الأربعاء 08 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"البوابة" تنشر القصة الكاملة لـ"فتنة الكرم"

الضحية: «سحلونى عارية فى الشارع.. ومسلمة سترتني»

الأنبا مكاريوس و
الأنبا مكاريوس و "سيدة المنيا"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بدأت بشائعة عن «علاقة عاطفية» بين قبطى ومسلمة.. والسيدة: «محصلش.. جوزى بيشهر بيا»
الشاب ترك منزله خوفًا من «القتل».. ووالداه حررا محضرًا بتلقيهما تهديدات قبل الواقعة بيوم
300 مسلح هاجموا المنازل.. و3 جردوا «والدة الشاب» من ملابسها لـ«تجريسها»


لا تزال حلقات مسلسل الغليان والتوتر الذى تشهده قرية «الكرم»، التابعة لمركز «أبوقرقاص» بمحافظة المنيا، بين مسلميها ومسيحييها، عرضا مستمرا، وتمثل آخر مشاهده فى تجمهر العشرات من مسلمى القرية أمام منازل إحدى العائلات القبطية، وإشعال النار بها، ما تسبب فى حرق ٥ منازل ومخزن وإصابة شخصين، إلى جانب تجريد «مسنة» قبطية من ملابسها، والسير بها فى الشارع. وتستعرض «البوابة» ما حدث بالتفاصيل.

"إشاعة حب" وراء الكارثة
بدأت الواقعة بتردد شائعات حول تورط شاب قبطى يدعى «أشرف عبده عطية» فى علاقة عاطفية مع ربة منزل مسلمة، تجمهر الأهالى على إثرها، واقتحموا منزله بعد أن كان غادره قبل أيام، ثم أخذوا والدته البالغة من العمر ٧٠ عاما، وجردوها من ملابسها كاملة، الجمعة الماضي.
وكشف الأنبا مكاريوس، أسقف مطرانية المنيا وأبوقرقاص، تفاصيل ما حدث، وذكر فى بيان صادر عن المطرانية: «الأحداث المؤسفة فى قرية الكرم، والتى تبعد ٤ كيلومترات من مدينة الفكرية بمركز أبوقرقاص، بدأت بعد شائعة علاقة بين مسيحى ومسلمة».
وأضاف: «تعرض المسيحى ويدعى أشرف عبده عطية للتهديد، ما دفعه لترك القرية، بينما قام والده ووالدته يوم الخميس ١٩ مايو، بتحرير محضر بمركز شرطة أبوقرقاص، يبلغان فيه بتلقيهما تهديدات، وبأنه من المتوقع أن تنفذ تلك التهديدات فى اليوم التالي»، لافتا إلى أنه وبالفعل، وتحديدا مساء يوم الجمعة خرجت مجموعة يقدر عددها بـ٣٠٠ شخص، يحملون أسلحة متنوعة، وتعدوا على ٧ من منازل الأقباط، فقاموا بسلبها وتحطيم محتوياتها وإضرام النار فى بعضها، وتابع البيان: «تقدر الخسائر مبدئيا بنحو ثلاثمائة وخمسين ألفًا من الجنيهات».
وأشار الأنبا مكاريوس إلى أن المتعدين جردوا سيدة مسيحية مسنة من ثيابها هاتفين ومشهرين بها أمام الحشد الكبير بالشارع، ثم وصلت قوات الأمن إلى هناك فى العاشرة من مساء نفس اليوم، وقامت بالقبض على ٦ أشخاص، وتباشر الآن التحقيق معهم، وتابع: «نثق فى أن مثل هذه السلوكيات لا يقبلها أى شخص شريف، كما نثق بأن أجهزة الدولة لن تقف منها موقف المتفرج، ونحن إذ نشكر مقدمًا أجهزة الأمن، نثق بأنها لن تدخر جهدا فى القبض على جميع المتورطين ومحاسبتهم».
فيما أوضح الدكتور إيهاب عادل رمزي، المحامي، أن السيدة العجوز التى تم تجريدها من ملابسها، وإجبارها على السير «شبه عارية» فى الشارع تدعى «سعاد ثابت»، وتبلغ من العمر ٧٠ سنة، مشيرا إلى أنها حررت محضرًا اتهمت فيه عددًا من الأشخاص بالاعتداء عليها بالضرب وتجريدها من ملابسها، لكونها والدة شخص متهم بإقامة علاقة غير شرعية مع ربة منزل مسلمة بالقرية.
وذكرت المجنى عليها، فى البلاغ، أن نحو ٣٠٠ شخص تجمهروا أمام منزلها، وقاموا بإشعال النيران فى ٥ منازل أخرى، ثم قام بعضهم بالاعتداء عليها بالضرب وجردوها من ملابسها، وأخرجوها للشارع عنوة.
وأشار «رمزي» إلى أن هناك ٣ رجال من بينهم زوج السيدة المسلمة، طرف الشائعة، جردوا السيدة العجوز من ملابسها حتى «الداخلية» منها، وظلت تترجاهم لستر عورتها ورفضوا، ثم أخرجوها للشارع على مرآى ومسمع من الجميع، إلى أن قامت إحدى الجارات، وعلى الأرجح أنها «مسلمة»، بالتدخل لستر عورتها، ثم قاموا بإحراق المنزل ومنازل أخري، وأطلقوا أعيرة نارية ومولوتوف، ونتج عن ذلك إصابة مزارع ونجله من أقارب الأسرة المسيحية.
وأوضح «رمزي»، أن الأمن حاول أن يقلل من خطورة وفظاعة الواقعة، خاصة أنه تم إخطارهم بالموقف، كما أن أحد رجال الدين المسيحي، أبلغ وحدة المباحث بمركز أبوقرقاص، ولم تتحرك الشرطة حتى بإرسال جندى واحد، مضيفا : ما حدث بالقرية جاء نتيجة إهمال أو عمد، والاثنان غير مقبولين من جهاز الشرطة، والتى تخاذلت لوأد هذه الفتنة، خاصة أن الأسرة القبطية حررت محضرا قبل حدوث المشاجرة بيوم واحد يفيد بتلقيهم تهديدات، لافتا إلى أن هناك نحو ٢٥ متهما شاركوا فى الأحداث وهم المعلومون، بالإضافة إلى آخرين لم يتم تحديدهم، وتم إلقاء القبض على ٥ أشخاص فقط.

