الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

إسماعيل ياسين.. المُضحك الحزين

إسماعيل ياسين
إسماعيل ياسين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ولد إسماعيل ياسين يوم 15 سبتمبر عام 1912، وهو الابن الوحيد لصائغ ميسور الحال في شارع عباس في مدينة السويس، وتوفت والدته وهو لا يزال طفلًا يافعًا.
التحق إسماعيل بأحد الكتاتيب ثم تابع في مدرسة ابتدائية حتى الصف الرابع الابتدائي وعندما أفلس محل الصاغة الخاص بوالده نتيجة لسوء إنفاقه ثم دخل والده السجن لتراكم الديون عليه اضطر الفتى للعمل مناديًا أمام محل لبيع الأقمشة، فقد كان عليه أن يتحمل مسئولية نفسه منذ صغره، ثم اضطر إلى هجر المنزل خوفًا من بطش زوجة أبيه ليعمل مناديًا للسيارات بأحد المواقف بالسويس.
كان إسماعيل ياسين يعشق أغنيات الموسيقار محمد عبدالوهاب ويرددها منذ نعومة أظفاره ويحلم بأن يكون مطربًا منافسًا له.
وعندما بلغ إسماعيل ياسين من العمر 17 عامًا اتجه إلى القاهرة في بداية الثلاثينيات حيث عمل صبيًا في أحد المقاهي في شارع محمد علي، وأقام بالفنادق الصغيرة الشعبية.
ثم التحق بالعمل مع الأسطى "نوسة" والتي كانت أشهر راقصات الأفراح الشعبية في ذلك الوقت، ولأنه لم يجد ما يكفيه من المال تركها ليعمل وكيلًا في مكتب أحد المحامين للبحث عن لقمة العيش أولًا.
عاد إسماعيل ياسين يفكر مرة ثانية في تحقيق حلمه الفني، فذهب إلى بديعة مصابني بعد أن اكتشفه توأمه الفني وصديق عمره وشريك رحلة كفاحه الفنية المؤلف الكوميدي الكبير أبو السعود الإبياري والذي كوّن معه ثنائيًا فنيًا شهيرًا وكان شريكًا له في ملهى بديعة مصابني، ثم في السينما والمسرح، وهو الذي رشحه لبديعة مصابني لتقوم بتعيينه بفرقتها، وبالفعل انضم إلى فرقتها ليلقي المونولوجات في ملهى بديعة مصابني.
استطاع إسماعيل ياسين أن ينجح في فن المونولوج وظل عشر سنوات من عام 1935- 1945 متألقًا في هذا المجال حتى أصبح يلقى المونولوج في الإذاعة نظير أربعة جنيهات عن المونولوج الواحد شاملًا أجر التأليف والتلحين والذي كان يقوم بتأليفه دائمًا توأمه الفني أبو السعود الإبياري.
وفى عام 1939 كان بداية دخوله السينما عندما اختاره فؤاد الجزايرلى ليشترك في فيلم "خلف الحبايب" وقدم العديد من الأفلام لعب فيها الدور الثاني من أشهرها في تلك الفترة "علي بابا والأربعين حرامي" و"نور الدين والبحارة الثلاثة" و"القلب له واحد"، وقد قدم إسماعيل ياسين أكثر من 482 فيلمًا في حياته.
في عام 1945 جذبت موهبة إسماعيل ياسين انتباه أنور وجدي فاستعان به في معظم أفلامه ثم أنتج له عام 1949 أول بطولة مطلقة في فيلم "الناصح" أمام الوجه الجديد ماجدة.
استطاع ياسين، أن يكون نجمًا لشباك التذاكر تتهافت عليه الجماهير وكانت أعوام 52 و53 و54 عصره الذهبي حيث مثل 16 فيلمًا في العام الواحد وهذا لم يستطع أن يحققه أي فنان آخر.
