السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الأسمرات.. الدولة تنحاز لكرامة المصري

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا تتوقف كثيرا أمام إنجاز حى الأسمرات لإسكان قاطني العشوائيات، انظر للمعنى وراء الصورة المبهرة للإنجاز الكبير، حاول النفاذ لما هو باطن فى حديث الرئيس عبدالفتاح السيسى، المعنى الكامن هو اعتذار الدولة المصرية للمواطن المصرى على سنوات من التهميش وقلة الاهتمام، وكان نتيجتها فقدان الثقة في الدولة والبحث عن ملاذ آمن، إما بالهجرة للخارج بحثا عن الأمان والاهتمام والمعيشة الآدمية اللائقة، أو يعيش فى الداخل ولكن فى كنف تنظيمات متطرفة دينيا حلت محل الدولة لسنوات طوال.
فى حى الأسمرات قالت الدولة للمواطن المهمش: أنت منا، ولك حقوق حان وقت الحصول عليها، ليس ذلك فقط بل أمر الرئيس القوات المسلحة بمعاونة جمعية الأورمان فى بفرش الشقق حتى يبدأ المواطن حياة جديدة، من بين كثير من الرسائل التي أطلقها الرئيس توقفتُ أمام هذه الحالة، وتساءلت: وهل الدولة مطالبة بعد توفير المسكن الملائم إلى فرشه؟ لم يصل إلى علمى أن حدث ذلك فى العالم، إذن ما الذى يدفع الدولة لذلك؟ أعتقد أنها محاولة لاستعادة ثقه المواطن المصرى فى دولته، إنها استجابة من الدولة لصيحة مواطن مصرى خرج يوما وطلب الكرامة الإنسانية، ولذلك أرى الأسمرات هى أولى خطوات تطبيق الكرامة الأنسانية.
ولعل الفيلم المتميز "حلم جديد" الذى أعدته إدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة، عن تعامل الدولة والقوات المسلحة مع أزمة العشوائيات، أصاب كثيرا من الأهداف فى وقت واحد بإشارته للمتاجرة بآلام هؤلاء الناس طوال السنوات الماضية من جانب أجهزة إعلام معادية ظهرت فى الفيديو، وكان اختيارها موفقا، أولها قناة العربى الجديد، التى أطلقها فى لندن عزمى بشارة مستشار أمير دولة قطر، وموجهة- بالكامل- لمهاجمة الدولة المصرية بعد 30 يونيو، وكثيرا ما لعبت على وتر تردي الأوضاع المعيشية، وثانيةُ تلك القنوات كانت "الجزيرة"، ودورها معروف ولا تحتاج منى توضيحا أكثر حول أهدافها الخبيثة، لأنها أصبحت معروفة- بالضرورة- ليس فقط للمصريين بل والعالم العربى كله، وكانت "معايرتهم" الوضيعة لنا بفقر أهلنا فى هذه المناطق إهانة يصعب بلعها، وحتى جاء وقت الرد بالعمل والإنجاز على الأرض وليس بالتلاسن الإعلامي، وكان هذا درسا آخر من الدولة للإعلام.
وعلى مستوى الإعلام الداخلي، أوقف الرئيس "سبوبة" استمرت لسنوات للمتاجرة السياسية والفنية بآلام هؤلاء البسطاء، سواء بالمزايدة على الدولة أو على أهالينا فى العشوائيات ، طلب الرئيس بالتوقف عن إنتاج الأفلام التى أوقعت سكان هذه المناطق فى فخ التنميط، الرئيس يفكر فى الحفاظ على تماسك المجتمع، وألا تحاول فئة أن تتعالى على أخرى أو تتاجر بها.
وأنا هنا لا أتهم أحدا، وبالفعل كان للإعلام دور كبير فى تسليط الضوء لسنوات طوال على هذه الظاهرة، والحقيقة أن الدولة فى ذلك التوقيت لم تهتم بحل الازمة، وتحول الأمر مع الوقت إلى مونولوج راقص على أنغام السياسة وظهرت تصورات وتنظيرات حول تهديد هؤلاء الناس للمدن وإحياء الأغنياء، وافتكاسات عن قيادتهم لثورة عارمة ..كل ذلك اثر على المصريين وأشعرهم بالاحباط وان الدولة غائبة وان المستقبل مجهول.
والحقيقة أن الدولة فاجأت الجميع بتحركها السريع فى الملف، ومهدت الطريق أمام عودة الثقة فيها وفى عزمها على الحل بعد سنوات من الوعود الكاذبة والمضللة فى بعض الأحيان من جانب مسؤولين سابقين حول حلها دون جدوى، الدولة تريد بناء جسور جديدة للتواصل مع المواطن على أرضية المواطنة وتحقيق العدالة الاجتماعية، وهنا توجهت الدولة عبر المجتمع المدنى لقاطنى العشوئيات وأيضا لأهالينا فى قرى ونجوع مصر ومدت يدها لإصلاح المنازل وشبكات الصرف ورصف الشوارع الضيقة وزرع أعمدة الإنارة.
وظهرت أهمية صندوق "تحيا مصر" وثمار تبرع المصريين فيه طوال الفترة الماضية، ولذلك طلب الرئيس بالاستمرار فى دعمه من أجل استكمال مسيرة مساعدة أهالى العشوائيات خاصة قاطني العشوائيات الخطرة من مناطق الدويقة، وعزبة خيرالله، وإسطبل عنتر، فتبرعات المصريين ستساعد فى المرحلة الثالثة من مشروع الأسمرات الذى تم تدشينه في يناير الماضى، وسيتم تنفيذه خلال عام واحد، حيث تم تخصيص 80 فداناً لإقامة 124 عمارة سكنية بتكلفة تبلغ 500 مليون جنيه يتحملها صندوق "تحيا مصر".
محصلة كل ذلك هو زراعة الأمل فى النفوس، والتأكيد على أنه لا فارق بين المصريين، وأن الجميع سواء أمام القانون، بدءًا من رئيس الجمهورية ذاته، وصولاً إلى عامة المواطنين، وإن الدولة عازمة على توفير الحياة الكريمة من خلال مد مظلة التأمين الصحي إلى 3 ملايين أسرة من الحاصلين على معاش التضامن الاجتماعي ومعاش تكافل وكرامة.
وحتى نصل إلى مصر خالية من العشوائيات، يجب أن ننفض عنا ميراث الماضى، وأن ننظر إلى الأمام، ونمد يد العون والتبرع بما يتيسر لمن يحاول مساعدة الناس بدلا من مصمصة الشفاة والتحسر على حالهم فى "برامج الشحاتة".