مصر اتعرت
وأطلق الكاتب الصحفى عبدالرحيم علي، رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير «البوابة»، وعضو مجلس النواب، هاشتاج على مواقع التواصل الاجتماعى باسم «مصر اتعرت فى المنيا»، استنكارا لواقعة سحل عجوز بقرية «الكرم».
وكتب «علي» فى تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»: «أشعر بالعار أن تجرد سيدة فى سن والدتى من ملابسها، وتجرجر فى شوارع القرية لا لذنب ارتكبته سوى لأنها أم لشاب مسيحى أثُيرت شائعة حول أنه أقام علاقة آثمة مع سيدة مسلمة.. لو أننى من رجال تلك القرية لدفنت نفسى حيًا من عمق الشعور بالخزى والعار لكن العيب ليس فيهم العيب فى دولة القانون التى لم تتحقق بعد على أرض الواقع فى مصرنا المحروسة حتى الآن».
وتساءل «علي» قائلا: «هل آن الأوان يا سيدى الرئيس أن نحققها على الأرض بداية من تلك البقعة الصغيرة من أرض مصر فى أبوقرقاص وبداية من تلك الحادثة المشينة؟ أتمنى ذلك فى القريب العاجل، أما فيما يتعلق بالبرلمان فأطالب بتشكيل لجنة تقصى حقائق على أعلى مستوى للتحقق من الواقعة واتخاذ ما يلزم تجاهها».
أما مجدى ملك، عضو مجلس النواب عن دائرة محافظة المنيا، فقال إن ما حدث للأم المصرية المسنة فى قرية «الكرم» سيكون نقطة تحول فاصلة لاستعادة قيم المجتمع المصرى التى غابت بسبب عدم تطبيق القانون وترك الأحداث الفردية وسيلة للمتربصين، وصناعة وافتعال أحداث وتأجيجها لانهيار الدولة وهذا لن يحدث، مضيفا: «مصر بأقباطها ومسلميها سيقفون بكل قوة لإعلاء دولة القانون ومحاسبة كل مسئول مقصر فى أداء واجبه وكل من ارتكب جرم فى حق المجتمع».
وتابع: «لابد أن نتعلم جميعا أن نعلى من قيم القانون، وأن يشعر الجميع اننا فى دولة القانون ولابد أن تتخذ الإجراءات القانونية لمعاقبة من يثبت تورطهم فى هذا الفعل، ويجب أن تتخذ الإجراءات القانونية ضد من نصبوا أنفسهم بديلا للقانون والدولة وقاموا بالاعتداء على المنازل وإحراقها وعلى الجميع أن يراعى ما تمر به البلاد من محاولة الوقيعة أو اختلاق المواقف وتأجيجها».

المحافظة يكشف مفاجأة
من جانبه، تعهد اللواء طارق نصر محافظ المنيا، بتطبيق القانون على المخطئ أيا ما كان، مؤكدا أن الجميع أمام القانون سواسية، وأن هناك من يحاول تأجيج الموقف وإشعال الفتنة الطائفية فى قرية «الكرم» فى ظل أن النفوس مشحونة من الطرفين.
وأضاف: «منذ اللحظة الأولى للأحداث التى شهدتها الكرم يوم الجمعة الماضي، اتخذت فيها الإجراءات القانونية وهى أمام النيابة العامة، وسيطرت قوات الشرطة على الأحداث، وحررت محضرا بالواقعة، وتم ضبط ٥ من المتورطين وعرضهم على النيابة واتجهت الأمور فى القرية إلى الهدوء، إلى أن فوجئنا أمس الأول الأربعاء بتدخل البعض فى الأزمة وإشعالها من جديد وإضافة تفاصيل جديدة للأحداث بتجريد سيدة قبطية من ملابسها سبق التحقيق مع زوجها فى الواقعة ولم يتطرق هو أو غيره إلى هذا الأمر من قريب أو بعيد».
وأكد أن الأمور المتعلقة بالشرف والعرض فى الصعيد لابد من التعامل معها بحساسية كبيرة، ولابد من علاجها بحكمة، مؤكدا أن هذا لا يتعارض مطلقا مع الإجراءات القانونية التى سيتم تطبيقها على الجميع بلا استثناء، خاصة أن هناك من يستغل مثل هذه الأحداث لتأجيج مشاعر الطائفية وتسخين الأمور.