نشعر به من جوع وظمأ في رمضان فرصة لتذكر نعمم الله علينا في المأكل والمشرب، وتذكر حال الكثير من الفقراء والضعفاء والمشردين وذوي الحاجات، وهم كثر، يتمنون إيجاد أقل القليل مما هو بين أيدينا من الأنواع المتعددة والكثيرة للطعام والشراب، وقد حالت بينهم وبين ما يشتهون أقدار الله، بسبب ظروفهم المختلفة، سواء الفقر أو المرض، لذلك فان واجبنا الشعور بهم، وأن نمد يد العون لهم، كل وفق إمكاناته واستطاعته.
إنفاق المال على من يحتاج إليه أمر مشروع، بل يصل الأمر إلى الفريضة المتمثلة في الزكاةا، ولا تكتمل فريضة الصيام بدونها، في نهاية شهر رمضان لتكون تزيكة للنفس وتطهيرا لها، فضلا عن أنها أحد أهم أنواع التكافل الإجتماعي والمسؤلية المجتمعية لكل منا تجاه أهل العوز، سواء في متطلبات الحياة أو المساهمة في شفاء أمراضهم التي تطلب تكاليف لا يقدرون عليها.
لذلك فان النفس لها إقبال وإدبار، وهي في رمضان أمام فرصة حال إقبالها، ويجب أن تستثمر على صعيدها الشخصي أو العائلي والاجتماعي والإنساني، فالإنسان العاقل والحكيم خصيم نفسه، وهذا النوع من البشر يمتلك السعادة التي تتمثل في ألا تعيش أنانيا من أجل نفسك، ولا مضحيا فقط من أجل الآخرين، بل أن تعيش إنسانيتك من خلال خدمة الآخرين ومحبتهم.