الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عندما دخل أبو منى في "القزاز بدماغه"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شيئًا.. فشيئًا.. يسكت النغم
ويهدأ الرقص وتتعب القدم
وتكنس الرياح كلّ مائدة
فتسقط الزهور
وترفع الأحزان فى أعماقنا رؤوسها الصغيرة
فطهّروا بالحبّ ساعة الوداع!
(أحمد عبدالمعطى حجازى).
.. ويرحل عمنا سيد عبدالراضى عن عالمنا، يرحل العامل ابن الحديد والصلب، يرحل القائد النقابى والعمالى، يرحل أحد مؤسسى حزب التجمع ومكتب العمال المركزى، يرحل نائب الشعب عن دار السلام رغم أنف الإخوان المسلمين، يرحل أبو منى كما تعودت أن أناديه.
كتبت منذ عامين على صفحتى عن إحدى دورات الانتخابات النقابية عندما دخل مرشح على خالد محيى الدين زعيم حزب التجمع، قائلا: «إلحقنى يا ريس زوروا الانتخابات».. رد خالد محيى الدين اعمل زى ما عمل سيد عبدالراضى.. المرشح سأل عمل إيه؟.. رد خالد محيى الدين: دخل فى القزاز بدماغه وكشف التزوير.. الواقعة صحيحة، واضطرت لجنة الانتخابات إلى إعلان النتيجة الحقيقية بفوز عمنا سيد عبدالراضى بأعلى الأصوات.
المفارقة الحزينة أن «فيس بوك» ذكرنى بهذا البوست يوم رحيل أبومنى وقمت بإعادة نشره دون أن أعلم برحيل عم سيد.
كان عم سيد من نشطاء «فيس بوك»، ولا أعرف كيف كان يجد وقتا وسط كل همومه اليومية كى يكتب تعليقاته، فى ١١ يوليو ٢٠١٤ كتب رسائل قصيرة إلى الإخوان بخصوص ما يحدث فى غزة قال فيها:
- انتو فاكرين فى مظاهرات زمان، لما كنا بننزل علشان القضية الفلسطينية، لما كنتوا بتخلعوا أول ما تيجى سيرة مبارك، وتكتفوا بهتافاتكم اللزجة والمعلبة.
- طيب فاكرين لما كنتوا بتهتفوا كل مرة «خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود»، وبعدين لما وصلتوا للحكم عملتوا من بنها.
- انتو عارفين إنكم انتو وحماس بتتحملوا جريمة تراجع التعاطف الشعبى المصرى، غير المبرر تحت أى ظرف، بسبب مواقفكم تجاه الشعب اللى كان طول عمره حافظ وحاضن للقضية الفلسطينية ورافض للتطبيع.
- ممكن تنقطونا بسكاتكم وتبطلوا تزايدوا على السلطة الحالية، لأن مرسيكم وهو فى الحكم كان راعى اتفاق التهدئة اللى بينص على، وقف الاعتداء على أحفاد القردة والخنازير، زى ما كان بيقول.
- أخيرا، مؤكد ومن غير شرح كتير، إنتو عارفين أكيد إن موقفنا ضد الاحتلال الصهيونى ومع الشعب الفلسطينى، اللى بيدفع جنب معاناته من الاحتلال، ثمن الانقسام اللى ما زالت حماس بتنتهز كل فرصة لتكريسه، فموقفنا أكيد مع الشعب الفلسطينى ومقاومته، علشان بس تبطلوا نغمة حماس دى.
فاز أبومنى عن جدارة فى أول انتخابات لمجلس الشورى ٢٠١٢ بعد انتفاضة ٢٥ يناير عن دائرة دار السلام وحلوان والمعادى، وانتزع المقعد العمالى من أنياب الإخوانجية، رغم إعلانه الحرب على حكمهم، ورفضه لسياسة التمكين التى يتبعها مرسى وجماعته وهم فى الحكم، وظل مناهضا لحكمهم حتى سقوطهم فى انتفاضة ٣٠ يونيو.
فى جنازته اجتمعت مصر بكل ألوان الطيف السياسى والنقابى والعمالى، نعاه حزب التجمع والتحالف الشعبى الاشتراكى والحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى والحزب الشيوعى المصرى والحزب الاشتراكى المصرى الذى أصدر بيانا بعنوان «مصر تودع ابنها البار».
