الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

حسن نصرالله مواطن إيراني شريف

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يبدو أن تجربة «المواطنين الشرفاء» فى مصر، والتى كان آخر تجلياتها حصار نقابة الصحفيين خلال أزمة النقابة مع «الداخلية» ليست مقصورة على مصر وحدها، فهى سمة عربية بل وشرق أوسطية أيضًا، وإذا أردت الدليل القاطع على عربية وشرق أوسطية هذه الظاهرة فها هو الأمين العام لعصابة حزب الله اللبنانى، حسن نصرالله، الذى يمكن اعتباره «مواطنًا إيرانيًا شريفًا» بصورة نموذجية، فمهمته هى قتل وإرهاب و«الشرشحة» لأى معارض أو رافض لسياسة ملالى طهران تحت لافتات عدة منها أن المعارضين عملاء وتابعون للمشروع الأمريكى الصهيونى، وأنه مع إيران يحاربان المشروع التكفيرى الدموى الفوضوى الغربى، إلى آخر هذه الأسطوانات المشروخة التى تعتبر «عدة أكل العيش» للمواطنين الشرفاء فى كل زمان ومكان.
ومن شاهد المواطنين الشرفاء فى القاهرة ثم شاهد خطاب نصرالله الأخير لا بد أنه سيحسد طهران على «مواطنها الشريف» الذى تفوق فى «شرفه» على جميع المواطنين الشرفاء فى مختلف بقاع الكرة الأرضية.
خرج نصر الله الجمعة الماضي ليعلق على مقتل القائد العسكرى بالحزب، مصطفى بدرالدين، قرب مطار دمشق، فهدد وتوعد: «نحن باقون فى سوريا وسيذهب قادة منا إلى هناك بعدد أكبر وسنكمل هذه المعركة، ونحن على يقين أن جهادنا، إلى جانب كل الجهود فى سوريا، سيؤدى إلى فشل المشروع الأمريكى الصهيونى التكفيرى الآل سعودي».
وحول مكانة وأهمية بدرالدين فى المعارك الدائرة فى سوريا قال: «كان المسئول المباشر لوحدات (حزب الله) التى عملت فى سوريا منذ اتخاذ القرار التدريجى بالذهاب إلى هناك». وأضاف «إنه تحمل مسئولية إدارة وقيادة هذه الوحدات».
وكالعادة أراد أن يضفى عليه هالة مقدسة فاخترع له دورًا فى محاربة إسرائيل قائلا: «كان للشهيد الكثير من الإنجازات فى مجال تفكيك شبكات العملاء الإسرائيلية، وكان من أوائل رجالات هذه المقاومة منذ اللحظات الأولى وساعاتها الأولى، وكان فى مقدمة المقاتلين فى مواجهة العدو الإسرائيلى فى معركة (خلدة) مع مجموعة من الإخوة المجاهدين الذين شكّلوا النواة الأولى للمقاومة الإسلامية، وأصبح بعضهم من خيرة قادتها»، ومضى مستعرضا أحداثا وقصصا وأكاذيب من هذه العينة.
وحول المتهم فى قتل بدرالدين نفى نصرالله تورط إسرائيل، متهما «الجماعات التكفيرية»، وعلل تبرئة إسرائيل قائلا: «إننا حتى فى الحرب النفسية لا نكذب ولا نتَّهِم بالسياسة حتى عدونا»،
من بين هذا الركام والضلال الذى قاله نصرالله توجد ثلاث نقاط تستحق التوقف عندها:
أولًا: الحديث عن مواجهة نصرالله وإيران وبشار لما سماه المشروع الأمريكى الصهيونى التكفيرى الآل سعودى.. تضليل وضلال ونصب لا يحتاج إلى عناء لكشفه، فالخلاف بين أمريكا والسعودية أصبح أوضح من الشمس فى منتصف نهار يوم صيفى، وأوباما رئيس أمريكا خرج أخيرا ليهاجم السعودية ونظامها، ليس هذا فحسب بل أثنى ودافع هذا الرئيس «الصهيونى المتحالف مع آل سعود» على إيران.
