الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

صراع القوى السياسية الليبية وحكومة الوفاق الوطني "3"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يشهد الميدان الليبى جناحين أساسيين وفعّاليّن إلى حدِ ملحوظ فى تشكيل ديموغرافية الصراع الدائر الآن، الجناح الأول «تركيا قطر السودان»، حيث يدعم ذلك الجناح الحكومة الليبية فى طرابلس غير المعترف بها دوليًا بكل ميليشياتها العسكرية بالمال والسلاح، مستخدمًا السودان كـ«ترانزيت للنقل». تجدر الإشارة إلى أن لذلك الجناح حضورا من بداية الثورة الليبية، إذ شاركت قطر عسكريا فى قصف قوات القذافى مع الغرب، وقدمت الدعم المالى والعسكرى للميليشيات الإسلامية المتشددة هناك، ولم يتوقف الأمر حتى تمت الإطاحة بنظام القذافى، فقد نشرت صحيفة الـ«ديلى ميل» البريطانية تقريرا لها عن تورط قطر فى تمويل داعش، نقلته بدورها عن وزارة الخزانة الأمريكية، وأن مساعدة قطر لداعش تتم من خلال وسيط يدعى طارق الحرزى الذى يعتبر أبرز الوسطاء بين قيادة تنظيم داعش والممولين فى الخليج، وبالأخص قطر، وأضاف التقرير أن الحرزى قام بجمع مليونى دولار من أحد المتبرعين القطريين، وذلك تحت سمع وبصر الحكومة القطرية التى سمحت لمواطنيها بجمع الأموال للتنظيمات الإرهابية لتنفيذ عملياتهم كما قال «عيسى عبدالمجيد» مستشار رئيس البرلمان الليبى لصحيفة «الشرق الأوسط»، إن خطوط إمداد جديدة للمقاتلين الأجانب من داعش بدأت تدخل إلى ليبيا من منطقة المثلث الحدودى مع السودان، من نقطة جبل العوينات، إلى جانب ما يجرى نقله من عتاد وسلاح عبر الطائرات من مطار أم درمان السودانى إلى مطار معيتيقة الليبى الذى يسيطر عليه متطرفون قرب العاصمة طرابلس، كما أضاف عبدالمجيد أن قوافل الإرهابيين تنتقل من خلال الصحراء لتصل إلى المدن الليبية الساحلية بالشرق تحديدًا، حيث يخوض الجيش الليبى معارك طاحنة لإحكام السيطرة وطرد الجماعات المسلحة من تلك المدن وخاصة «بنغازى وسرت» أما تركيا فكانت حاضرة هى الأخرى، وازداد حضورها بعد انهيار نظام القذافى، فدعمت حزب العدالة والبناء الليبى الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين فى ليبيا، حيث اعترفت تركيا بحكومة طرابلس، وعينت فى سبتمبر ٢٠١٤ مبعوثًا خاصًا فى ليبيا، وأصبح أول مبعوث يلتقى علنًا بالسلطات غير المعترف بها دوليًا فى طرابلس، وبرر المسئولون الأتراك ذلك، بأن أنقرة تحاول تعزيز مفاوضات السلام بين الأطراف المتنازعة، وبعد هذا القرار تم تداول شائعات فى ليبيا بدعم تركيا للإسلاميين، وهو ما أكده أحد المسئولين الأتراك الكبار فى تصريحات لوكالة «رويترز» نوفمبر الماضي، بقوله: «هؤلاء الناس ليسوا إرهابيين، إنهم حقيقة سياسية، ونكرانهم يُعنى أنه ليس من الممكن إقناعهم بالتفاوض»، فى إشارة إلى الإسلاميين كما يمثل استئناف رحلات شركة الخطوط الجوية التركية إلى مصراتة سبتمبر ٢٠١٤، «شريان حياة» للجماعات الموجودة فى طرابلس، وبينهم كثيرون ينحدرون من المدينة الساحلية الواقعة شرقى العاصمة، مما يؤكد دعم تركيا للإسلاميين المتشددين والمدرج أغلبهم على قوائم الإرهاب، قول «أردوغان» فى لقاء على قناة «الجزيرة» القطرية: «لا يمكن القبول باجتماع البرلمان الليبى فى طبرق.. هذا خطأ»، متسائلًا: «لماذا يجتمع البرلمان فى طبرق، وليس فى العاصمة الليبية طرابلس؟.. نحن لا نقبل بهذا أصلا، هذا أمر غير مقبول، هنا نحن فى مواجهة وضع غير صحيح، ولهذا فإن ما حصل فى طبرق هو عملية نزوح وتشريد للبرلمان، ولم يقتصر الدعم للتركى لحزب العدالة والبناء سياسياً، بل شمل الجانب العسكرى أيضًا حيث اتهم عبدالله الثني، رئيس الوزراء الليبى المعترف به دوليًا، مرارًا وتكراراً، تركيا بإرسال أسلحة لمنافسيه من الإسلاميين الذين استولوا على العاصمة الليبية، طرابلس، العام الماضي. «إن تركيا بلدٌ لا يتعامل بصدقٍ معنا»، هكذا قال للتليفزيون المصري. «إنها تصدر أسلحة لنا يقتل بها الليبيون بعضهم البعض» وفى المقابل يضم الجناح الأخير «مصر السعودية الإمارات»، ويدعم ذلك الجناح حكومة طبرق المعترف بها دوليًا والجيش الوطنى الليبى وقائده اللواء خليفة حفتر، ويقدم له الدعم العسكرى والتنسيق الاستخباراتي. وظهر ذلك فى هجمات سلاح الجو المصرى الأخيرة على البؤر الإرهابية بمدينة درنة بعد واقعة ذبح الأقباط المصريين. وإرسال الإمارات بعض المعدات العسكرية المدرعة، وقيام الأخيرة مع مصر بتنفيذ العديد من الغارات بالشرق الليبى حسبما أكدت رويترز. وأكدته صحيفة الـ«نيويورك تايمز» فى تقرير نشرته سابقًا على لسان مسئول أمريكى رفيع المستوى بأن مصر والإمارات العربية المتحدة قد قامتا سرًا بشن العديد من الغارات الجوية على كتيبة مصراتة الموالية للمتشددين وحكومة طرابلس، وبحسب هذه التقارير فإن الغارات وقعت دون علم الولايات المتحدة، كما أن الإجراءات الميدانية لمحور الغرب فى ليبيا المتمثل فى «الولايات المتحدة فرنسا بريطانيا» تصب فى مصلحة هذا الجناح، وذلك بالنظر إلى طبيعة الغارات التى نفذها الغرب فى ليبيا، جميعها استهدفت تنظيمات متشددة تنتمى لإطار «حكومة طرابلس» بصبغتها السياسية الإخوانية المدعومة من الجناح الأول. شكّل الجناحان السابقان خريطة الصراع فى ليبيا، كما أدى تكافؤ القوى فى الميدان إلى حتمية التدخل الغربى وفرض احتمالات كثيرة لسيناريوهات وأشكال ذلك التدخل الذى لا يحظى بتأييد عربى وليبي..الأمر الذى يدفعنا قبل الخوض فى أشكال التدخل الخارجي إلى التساؤل عن حجم الوجود الغربى فى ليبيا.