الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الحبل الخفي والوهم الكبير

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وهم كبير اسمه العادة تسلبنا كثيرا من الحرية وتعرقل مسيرتنا فى أى اتجاه للتقدم فنحافظ على عاداتنا التى اكتسبناها من آبائنا ونضيف عليها كثيرا من العادات التى نكتسبها من حياتنا اليومية وخبراتنا.
ولكى نكون متخصصين فى هذا المقال سنتكلم فى العادات القاتلة فى مجال العمل وبالأخص لأصحاب القرار وليس الآن مجالا لمن هم مغلوبون على أمرهم وتلك العادات هى من التراث المتراكم الذى عفا عليه الزمن وأثقلته أتربة الزمن ونحن لا نعطى لأنفسا الفرصة لإزالة تلك الأتربة بل نزيد من تراكمها ونحافظ عليها بكل ما أوتينا من قوة.
فالإدارات العليا تنظر دائما لمبدأ الولاء وأصحاب الثقة فهم من يجعلون من مناخ العمل بالنسبة للمدير وصاحب القرار صمام الأمان والإحساس بالحنان ومثله كمثل إحساس الطفل بوجود أمه دائما بجانبه.
فما إن تأتى الفرصة وتحدث الأزمة نجد أن هؤلاء المتأزمين يتسارعون لبدلاء أمهاتهم ولا يحكمون عقولهم بل يحكمون قلوبهم الحزينة ويحاولون الحصول على الشعور بالأمان المشوه فالألم المعتاد.
وتلك الجملة من أهم الجمل التى تمر علينا مرور الكرام أو لم تمر علينا من قبل ونحتاج أن نتفهم كثيرا معناها لأنها من أساليب حياتنا اليومية المستوحاة من تراث مشوه وتظهر لنا ما نحن عليه من حماقة وعدم إدراك لمعنى التحرر والرقى الفعلي.
فلو اعتاد أحد الأشخاص وليكن موظفا من مديره أو صاحب القرار الذى تمر أوراق تحديد مصيره عليه أن يداعبه بأى لقب وإن كان هذا اللقب ليس ثناء بل قد تكون أحيانا إهانة توحى بالقرب مثل أن يدخل المدير يوميا مكتبه ويداعب موظفي إدارته يوميا عند دخوله بقوله أزيكم يا تعبانين مثلا وطبعا هناك ألفاظ أقوى تقال بين الأصدقاء بعضهم البعض تعبيرا عن قربهم.
فإذا جاء ذلك المدير يوما ودخل على موظفيه وبدلا من قوله إزيكم يا تعبانين وقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سينتابهم القلق وسيتساءلون: عن يا ترى ماذا أصابه فهو على غير عادته وسيقلقون إن كانوا فعلوا ما يستحق غضبه منهم فذلك الأمان الذى كانوا يشعرون به من كلمته ما هو إلا أمان مشوه فالألم المعتاد فإذا كانوا شعروا بالألم أول مرة يسمعون فيها ذلك الصباح فقد اعتادوا وأحسوا معه بالأمان.
ولا نقيس بذلك المثل فقط الألفاظ بل نقيس بها كل ما هو مشوه اعتدناه وأصبح مصدر ألم لنا على مر يومنا.
أفيقوا يا أصحاب القرار فهناك ما يسمى الكفاءات ولن تبنى الدول على حنان الأم.
ذات مرة ذهب فلاح إلى جاره يطلب منه حبلاً لكى يربط حماره أمام البيت أجابه الجار بأنه لا يملك حبلاً ولكن أعطاه نصيحة قال له يمكنك أن تقوم بنفس الحركات حول عنق الحمار وتظاهر بأنك تربطه لن يبرح مكانه، عمل الفلاح بنصيحة الجار وفى الغد وجد الحمار فى مكانه تماما ربت عليه وأراد الذهاب به إلى الحقل، ولكن الحمار رفض التزحزح من مكانه حاول الرجل بكل قوته أن يحركه ولكن دون جدوى.
أصاب الفلاح اليأس فعاد إلى الجار يطلب النصيحة فسأله هذا الأخير هل تظاهرت أمامه بأنك تحل رباطه؟
فرد عليه باستغراب ولكن ليس هناك رباط.
أجابه هذا بالنسبة إليك، أما بالنسبة إليه فالحبل موجود.
عاد الرجل وتظاهر بأنه يفك الحبل، ثم قاد حماره دون أدنى مقاومة هذه المرة، لا يجب أن نسخر من هذا الحمار.
فالناس أيضاً قد يكونون عبيداً لعادات وهمية وما عليهم إلا أن يكتشفوا ما هو الحبل الخفى الذى يلتف حول رقابهم ويمنعهم من التقدم للأمام.