الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

حيثات حكم القضاء الإداري بحظر إقامة الملاهي الليلة وقاعات الأفراح قرب المساجد.. المحكمة: الإسلام دين الدولة ولا يجوز التشويش على المصلين بإحداث ضوضاء.. ولدور العبادة حرمتها ولا يجوز إيذاؤها

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
احتضنت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، الحرمات والمقدسات الإسلامية، حيث وضعت نموذجا لرسالة المسجد في إعلاء كلمة الحق مبرأة من التشويش والتعطيل باعتبار المسجد ليس مجرد مبنى ولكنه معنى، حتى تظهر الدعوة الإسلامية لمتلقيها طاهرة على وجهها الصحيح.


فبعد حكمها الصادر الأسبوع الماضى بتأييد قرار الوحدة المحلية لمدينة كفر الدوار بغلق قاعة الحفلات بالمركب العائم المحروسة المطل على إحدى الكنائس، أكدت المحكمة في حكم جديد أنه محظور إقامة الملاهى الليليلة وقاعات الافراح والحفلات بالقرب من المساجد، وذلك في قضية أخرى في مدينة المحمودية، مؤكدة أن الإسلام دين الدولة، وأن مصر راية الإسلام بأزهرها وعلمائها ومفكريها وللمساجد حرمتها ولا يجوز إيذاؤها، وأن المساجد بيوت الله وذكرها سبحانه في ثمان وعشرين آية من كتابه الكريم، وأضافها إلى نفسه إضافة تشريف وتكريم ولا يجوز تعطيل رسالتها الجليلة، وأنه لا يجوز التَشْوِيشٌ على المصلين بإقامة الملاهى الليلية وقاعات الحفلات والأفراح بالقرب من المساجد لأحداثها ضوضاءَ وبلبلةً واختلاطًا في السمع تمثل إشغالا عن أداء طاعتهم لله. 


وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين محمد حراز وخالد شحاتة ووائل المغاورى نواب رئيس مجلس الدولة بتأييد القرار المطعون فيه رقم 622 لسنة 2015 الصادر من الوحدة المحلية لمركز ومدينة المحمودية فيما تضمنه من غلق صالة أفراح المركب (ليالي) المملوك للمواطن أحمد محمد الفقى بناحية شارع البحر بجوار السنترال القديم في مدينة المحمودية إداريا وبالقوة الجبرية والزمت المدعى المصروفات.
قالت المحكمة: إنه وفقا للمادة الثانية من الدستور فان الإسلام دين الدولة، وما من ريب أن مصر راية الإسلام بأزهرها وعلمائها ومفكريها وللمساجد حرمتها ولايجوز ايذاؤها، ذلك أنه للمساجد أهمية بالغة في حياة المسلمين، فهي الزاد الروحي لمسيرة المسلم إلى الله تعالى وهى دور عبادة وذكر وتضرع وخضوع وخشوع لله سبحانه، ومواضع تسبيح وابتهال وتذلل بين يدى الله ومقام تهجد وترتيل لكتاب الله وحفظ له، فلا يجوز التَشْوِيشٌ على المصلين باحداث ضوضاءَ وبلبلةً واختلاطًا في السمع ومثل تلك الملاهى والأفراح والحفلات من شأنها التأثير على أهل المسجد بالكلام في أمور الدنيا وفي ذلك إيذاء لهم وإشغالا للمسلمين عن أداء طاعتهم لله على الوجه الصحيح، والتشويش محظور ولو كان بعلو الصوت بتلاوة القرآن فكيف يكون بغيره وهو في الاصل كلام الله المنزل على رسوله الكريم؟ إذ أخرج أحمد بن شعيب النسائي في السنن الكبرى تحت عنوان: ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم "لا يجهر بعضكم على بعض في القرآن" وذلك بسنده إلى أبي حازم التمار عن البياضي «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال: "إن المصلي يناجي ربه فلينظر ماذا يناجيه به، ولا يجهر بعضكم على بعض في القرآن".
وأضافت المحكمة أن الإسلام كفل حرية العقيدة كما حمى الحقوق والحريات العامة الأساسية لكل إنسان دون تحيز وهو ما تبناه الدستور ووضع ضوابط تشكل الإطار القانونى لحدود ممارسة هذه الحريات، حيث تقف عند وجوب احترام حقوق وحريات عوام المسلمين المتصلة بممارسة الشعائر الدينية دون انتهاك أو تعد نزولا على مقتضى القاعدة الشرعية القاضية بأنه " يتحمل الضرر الخاص لدفع ضرر عام " وبهذه المثابة فللسماجد حرمتها فهى اعلاء لكلمة الله في الارض وذكره وتسبيحه وتلاوة اياته وتعاليمه ونسكه ولا يجوز تعطيل رسالتها الجليلة تحت أي ظرف من الظروف، لذا فإنها لا يجوز للجهات الإدارية أن تسمح باقامة الملاهى الليلية وقاعات الافراح والحفلات ايا كانت بالقرب من المساجد توقيرا لرسالة المسجد العظيمة كدور عبادة في حياة المسلمين.
وذكرت المحكمة أن المساجد بيوت الله سبحانه وتعالى ونظرا لمكانتها وفضلها ذكرها الله سبحانه في ثمان وعشرين آية من كتابه الكريم، وأضافها إلى نفسه إضافة تشريف وتكريم، فقال سبحانه: "وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا" سورة الجن الاية (18)، ورغب سبحانه في بنائها وعمارتها وأخبر أن عُمَّارها المؤمنون بالله واليوم الآخر فقال تعالى: "إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ" سورة التوبة الاية (18). وبما أن العبادة في المفهوم الإسلامي شاملة جامعة لحياة الإنسان العابد لله تعالى قال الله عزوجل: " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لاشريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين " سورة الأنعام ( 162-163 ) وقوله تعالى: "فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ" سورة النور الاية (36)، كما أخبر سبحانه أن تعطيل المسجد، ومنع الناس من ذكر الله فيه ظلم، قال تعالى: " وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ " سورة البقرة الاية (114).ومن ثم اضحى التزاما على جميع الجهات الإدارية عدم الموافقة على إقامة الملاهى وقاعات الأفراح والحفلات بالقرب من بيوت الله احتراما لقدسيتها ومكانتها.
واستطردت المحكمة أن المشرع الدستورى حرص على النص أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع ووفقا لديباجة الدستور فإن المرجع في تفسيرها هو ما تضمنه مجموع احكام المحكمة الدستورية العليا في ذلك الشأن بينما الأزهر الشريف هو المرجع الأساسى في العلوم الدينية والشئون الإسلامية، ومن ثم يتمخض الإلزام الدستورى الأول عن قيد قوامه وجوب أن تتحراه كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية وتنزل عليه في تشريعاتها فلا يجوز لنص تشريعي، أن يناقض الأحكام الشرعية القطعية في ثبوتها ودلالتها، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هي التي يكون الاجتهاد فيها ممتنعا، لأنها تمثل من الشريعة الإسلامية مبادءها الكلية، وأصولها الثابتة التي لا تحتمل تأويلًا أو تبديلا وهىعصية على التعديل والتأويل، ولا يجوز الخروج عليها أو الالتواء بها عن معناها.
واختتمت المحكمة حكمها المستنير أن المدعي قد حصل على الترخيص رقم 440 غربية من قسم الملاحة الداخلية بمحافظة الغربية بتسيير المركب ( ليالي )، وذلك لاستخدامها في غرض قاعة أفراح بناحية شارع البحر بجوار السنترال القديم، وأن الثابت من محضر اجتماع اللجنة المشكلة لدراسة إنشاء مرسي أن قاعة الأفراح تقع بالقرب من أحد المساجد، مما سيؤدي إلى غضب الأهالي من المصلين المترددين على المسجد وارتأت اللجنة عدم الموافقة على الترخيص بالنشاط المشار إليه. ولما كان نشاط قاعة الأفراح هو من الأنشطة التي تدخل ضمن محال القسم الأول المنصوص عليها في قانون المحال العامة رقم 371 لسنة 1956، وبالتالي يسري على ذلك النشاط ما يسري على محال القسم الأول من قيود، التي من بينها أنه لا يجوز إقامة تلك الأنشطة في محال بالقرب من الأماكن المعدة للعبادة المصرح بإقامة الشعائر الدينية فيها وعلى القمة منها المسجد، فمن ثم يكون قرار الوحدة المحلية لمركز ومدينة المحمودية بغلق قاعة الأفراح بالمركب ليالى متفقًا وصحيح حكم القانون.