الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عيون المصريين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قطعت من قبل كثيراً من خطوط الطول والعرض، وقابلت فى بقاع شتى من الأرض أناسا من كل قطر وجنس ولون، وبمرور السنين صرت على يقين من أن عيون المصريين تختلف عن عيون باقى الآدميين!.
فعيون الناس فى شتى البقاع صافية ويُرى لها لمعان.. أما عيون المصريين فذابلة وباهتة الألوان وتفتقد البريق إلى حد كبير!.
فى مطلع شبابى عنيت بتربية بعض حيوانات وطيور الزينة فى بيتى، ومن خلال الملاحظة الدقيقة فضلاً عن القراءة الرشيدة علمت أن من بين علامات صحة الحيوان أو الطير صفاء ولمعان أو بريق العينين.
وهذا للأسف الشديد يعنى أن اختلاف عيون المصريين عن باقى الآدميين ليس له معنى سوى أن المصريين مرضى!.. وتلك ولا ريب مصيبة عظمى.
بينما كنت ذات يوم فى سيارة تجرى بى إلى مدينة الحامول فى الطريق المؤدى إليها من مدينة كفر الشيخ لفت نظرى تحت أشعة الشمس مجرى مائى بطول الطريق ممتد، قذر محتواه ورائحته لا تُطاق، ظننته بسبب عِظم عرضه أنه ترعة، فلما استفسرت عن سبب قذارته ونتانة رائحته قيل لى: إنه مصرف للصرف الصحى اسمه (كُتشنر) يشق أرض أكثر من مدينة ومحافظة!، وتصبُ فيه صرفها قرى ومدن كالحامول والمحلة وطنطا، ويصبُ فيه صرفَه أيضاً أكثر من مصنع!، وفى مصيف بلطيم ينتهى مطاف المصرف حيث يصب محتواه فى البحر المتوسط! قلت: يا إلهى أمصرف للصرف الصحى فى هذا العصر مكشوف فى مصر ويصب فى البحر المتوسط فى نهاية الأمر؟!.. قيل لى: نعم، بل ويُروى منه على جانبى الطريق كل هذا الزرع!.. قلت: لا أكاد أصدق ما أسمع!.. قيل: وحتى تكون على علم بكافة الحقائق يؤلمنا أن نخبرك بأن ماءه تشرب منه الطيور والبهائم!، وفى بعض الأحايين يستخرج منه بعض الصيادين معدومى الضمير أكبر قراميط!، وفضلاً عن ذلك فهو المصدر الوحيد لملء أحواض مزارع السمك المنتشرة فى الحامول وبلطيم!، وأهل الحامول يشربون من ترعة يلتقى ماؤها بمحتوى المصرف! قال لى فلاح من فلاحى مصر: بينما كنا نجمع محصول الخيار فى الأرض التى أزرعها كان بجوارنا صاحبها، وحدث أن انكسرت أمام أعيننا خيارة فوقفت فوق قلبها ذبابة فماتت على الفور!، فسألنا صاحب الأرض عن أسماء الأسمدة والمبيدات المستخدمة وأمر بإعدام كل الثمار.
ثم استطرد الفلاح: صاحب الأرض يخشى الله، لكن غيره لا يخشاه! فى مصر نأكل الخضراوات والفواكه مهرمنة وبالمبيدات مسممة وأحيانا غير ناضجة!، ولقد اعترف المسئولون أن نهر النيل هو مصرف صحى عظيم لمعظم القرى المطلة عليه مكشوف وغير مغطى!.
والجانى دائمًا حر طليق خارج السجن مُنَعَّم والمجنى عليه غالبا حبيس فى سجن المرض يُعَذَّب! هذا قليل من كثير يبرهن على أن عيون المصريين ذابلة وتفتقد النضارة ولا تلمع لأنهم مرضى بسبب سوء المأكل والمشرب.. ولعل هذا المقال يَلفتُ أنظارَ الباحثين المتخصصين فيقوموا بعمل دراسات ومن ثَمَ كتابة توصيات ورفعها إلى المسئولين المعنيين.
ولا يجب أن أنهى هذا المقال من غير أن أشير إلى أنى قد استمعتُ بسرور كبير إلى قول الرئيس فى خطابه الأخير أنه فى خلال العامين القادمين سيتم تنفيذ مشاريع شبكات الصرف الصحى فى نحو خمسين فى المائة من القرى والريف.