ورغم أن إسماعيل ياسين كان لا يتمتع بالوسامة والجمال، وهي الصفات المعتادة في نجوم الشباك في ذلك الوقت، إلا أنه استطاع أن يجذب إليه الجماهير عندما كان يسخر من شكله وكبر فمـه في معظم أعماله، فاستطاع أن يقفز للصفوف الأولى وأن يحجز مكانًا بارزًا مما جعل المنتجين يسعون للتعاقد معه على أفلام جديدة وأصبح البطل الوحيد الذي تقترن الأفلام باسمه حتى وصل للقمة.
وفي عام 1954 ساهم في صياغة تاريخ المسرح الكوميدي المصري وكوّن فرقة تحمل اسمه بشراكة توأمه الفني وشريك مشواره الفني المؤلف الكبير أبو السعود الإبياري وظلت هذه الفرقة تعمل على مدى 12 عامًا حتى 1966 قدم خلالها ما يزيد على 50 مسرحية بشكل شبه يومي من تأليف أبو السعود الإبياري.
وبداية من عام 1955 كوّن هو وتوأمه الفني أبو السعود الإبياري مع المخرج فطين عبدالوهاب ثلاثيًا من أهم الثلاثيات في تاريخ السينما المصرية وتاريخ إسماعيل ياسين وأبو السعود الإبياري أيضًا فقد عملوا معًا في أفلام عديدة.
يذكر أن 30% من الأفلام التي قدمها نجم الكوميديا كان وراءها المخرج فطين عبدالوهاب، وكانت تحمل أغلبها اسم إسماعيل ياسين، حيث انتجت له الأفلام باسمه بعد ليلى مراد ومن هذه الأفلام إسماعيل ياسين في متحف الشمع – إسماعيل ياسين يقابل ريا وسكينة – إسماعيل ياسين في الجيش - إسماعيل ياسين في البوليس – إسماعيل ياسين في الطيران – إسماعيل ياسين في البحرية – إسماعيل ياسين في مستشفى المجانين – إسماعيل ياسين طرزان – إسماعيل ياسين للبيع والتي كان معظمها من تأليف أبو السعود الإبياري.
ولازمه في هذه الأفلام الممثل رياض القصبجى الشهير بالشاويش عطية، حيث كانت مشاهدهما ولا تزال إلى الآن محطة مهمة في تاريخ الكوميديا والتي يستمتع بها الجمهور حتى الآن بسبب المفارقات العجيبة والمواقف الطبيعية والمقالب التي يدبرانها لبعضهما البعض كما شاركهما التمثيل في بعض هذه الأفلام عبدالسلام النابلسي.
والتقت شادية بإسماعيل ياسين في نحو 23 فيلمًا ما بين عامي 1949 و1954 بمعدل لا يقل عن 3 أفلام في العام الواحد، وكان أول لقاء بينهما في فيلم "كلام الناس" ثم التقيا مرة أخرى في فيلم "صاحبة الملاليم" وكان لنجاحهما معا أكبر الأثر مما جعل المنتجين والمخرجين يجمعون بينهما.
فكان لإسماعيل ياسين دور بارز في أفلام شادية حتى ولو لم يكن هو البطل الرئيسي للفيلم، ومن الأفلام التي جمعتهما "في الهوا سوا" و"حماتي قنبلة ذرية"و”مغامرات إسماعيل يس” و”الظلم حرام” و”الحقونى بالمأذون” ويعتبر فيلم “الستات ما يعرفوش يكدبوا” آخر فيلم جمع بينهما عام 1954 بالاشتراك مع شكري سرحان وزينات صدقي.
مثل إسماعيل يس مع الكثير من الممثلين والمطربين فقد قضى مدة طويلة في دور الرجل الثاني أو مساند البطل حتى واتته الفرصة فأصبح بطلًا وقام ببطولة الكثير من الأفلام التي تبدأ باسمه، وقد شاركه في أكثر هذه الأفلام أصدقاء عمره: رياض القصبجى، زينات صدقى، حسن فايق، عبدالفتاح القصرى، عبد السلام النابلسي.
