السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إمام السلام في الفاتيكان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
دقت أجراس الكنائس ترحيبا بإمام السلام والإسلام بعاصمة الدولة المسيحية، في محاولة جادة تستهدف دعم القيم السماوية التي يحملها الإسلام والمسيحية ضد أعداء الحياة، ويتابع العالم والمحبين للسلام زيارة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر للفاتيكان، المعنية برسائل السلام ومفهومه الحقيقي، والتي تضمن سبل التعايش بين البشر رغم اختلاف معتقداتهم وأديانهم، حيث حملت هذه الزيارة روح النبي محمد صلى الله عليه وسلم في شخص شيخ الأزهر الشريف، وثقافة وعلم رجال هذه المؤسسة، التي تعد أحد أهم المنابر الدينية التنويرية العريقة بالعالم، فضلا عن أنها أحد الركائز الرئيسية لمحاربة التطرف الفكري والديني الذي تواجهه البشرية في مغارب الأرض ومشارقها.
يحتاج العالم في هذه الظروف التي يمر بها كوكبنا الى العمل الجاد والمضى قدما لنشر السلام وثقافة التسامح في العالم أجمع بعد أن مزقته الصراعات العرقية والمذهبية بدعم مباشر من شركات السلاح العالمية والتي تتخذ من منطقة الشرق الأوسط مركزا رئيسا لهذا الصراع حتى أصبحت كل الصراعات في المنطقة الآن عربية - عربية، والدول غير العربية تحقق مصالحها في المنطقة العربية بأموال عربية وأيادي عربية وأرواح عربية.
وخلال ترحيبه بشيخ الأزهر أكد البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، أن الأزهر الشريف له دورا كبير في نشر ثقافة السلام والتعايش المشترك والحوار الهادف، مما يجعل العالم يعلق آماله على رموز الدين وعلمائه ورجاله، ويقع على المؤسسات الدينية العالمية مثل الأزهر والفاتيكان عبء كبير في إسعاد البشرية ومحاربة الفقر والجهل والمرض، بالاضافة لجهوده في مواجهة الفكر المنحرف، مما يعني ان دور الأزهر في هذه الفترة من تاريخ العالم مهم ومحوري.
يعلم الغرب قيمة الأزهر الشريف، على عكس البعض من رجال الدين الاسلامي، لذلك يعمل البعض منهم على هدم هذه المؤسسة بدعم من الدول المعادية لمصر حتى يتمكنوا من نجاح مخططاتهم المعادية للحضارة الانسانية إذا نجحوا في هدم هذه المؤسسة التي تعد أحد أدوات مصر وقومتها الناعمة منذ ألف عام، لذلك فان الإرهاب والقتل والتدمير الذي تشهده المنطقة، يشير إلى دلالة كبرى وهي وجود إشكالية عميقة في تعليمنا وثقافتنا وقيمنا وفهمنا للدين والحياة التي لن نستطيع العيش بها دون التسامح وقبول الأخر.
ولأن مصر توقفت منذ فترة عن ركب الحضارة بسبب ماشهدته من ثقافة الإضمحلال خلال العقود الست الماضية، تراجع دور كل مؤسساتها بشكل ملحوظ بعدما ظن القائمون على الحكم خلال تلك الفترة أن الذكاء مهم لتحقيق النجاح، إلا أنهم تناسو أن هناك نوعا متعاليا (higher-order) من الذكاء أكثر أهمية وهو الذكاء في كيفية إستخدام الذكاء من أجل تحقيق الأهداف المرجوه، فكانت النتائج مخيبة للظنون، لذلك قام البعض باستغلال هذه الظروف من أجل تحقيق مصالحه المرتبطة بهدم أركان الدولة ومؤسساتها.
إن كل فكرة أو ظاهرة أو سلعة تم تحريمها سابقا بإسم الدين من قبل المشايخ غير الأزهريين، ثم صدر فتوى السماح بها لاحقا، جعلنا ندفع فاتورتها الغالية بتراجعنا عن ركب الحضارة والتطور، لذلك عرف الجميع قيمة وقامة وقدر مؤسسة الأزهر الشريف عقب أحداث 25 يناير، وهو ما يتطلب منا جميعا دعم هذه المؤسسة العريقة صاحبة النفوذ القوي أو ما يسمى بالقوة الناعة لمصر من أجل التصدى لكل دعوات التطرف التي يبث سمومها رجال الدين وأصحاب الدعوة المتطرفة، حتى أصبحت التجارة الرائجة في المنطقة العربية منذ إندلاع الربيع العربي هي تجارة الموت بعد أن تراجع دورنا في مسيرة حضارة الحياة.
ويعد الفاتيكان عاصمة المسيحية ودولتها وحضارتها القائمة على المحبة بين الشعوب، وهو ما يؤكده كافة الباباوات الذين جاؤا على رأسه منذ القدم، وشارك الفاتيكان على مر العصور في التصدى للتطرف من خلال نشر رسالاته التي تدعى الى التعايش والسلام بين الأمم، ويهتم البابا فرنسيس منذ وصوله الى مكانته المقدسة الى نشر روح المحبة والتسامح بين الشعوب فضلا عن اهتمامه بالشعوب المنكوبة.
يتمتع الأزهر بعلماء أجلاء يمتلكون القدرة على الفتوى بما يتوافق ويتواكب مع مستحدثات العصر برئاسة الشيخ الجليل الدكتور الطيب إسما وخلقا، حتى أصبح هذا الرجل يحمل رسالات السلام والتسامح في العالم أجمع وليس في منطقتنا فقط، لذلك يجدر القول هنا أن ما يمكن أن نناله بالتسامح والرحمة والتعقل والتعايش أكثر بكثير مما نناله بالصراعات والقسوة، وهو ما يؤكد أن التعايش خيار الأقوياء، وهذا هو ملخص رسالة الأزهر وعلمائه.