رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

"القبة" في القمة وسقوط حر لـ"الكينج"

مسلسل المغني محمد
مسلسل المغني محمد منير
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من المبكر جدا الحديث عن المسلسلات، مهما كان مستوى الحلقات الثلاث التى عرضت حتى الآن، ولكن لو سألتنى عن المسلسل الذى جذب انتباهى لمستواه الفنى الجيد أو لموضوعه الشيق، أقول لك إن «أفراح القبة» هو الأفضل إخراجًا، و«سقوط حر» هو الأفضل «سينمائيًا»، و«ونوس» هو الأفضل من ناحية السيناريو، و«نيللى وشيريهان» الأفضل فى الكوميديا، و«جراند أوتيل» الأفضل «تاريخيًا».
طبعا هذه التصنيفات ارتجالية، والفرق بين الأفضل «إخراجًا» و«سينمائيًا» و«تاريخيًا» يحتاج إلى شرح. 
محمد ياسين مخرج «أفراح القبة» أستاذ فى توجيه الممثلين، وترتيب المشهد واختيار اللقطات وترتيبها، وهو يجيد فنون الدراما التليفزيونية، وحتى أعماله السينمائية، قبل أن يأتى إلى التليفزيون كانت «قوية» دراميًا، ولكن «عادية» سينمائيًا.
فى الدراما، والمسرح، تتصدر القصة والحوار والتمثيل وأسلوب الحكى التقليدى، وتصبح الصورة فى خدمة الحدث. أما شوقى الماجرى فى «سقوط حر»، فيصنع حالة من المشاعر والتأثير من عناصر بصرية تمامًا، فى حين تصبح القصة والممثلين فى خدمة هذه الحالة.
«جراند أوتيل» امتداد لأعمال درامية كثيرة، تعود فى الزمن لترصد مصر منذ نصف قرن أو أكثر، ومعظم هذه الأعمال كانت ضعيفة جدًا، باستثناء أعمال فذة مثل «ليالى الحلمية»، ولكن حتى «ليالى الحلمية» كانت فقيرة جدًا بصريًا.
«جراند أوتيل» يحاول تجسيد هذه الفترة التاريخية بصريًا، من ناحية الديكورات والملابس والتفاصيل الدقيقة، ولكن تظل هناك مشكلة واحدة مزمنة فى الدراما المصرية، وهى اللغة المستخدمة، حيث تتحدث الشخصيات بلهجة المصريين اليوم، والمحاولات التى تبذل لمحاكاة التعبيرات وأسلوب نطق الكلمات القديم غالبًا ما تكون محدودة وفاشلة، لدرجة أنها تتسبب فى تفاقم المشكلة، وهى أن العين تصدق ولكن الأذن تكذب ما ترى.
بما أنى تحدثت عن الأعمال التى جذبت انتباهى بجودتها، يجب أن أشير إلى الأعمال التى جذبت انتباهى برداءتها، ومن بين الكثير من الأعمال السيئة التى رأيتها ليس هناك أسوأ من «المغنى» لمحمد منير، الملقب بـ«الكينج»، لأسباب قد يطول شرحها فى مقال آخر.
بشكل عام تواصل الدراما التليفزيونية المصرية تقدمها التقنى، أى من ناحية جودة الصناعة، حيث تحظى معظم الأعمال بصورة أنيقة تعتمد على الإضاءة التعبيرية وزوايا الكاميرا، وأحجام اللقطات وأماكن التصوير بشكل غير مسبوق فى التليفزيون ومسلسلات الفيديو القديمة، التى تبدو الآن وكأنها قادمة من العصر الحجرى بالنسبة لمسلسلات اليوم. ولكن على مستوى الكتابة والتمثيل، ليس هناك تقدم موازٍ، ولا تزال معظم الأعمال تعانى قصصًا مهترئة وإيقاعًا مترهلًا، بالرغم من أن العقلية الساذجة لكثير من كتاب اليوم قادتهم إلى تصور أن الإيقاع الدرامى الجيد هو أن تبدأ مسلسلك بجريمة قتل!
بما أن معظم المسلسلات بدأت بجرائم قتل، على طريقة الأفلام البوليسية، فإن السؤال: ماذا سيحدث بعد عشر أو خمس عشرة حلقة؟ 
ما لا يدركه هؤلاء الكُتّاب السذج أن الفيلم البوليسى يختلف عن المسلسل التليفزيونى تمامًا، وأن المسلسلات البوليسية الأجنبية التى ينقلون كثيرا من أفكارهم ومشاهدهم وحواراتهم عن بعضها، لا علاقة لها بالمسلسلات المصرية، لسبب رئيسى هو أنها تتكون غالبًا من حلقات منفصلة دراميًا، أو من عدد محدود من الحلقات، ولسبب آخر غير رئيسى، هو أنها لا تعرض بصحبة هذا الكم المزعج والمنفر من الإعلانات التى تدمر أى تشويق أو إيقاع.