وفي “دهب” الذي أخرجه أنور وجدي عام 1953 قدم إسماعيل ياسين مشهدًا صامتًا من فن البانتوميم، عندما يندمج في أكل “المكرونة” الوهمية وشرب الشوربة التي لا وجود لها، وفي الفيلم نفسه قدم مع الطفلة فيروز عدة استعراضات غنائية تضاف إلى الثروة الهائلة التي خلفها، في هذا المجال.
فيلم “الآنسة حنفي” لفطين عبد الوهاب 1954 الذي يكتسب قيمة فريدة سواء بكشفه عن سلبيات الرجل “الشرقي” المصر على حقه في الهيمنة على المرأةـ إسماعيل ياسين قبل أن يتحول إلى “الآنسة حنفي” أو بكشفه عن إصرار المرأة على انتزاع حقوقها، إسماعيل بعد تحوله إلى آنسة، وبلمسات إسماعيل ياسين الساحرة وبأدائه “الكاريكاتوري” خصوصا في مشاهد الحمل والولادة ما زال الفيلم قادرا على إثارة الضحك حتى الآن.
وقد استعان إسماعيل ياسين وشريكه أبو السعود الإبياري بعدد كبير من المخرجين المرموقين في إخراج مسرحياتهم منهم: السيد بدير، محمد توفيق، عبدالمنعم مدبولي، نور الدمرداش، كما عمل في مسرح إسماعيل ياسين نخبة كبيرة من كبار النجوم أمثال عبدالوارث عسر، شكري سرحان، سناء جميل، تحية كاريوكا وغيرهم.
وحققت أفلامه أعلى الايرادات في تاريخ السينما العربية حتى اليوم وذلك نسبة لعدد السكان في وقته وعدد دور العرض وقيمة التذكرة السينمائية ايامها كانت رخيصه وأيضا وقت حروب الكثيرة التي كانت تعاني منها مصر في فترة زمنية من 48 إلى 73 وما زالت أفلامه العديدة القديمة “أبيض وأسود” هي المادة المفضلة لدى قطاع عريض من الجمهور في مصر والعالم العربي لأنه استطاع أن يرسم البسمة على شفاه الجماهير بفضل ملكاته ومواهبه المنفردة.
ساهم إسماعيل ياسين في صياغة تاريخ المسرح الكوميدي المصري وكون فرقة تحمل اسمه وظلت هذه الفرقة تعمل على مدى 12 عامًا من عام 1954 حتى عام 1966 قدم خلالها مايزيد على خمسين مسرحية بشكل شبه يومي.
تزوج إسماعيل ياسين 3 مرات، ولم ينجب غير ولد واحد هو المخرج الراحل ياسين إسماعيل ياسين من زوجته الأخيرة السيدة فوزية.
ورغم هذا النجاح الساحق الذي حققه إسماعيل ياسين خصوصًا فترة الخمسينيات لكن مسيرته الفنية تعثرت في العقد الأخير من حياته واضطر إلى حل فرقته المسرحية عام 1966 ثم سافر إلى لبنان وعمل في بعض الأفلام القصيرة منها “فرسان الغرام، وكرم الهوى، ولقاء الغرباء، وعصابة النساء” وعمل مرة أخرى كمطرب للمنولوج كما بدأ ثم عاد إلى مصر محطمًا كسيرًا وعمل في أدوار صغيرة لا تتناسب مع تاريخه الحافل ولم يرحمه أحد أو يقدره أحد ودون مقدمات.
ولكن الرئيس السادات فكّر في تكريم هذه القيمة الفنية غير المسبوقة في تاريخ الفن المصري الشريف ولكن وافت نجمنا المنية في 24 مايو 1972 إثر أزمة قلبية حادة قبل أن يستكمل تمثيل دوره الأخير والصغير في فيلم بطولة نورالشريف ولذلك كان يسمى بـ”المضحك الحزين” فرغم أن أكثر أفلامه كوميدية ومضحكة، إلا أنه كان يعيش حزينًا وخاصة آخر أيام عمره.