الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"أوباما" ينهي ولايته بسياسة استعراضية لمكافحة الإرهاب.. اهتمام باغتيال قيادات التنظيمات وإعلان عن "القنابل الافتراضية".. وخبراء: أمريكا صنعت الإرهاب وأبعدته عن ساحتها.. ولا اختلاف بين "بوش" وخليفته

أوباما
أوباما
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أدى مقتل زعيم تنظيم القاعدة الملا أختر منصور، الذي نفذته القوات الأمريكية أمس الأول، إلى فتح جدال حول السياسة العسكرية الأمريكية خلال الولاية الرئاسية لباراك أوباما، والتي واجهت اتهامات بالتخاذل في محاربة الإرهاب ودعمه بشكل مباشر أو ضمني، مع وجود عدة شواهد على ذلك الدعم، أشهرها إلقاء مساعدات للفصائل السورية المعارضة بطريق الخطأ إلى تنظيم داعش في أكتوبر 2014. 
اتخذ أوباما استراتيجية التدخل غير الفعال في الدول التي تعاني من الإرهاب، والابتعاد عن سياسات نظيره السابق جورج بوش في التدخل البري المباشر. حيث تم التدخل جويًا في دول أفغانستان وباكستان والعراق وسوريا وليبيا دون إنزال قوات برية، وفي بعض الأحيان تتم عمليات الطيران الأمريكي مباشرةً دون مراعاة سيادة تلك الدول أو التنسيق مع حكامها، مع التركيز على استخدام طائرات استطلاع وتنفيذ عمليات بدون طيار.
وركزت السياسة بشكل أساسي على "اصطياد" القيادات الإرهابية الكبرى بدلًا من شن عمليات كبرى على معاقله، بدءًا من أسامة بن لادن مؤسس تنظيم القاعدة الذي تم تفجير منزله في أبوت آباد الباكستانية في مايو 2011، وتوالت العمليات المشابهة خلال عامي 2015 و2016 من خلال اغتيال عبد الرحمن القادولي، الرجل الثاني في تنظيم داعش والمرشح لخلافة أبو بكر البغدادي في تزعم التنظيم، في مارس الماضي، واغتيال أبو فراس السوري، عضو مجلس الشورى بجبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة، في أبريل الماضي، والتنسيق مع قوات الدول لاستهداف عدد القيادات وولاة الأقاليم، وأبرزهم علي الأسود مسئول الاستخبارات لدى داعش والمشرف على أمن البغدادي، وانتهاءً باغتيال الملا أختر منصور قبل أيام بعدما تعقبته وكالات التجسس الأمريكية أثناء زيارته لعائلته في إيران، وقصفت طائرة بدون طيار سيارته عند الحدود الأفغانية. 
وطرح أوباما كذلك مبادرة فريدة من نوعها في محاربة تنظيم داعش، أعلن عنها خلال معرض هانوفر السنوي للتكنولوجيا في ألمانيا، في أبريل الماضي، حيث تحدث عن مصطلح الحرب الإليكترونية على التنظيم كجزء من الخطة العسكرية في مواجهته ، قائلًا: "نحن نلقي بالقنابل الافتراضية، وهو شيء لم نفعله من قبل"؛ معلنًا عن تولي المجلس الإليكتروني التابع للقوات المسلحة الأمريكية شن تلك العملية العسكرية. 
وبدأ مصطلح "القنابل الافتراضية" في الظهور على الساحة العسكرية الأمريكية، واهتمت به المواقع الأمريكية المعنية بالشئون العسكرية والتكنولوجية على السواء. وذكر موقع "إكستريم تيك" أن المجلس الإليكتروني بدأ خلال هجمته بـ "العبث بالكتب الخاصة بالتنظيم، وأصبح لدى قيادات داعش تخوفات من تغيير تسجيلاتهم الصوتية التي يبثونها عبر شبكة الإنترنت"، حيث ركز المجلس على تغيير محتوى الكتب الإليكترونية التي ينشرها التنظيم أو مسحها أحيانًا. 
كذلك وضع المجلس اختراق محادثات التنظيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي على رأس أولوياته، من خلال هويات مزورة لأشخاص يدعون تأييده ويتمكنون من معرفة عادات الأعضاء وما يبثه التنظيم من أفكار، وهو ما قد يزرع الشك داخل المقاتلين في كل أمر صادر عن القيادات لأنه قد يكون مزورًا أو مخترقًا. وأيضًا اختراق إجراءات تحويل الأموال إلى فروعه وأعضائه في دول العالم، بالعمل على عدم وصول الأموال إليهم أو منع وصولها بشكل منتظم؛ وهو ما يضع داعش أمام تهديد بأن يهجره أعضاؤه الذين بدأوا ينسحبون بسبب خفض الأجور، وبالتالي قد يزداد معدل انسحابهم في حال عدم انتظامها أو عدم وصولها إليهم.