قال سيد عبدالعال، رئيس حزب التجمع: «رحل الرفيق والصديق سيد عبدالراضى أحد أهم قادة النضال العمالى منذ سبعينات القرن الماضى، ولا يمكن الحديث عن المعارك النقابية والسياسية لعمال الحديد والصلب دون ذكر سيد عبدالراضى كرمز لأبناء جيله داخل المصنع وخارجه، متضامنا ومساندا لحقوق العمال فى أى مكان على أرض مصر. ولن أنسى إطلاقا أنه قد كتب وهو معتقل فى سجن مزرعة طرة بيانا نجح فى تهريبه إلى خارج المعتقل يطالب زملاءه فى المصنع إعلان الإضراب ضد دخول رئيس دولة إسرائيل إلى مصنع الحديد والصلب، وبالفعل استجاب العمال، ونجح الإضراب فى منع الزيارة، وكان ذلك فى شهر ديسمبر عام ١٩٨٠».
وقال حمدى حسين، عضو المكتب السياسى للحزب الشيوعى المصرى: «رحل عنا القائد النقابى العمالى سيد عبدالراضى ابن الطبقة العاملة المصرية وقائد الحديد والصلب، العامل المثقف الواعى بفكر الاشتراكية العلمية، والذى قدم كل أبنائه وبناته للعمل السياسى تحت راية الاشتراكية.
السلام أمانة يا قائد لابنك المناضل هانى عبدالراضى ورفاق دربك عبدالحميد الشيخ وعطية الصيرفى ونبيل عبدالغنى، وعبدالرشيد هلال وعبدالرحمن خير وكل الرفاق الذين سبقوك للعالم الآخر. وقال التحالف الشعبى الاشتراكى، فى بيانه، إن اليسار المصرى والحركة العمالية والنقابية قد فقدت واحدا من أبرز قادتها المخلصين الذى قام بدور بارز فى جميع قضايا ونضالات عمال شركة الحديد والصلب المصرية، منذ اعتصام ١٩٧١، وفى رفض زيارة رئيس الكيان الصهيونى العنصرى للشركة فى نوفمبر ١٩٨٠، واعتصام عمال الحديد والصلب فى أغسطس ١٩٨٩، وكان نزيلا دائما على سجون السادات ومبارك، وظل وفيا فى جميع المعارك النقابية والعمالية المبدئية.
كما خاض مع زملائه معركة الدفاع عن القطاع العام ومقاومة خصخصته وتصفية شركاته، كما شارك مع زملائه، القادة النقابيين والعماليين فى تأسيس لجنة الدفاع عن القطاع العام فى تسعينيات القرن الماضى، وكان من أبرز القادة الذين قاموا بتأسيس اللجنة التنسيقية للدفاع عن الحقوق والحريات النقابية ٢٠٠١، كما ساهم فى إعداد مشروع قانون الحريات النقابية ٢٠٠٨ قبل الثورة».
بعد إعلان رحيل أبومنى اشتعلت صفحات «فيس بوك» بكلمات الرثاء والحب والحزن والدعاء، من بينها كلمات أحمد بلال: السيد نام، كنوم السيف العائد من إحدى الغزوات. وقال Petra Malek: «لا إله إلا الله... إنا لله وإنا إليه راجعون.. عمنا سيد عبدالراضى غير عنوانه.. سبقنا للغالى Hany Abdelrady. سلملنا على الحبايب يا عم سيد.. السلام أمانة». وقال حسانين الفنان: «رحل رجل وعاش رجل، عاش مناضلا جاسورا، ورحل مصارع أمواج الفكر واﻷلم والفقدان، عاش من أجل الحياة لغيره، ورحل من أجل أن يجد الحياة عند فلذة كبدة «هانى سيد عبدالراضى». وقال حمدى عبدالعزيز: «رحل عمنا المناضل الجميل سيد عبدالراضى الذى أعطى حياته لقضية الطبقة العاملة والطبقات الشعبية المصرية. قلبى مع عائلة عبدالراضى، إحدى ظواهر النضال الوطنى التى شيدها الفقيد، فهى لم تكن قد جففت دموعها بعد على فقيدها المناضل الشاب هانى عبد الراضى ليلحق به عميد العائلة». كان الفقيد هانى عبدالراضى من ورد الجناين، رحل فى عامه السادس والعشرين، ورغم حزن أبومنى على فلذة كبده، كتب على صفحته فى ٢٠ أغسطس ٢٠١٥: «إلى الذين يتحدثون عن المرحوم هانى عبدالراضى من الأسرة والأصدقاء أرجو أن نكتفى، وعدم النشر على مواقع التواصل الاجتماعى، لأنها ليست حكرا لنا، وللناس حق فى أفراحهم وأعياد ميلادهم حتى تحل ذكرى الأربعين، لنرى ما يناسب الراحل الغالى… والدكم».
وداعا أبومنى، ستظل سيرتك مدرسة لكل القادمين بعد أن تعلمنا منها الكثير.