الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كرامة الوطن

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الفتنة الطائفية ملمح من ملامح المجتمع المصرى، زرعتها الدولة نفسها فى عهد السادات فى السبعينيات لإلهاء الناس عن حقوقهم فى الحياة.
ومعها تم تجهيل الناس بانطلاق الأفكار الوهابية والسلفية من الجوامع التى صارت بلا رقيب، وصارت تزداد بشكل رهيب كمظهر من مظاهر العناد مع المسيحية، كأن المسيحية صارت من عمل الشيطان.
بل صارت كذلك فى خطب المساجد والمدارس وحديث طويل مرهق ومقرف عما جرى فى البلاد من تحولات فى فكر الناس وأخلاقهم عمدا مع التجهيل المتعمد وسيطرة الطبقة الطفيلية على الحياة الاقتصادية وتحول اللصوص إلى سادة وأهل رأى وأهل حظوة وأهل سلطة! إذن لا غرابة فى الفتنة الطائفية وكل ما كنا ولا نزال نسمعه عن النسيج الوطنى التى لا تريده الدولة ولا الحكم مهما ادعت ذلك لأنها لا تزال على طريقها المعطوب فى الجلسات العرفية التى لم يكن لها أبدا من تأثير جاد.
لا الدولة ولا الأزهر ولا أى جهة تريد أن تنهى هذه الفتنة التى لها طريق واحد للإنهاء وهو القانون وتنفيذه على الجناة من أى طرف.
بل صار القانون يطبق على المسيحيين لا غير مثل ما جرى مع الأطفال الذين صنعوا فيديو عن داعش الذى قتل المصريين المسيحيين فى ليبيا، فأخذوا أحكاما غليظة بتهمة ازدراء الأديان.
هذه التهمة المنتظرة لأى شخص مسلم أو مسيحى يريد مستقبلا ترتفع فيه راية العقل، للأسف القانون موجود وتطبيقه جاهز، لكن حين يعتدى العشرات والمئات على المسيحيين فالجلسات العرفية منتظرة، ومن يرفض سيكون متهما بالعمل على خلق الفتن الطائفية، بل ربما يُتهم أنه إخوان! كيف حقا قاوم الأزهر وبيت العائلة والدولة تريد ألا يعرف أحد شيئا عن الأحداث فى زمن يعرف فيه الناس كل شيء عن أى شيء لحظة وقوعه، للأسف تم الضغط على السيدة سعاد التى فى السبعينيات من عمرها للصمت، ولم تستطع فتكلمت بعد أربعة أيام، فما جرى لها لا يمكن احتماله إلا بالموت كمدا، تنفست السيدة وقالت الحقيقة لكن كيف تتنفس السيدة الطيبة صاحبة الصوت الذى يصل إلى القلب فيدميه ألما من أجلها.
عدة أيام وتراجعت السيدة وقالت أنا مش عايزة حاجة من حد أنا مسامحاهم و«باشكر» الريس السيسى، طبعا شكرها للرئيس لقراره إعادة بناء بيتها، لكن ما قاله الرئيس عن ضرورة سرعة محاسبة الجناة يتأخر لأن أهل السلطة وأهل الأزهر يريدون حلا عرفيا، وهكذا تأتى التصريحات من كل مسئول للتقليل من شأن ما جرى، وهو أمر صار معلقا فى الفضاء بلافتة كرامة المصريين الضائعة، كرامة الوطن الضائعة.
أجل، هذه السيدة هى ملخص لمصر وللوطن، حادثها يؤكد إلى أى مدى صرنا بشرا لا نتمتع بأى صفة من البشر، والله لو كنا نعيش على كوكب القرود ما جرى مثل هذا الذى جرى مع السيدة الفاضلة، السيدة العظيمة التى دهسها الوطن فدهس نفسه، ولا يزال يدهسها كل مسئول يتردد فى تفعيل القانون على الجناة بحثا عن بيت ضائع للعائلة كما يقولون، بيت صار للعصابات واللصوص ولحاملى أفكار داعش الذى لا يكفره الأزهر، بينما يكفر بعض رجاله من يقول رأيه فى البخارى أو مسلم أو أبو هريرة أو غيرهم.
للأسف صار الوطن ينام على آثام وذنوب يهتز لها عرش الله الذى يتحدثون عنه ليل نهار ولا يعرفون للأسف كيف سيكون يوم تنتفض فيه السماء قريبا ولن يكون العقاب على من ارتكب الجرم فقط لكن على البلاد كلها من أعلاها إلى أسفلها، لأنها رضت وارتضت بما جرى لهذه السيدة باعتبارها مسيحية لا تهم أحدا وهى بالأساس إنسانة ومصرية.
إهانة البشر التى شملت شباب مصر وبناتها التى تفتح لهم السجون على رأى طبيعى جدا أن تمتد إلى إهانة امرأة فى هذا السن لدينها، فالدولة والجناة وجهان لعملة واحدة.
هما وجه السلطة الغاشمة ووجه التدين الكاذب الذى هو أعظم رصيد للأنظمة الشمولية لقمع الناس فلا يكون أمامهم إلا الرضا والصبر.
إذن انتظروا غضب الله ولن يبتعد.