الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

السلطة الدينية والسلطة السياسية عند الأب متى المسكين (1)

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إن علاقة السياسة بالدين في نظر الأب متى المسكين هي أولى الإشكاليات التي طرحها ؛ لأنها تلك الإشكالية التي فرضت نفسها منذ أن وُجدت الأديان ووُجدت السلطة؛ ولأنها أصبحت قضية العصور الوسطى، إن لم تكن الوحيدة، حيث استعان الأب متى المسكين بالتاريخ الذي عرفه بدقة؛ ليتتبع تطور تصور الكنيسة لدورها في المجتمع وفي الدولة؛ لذلك فقد رأى الأب متى المسكين أن قضية علاقة السلطة الدينية بالسلطة السياسية قضية لا تنتهي عبر التاريخ البشري، بداية من العصور الوسطى؛ ولذلك نجد أن الأب متى المسكين، في دعوته المعاصرة بين السلطتين، يدعو للفصل بينهما، مُنطلقًا من آية الكتاب المقدس «أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله» (متى 22: 21). ويشير الاب متى المسكين إلى قوتين:القوة الأولى هي "القوة الزمنية " والقوة الثانية هي "القوة الروحية " ويرى أن القوتين متعارضتان لا يمكن أن تجتمعا معًا، فالواحدة تلغي الأخرى، وإذا مالت الكنيسة إلى القوة الزمنية سواء في العصور الماضية أو الحالية والحاضرة فهي بالضرورة تفقد معونة الروح القدس؛ فلا تشهد بالحق.
فالأب متَّى يضع أمامنا مفهومين في العلاقة بين المادة والروح، مفهوم «القوة الزمنية» المتمثلة في السلطان على العالم المادي، ومفهوم القوة الروحية، أي قوة الروح القدس؛ حيث إن لكل منهما عالمه الخاص، العالم الأرضي والعالم السماوي، الأولى تختص بالسلطة الزمنية، والأخرى تختص بالقوة السماوية التي هي من قِبَل الله. وفي الوقت الذي يدعو فيه الأب متى المسكين الكنيسة إلى أن تبتعد عن السلطة الزمنية، يدعوها أيضًا ألا تستهتر بقوة السلطان الزمني؛ فالأب متى المسكين يرى أن الاستهتار بالسلطان الزمني يُعتبر تشجيعًا للشر والأشرار، كما أن تشجيع الرعية على الاستهتار بالسلطان الزمني بحجة أن الكرامة والخضوع لله فقط، أي للكنيسة، خطر بعيد المدى. ومثل هذا التعليم المخالف للكتاب المقدَّس يسيء إلى الله وإلى المسيحية؛ وتظهر المسيحية بصورة غير صحيحة على أنها عدوة للدولة والوطنية، وهذا افتراء وجهل وبالتالي يكون الدين عثرة في تقدُّم الوطن والإنسانية؛ لأن ذلك الاتجاه، في رأي الأب متى المسكين، يُنشئ التحيز والانقسام، ويزيد من التعصب، بل وينتج عنه أيضًا عقدة الاضطهاد عند الأقليات، فيصبحون مركز ثقل في الدولة يُعيق تقدمها. ويصف الأب متى المسكين هذه الروح بأنها غريبة عن المسيح، وناتجة عن الجهل.
الكنيسة والوطن 
من خلال التعويل على نصوص الأب متى المسكين فيما يختص بالموضوع نجد أن هناك 
نوعان من الوطن، عند الأب متى المسكين، أولهما الوطن السمائي، وثانيهما الوطن الأرضي، والأول لا يزول، ولا يفنى، وبه الحياة الأبدية. ويحدد لنا الأب متى مفهوم “الحياة الأبدية”، إذ قال: «لم تدع الحياة الأبدية بالوطن الأفضل للإنسان إلا على أساس أن الحياة الأرضية فاضلة أيضًا»؛ ويعلل ذلك بقوله: «إن الأفضل لا يمكن أن يكون أفضل إلا بسبب وجود ما هو فاضل».