في هذا الصدد قال د. محمد كمال، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن أوباما اتجه في الفترة الثانية لولايته الرئاسية إلى اتخاذ إجراءات لافتة للأنظار في الحرب على الإرهاب، مثل استهداف القيادات الإرهابية الكبرى وتطوير الحرب الإليكترونية على تنظيم داعش، حتى يذكره التاريخ بتلك الأعمال مع قرب انتهاء رئاسته للولايات المتحدة. 
وأوضح في تصريحات لـ "البوابة نيوز": "بعد تجربة الولايات المتحدة في العراق قرر أوباما عدم التدخل بريًا في الدول أثناء محاربة الإرهاب، وبالتالي تستخدم أدوات عسكرية أخرى لا تسبب مشاكل أو تورّطها في قضايا أكبر، مثل الضربات الجوية وتصفية القيادات والقضاء على مصادر التمويل". مضيفًا أنها تبتعد عن التورط في دول أخرى نظرًا لأن الإرهاب لا يمثل تهديدًا مباشرًا لأراضيها. 
فيما رأى عمرو عبد العاطي، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن السياسة التي تتبعها إدارة الرئيس الأمريكي بارك أوباما في محاربة الإرهاب لا تختلف كثيرًا عن سياسة نظيره السابق جورج بوش، وإن كانت هناك فروق دقيقة بينهما. 
وأوضح في تصريحات لـ "البوابة نيوز": "تعتمد سياسة أوباما على عدم التدخل المباشر لمحاربة الجماعات الإرهابية، نظرًا لتكلفته العالية ماديًا ومعنويًا التي لن يسمح المواطن الأمريكي بتحملها، واستخدام طائرات بدون طيار واستهداف القيادات ومناطق التمركز الرئيسية للجماعات الإرهابية، مثل استهداف أنور العولقي زعيم تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، في 2011 باليمن". 
وأضاف عبد العاطي أن القوات الأمريكية تعتمد على الانخراط في تحالفات دولية، والاعتماد على القوات العربية في محاربة الإرهاب على أرضها بتقديم الدعم الاستخباراتي والمشورة لها. ورأى أن السياسة الأمريكية نجحت في عهد أوباما وبوش في الحفاظ على المصلحة الأمريكية من الإرهاب. 
واتفقت د. نهى بكر، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في القاهرة، مع عبد العاطي، في أن سياسات الرئيس الأمريكي باراك أوباما في محاربة الإرهاب لا تختلف عن سياسات نظيره السابق جورج بوش إلا في نقاط دقيقة، تتعلق باختلاف وضع الجماعات الإرهابية في المرحلتين. موضحة في تصريحات لـ "البوابة نيوز": "الإدارة الأمريكية الحالية تنتهج سياسة عدم التدخل المباشر البري بمكافحة التنظيمات، التي أصبحت حاليًا أكثر شراسة وتوغلًا في الحياة المدنية بما يصعب استهدافها مباشرةً، ولا تنحصر في أماكن معينة بل تنتشر في دول العالم، وتستحوذ على موارد دول ومساحات كبرى حتى ان داعش يستولي وحده على مساحات تفوق مساحة بريطانيا العظمى".
وتابعت بكر، أن الإدارة تتدخل حاليًا في شكل تحالفات دولية، وتتدخل من خلال جمع المعلومات وإمداد الدول وتمكينها من محاربة الإرهاب، لأن الرأي العام الأمريكي لا يقبل التدخل المباشر الذي يعيد إليه جنوده جثامين من دول الصراع، ولا يسنح الوضع الاقتصادي بتدخل مباشر. مضيفة: "أوباما ينفذ العمليات السريعة المحدد مثل اغتيال القيادات الإرهابية، وآخرها الملا منصور زعيم حركة طالبان، لأنه يضع في أولوياته تحقيق نجاح سريع للحزب الديمقراطي، وتنفيذ أهداف تُضعف التنظيمات الإرهابية سريعًا". 
وأشارت إلى أن سياسات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وتداعيات تدخلها في العراق في 2003، كانت جزءًا من أسباب نمو الإرهاب. 
وفيما يتعلق باستمرار تلك السياسة الأمريكية الحذرة في مكافحة الإرهاب بعد رحيل أوباما عن الرئاسة، توقع كمال أن تستمر إذا فازت هيلاري كيلنتون مرشحة الحزب الديمقراطي بمنصب الرئاسة، في حين قد يتخذ دونالد ترامب مرشح الحزب الجمهوري سياسة أكثر تشددًا وتوريطًا للولايات المتحدة في حالة فوزه. وكذا رأى عبد العاطي أن سياسات أوباما ستستمر في حالة فوز هيلاري كلينتون بمنصب الرئاسة، لكونها عضوًا سابقًا في إدارة أوباما ولا تختلف مع سياساته. مؤكدًا: "في كل الأحوال لن تعود الولايات المتحدة إلى سياسة التدخل المباشر في الشرق الأوسط، لعدم وجود خطر إرهابي مباشر عليها، كما أن إسرائيل حليفتها الأساسية أصبحت تشعر بالأمان ولا تحتاج إلى إجراءات كهذه".