كان يمكن تصديق هذا الكلام مثلًا قبل توقيع الاتفاق النووى بين إيران وأمريكا والغرب، بل إن المتابع لهذا الاتفاق لا بد أنه قرأ ما تناقلته وسائل الإعلام الغربية والشرقية من نجاح «لوبى إيراني» فى تسويق الاتفاق النووى وفشل «اللوبى الخليجي» فى إفشال هذا الاتفاق، هل بعد هذا كله يمكن تصديق الحديث عن «مشروع أمريكى صهيونى آل سعودي» معاد لإيران ونصرالله وبشار!!!! أما الحديث عن أن نصرالله وأسياده فى طهران يواجهون التكفيريين، فملالى طهران لا يكفرون السنة وحدهم بل كانوا يكفرون العلويين - الطائفة التى ينتمى اليها بشار الأسد - فى سوريا حتى أواخر ثمانينيات القرن الماضى، حتى صدرت فتوى سياسية بعدم تكفيرهم لتسهيل اختراق سوريا.. ونصوص تكفير مراجع الشيعة قديمًا وحديثًا لأهل السنة معروفة ومشهورة
ثانيًا: أضفى نصر الله هالة نضالية على بدرالدين وقال إنه شارك فى المقاومة ضد إسرائيل، ثم استخدم «شغل التلات ورقات» بهجومه على المحكمة الدولية لاتهامها بدرالدين وثلاثة آخرين بالضلوع فى قتل رئيس الوزراء اللبنانى رفيق الحريرى عام ٢٠٠٥، وصدر قرار الاتهام فى ٢٩ يوليو ٢٠١١ لكن على افتراض أن بدرالدين لم يتورط فى قتل الحريرى، ماذا يقول نصرالله عن الـ٧ عمليات إرهابية التى نفذها «المناضل ضد التكفيريين» فى الكويت فى ١٣ ديسمبر عام ١٩٨٣، واعتقل على أثرها عام ١٩٨٤ بعد شهر واحد من التفجيرات ليحكم عليه بـ«الإعدام». ثم قام الإرهابى الآخر، عماد مغنية، بخطف الطائرة الكويتية وقتل اثنين على متنها للضغط على الكويت لتفرج عن بدرالدين، كما حاول الحزب اغتيال أمير الكويت فى منتصف الثمانينيات.. وباءت كل هذه المحاولات بالفشل قبل أن ينجح بدرالدين من الهروب من السجن عام ١٩٩٠ أثناء الغزو العراقى للكويت.. هل كان بدرالدين يواجه المشروع التكفيرى الصهيونى فى الكويت؟!!
ثالثًا: أمر متوقع أن يبرئ نصرالله إسرائيل من قتل «قائد جناحه العسكري» لسبب بسيط أن إيران لا تريد فى هذه الفترة فتح جبهة خلاف مع إسرائيل حتى لا يفشل الاتفاق النووى مع الغرب وحتى يستمر بشار، رغم أن الملابسات المحيطة بالحادث تشير إلى تورط إسرائيل فى مقتل بدرالدين بل إن الذى أكد ذلك هو جريدة الأخبار اللبنانية الناطقة باسم نصرالله وحزبه، كما لاحظ أليكس فيشمان المحلل العسكرى بصحيفة يديعوت فى ١٥ مايو الجارى حيث قال «نشرت صحيفة (الأخبار) المتماثلة مع حزب الله بأن بدر صفى بصاروخ أرض موجه. عمليًا، هذه طريقة عمل تذكر بالحملة التى تعرف فى إسرائيل بقضية (تساليم ب) فى العام ١٩٩٢، حين أعدت وحدة (سييرت متكال) خيارًا لتصفية صدام حسين من خلال صاروخ أرض متطور. ومن المهم الإشارة إلى أن قدرة من هذا النوع لا توجد إلا فى أيدى الجيوش، ولهذا فقد سارع حزب الله إلى إصدار بيان تعديل لما نشر فى (الأخبار)، وأصر على أن هذا قصف من (منظمات الإرهاب)».. النص منقول عن ترجمة صحيفة «رأى اليوم» الإلكترونية....... أخيرا أود أن أقول لنصرالله: يارجل.. كفى شرفاً.