هناك علاقة بين الوطن السمائي والوطن الأرضي علاقة تكامل، وتكمن دعوة الأب متَّى الإحيائية في المسيحية في التأكيد على أهمية الجانب المادي في الإنسان بارتباطه بالعالم أو الوطن الأرضي، وأيضًا أهمية الجانب الروحي المرتبط بالوطن السمائي؛ حيث إن كليهما يكمل الآخر. وفي هذه المسألة يختلف مع الاتجاه الأُغسطيني الذي يفضل الوطن السمائي، أي مدينة الله، على الوطن الأرضي، يقول أوغسطين: «إن سعادتنا وسعادة أولادنا لا تتعلق أبدًا بتلك الثروات الفانية التي نفقدها في حياتنا أو نتخلّلى عنها، ساعة الموت إلى أيدٍ مجهولة قد تكون عدوّة. الله وحده يجعلنا سعداء، الله وحده رضى الأرواح الحقيقيّ».
يميز الأب متى المسكين بين العالمين أو الوطنين السمائي والأرضي، ويرفض أن يخلط بينهما، كما يرفض التقليل من شأن واحد على حساب الآخر. يقول الأب متى المسكين: «الوطن الأرضي ضرورة للإنسان؛ ليكون كاملًا جسديًا، كما أن الوطن السمائي ضرورة؛ ليكون كاملًا روحيًا أيضًا... إنَّ كَبْتَ الروح الوطنية نوع من وَأْدٍٍ الروح الإنسانية، ومحاولة توجيه الإنسان نحو وطنه السمائي على حساب احتقاره للوطن الأرضي... هو قصورٌ في فهم النفس البشرية». ويختلف هنا الأب متى المسكين اختلافًا جذريًا عن اتجاه رئيسي كان موجودًا في المسيحية ألا وهو الأوغسطينية. 
فيما سبق يقرر الأب متى المسكين على أهمية كلٍّ من الجانبين الجسدي والروحي للإنسان وعدم إهمال واحد من الجانبين؛ إذ ليس هناك تعارض بينهما بل تكامل؛ لأن مصدرهما واحد هو الله، وكلاهما مرتبطان بالوطن الأرضي والوطن السمائي، وأن خدمة أحدهما لا تعطل خدمة الآخر بل تعطى حياة كاملة للإنسان. فالأب متى المسكين - فيما سبق - ينادي بالوَسَطِيَّة أو التوسط والاعتدال، فلا يتجه الفرد إلى التفريط في علاقته لا بالوطن الأرضي ولا بالوطن السمائي، كذلك لا يتجه إلى الإفراط بل التوسط والاعتدال. ويتضح ذلك عنده عندما يرى أن خدمة الوطن الأرضي لا تعطل خدمة الوطن السمائي، وعلى هذا فإنْ جَمَع الإنسان بين الصفات اللازمة للأولى وضَّمها إلى الثانية، فيرى الإنسانية في أعلى صفاتها كيف تخدم الله. 
جدد الأب متى المسكين الدعوة الدينية، ودعا إلى التجديد في الفكر العربي المسيحي، وهو بصدد قضية الجانب الروحي والجانب المادي عند الإنسان، الجانب الذي يرتبط بالوطن السمائي، والجانب الذي يرتبط بالوطن الأرضي. فدعوته موجهة إلى تربية الشباب على أساس عدم ترجيح جانب على الآخر باستخدام النهي والتحذير. وقد عَرَضَ الأب متى المسكين أهمية تنمية الروح الوطنية لدى الشباب عن طريق تنميته الروحية السليمة له من أجل خلق علاقات سليمة وناجحة ونافعة بوطنه وأهله وأصدقائه، فالروح الوطنية، عند الأب متى المسكين، ترتفع بمستوى الأحداث إلى هدف أعلى وإلى سلوك وطني مخلص لمنفعة المجتمع. عند الأب متى المسكين، أن ثمة رسالة خطيرة تقع على عاتق الذين يتولون تدريس الدين للشباب؛ فدورهم يكمن في توجيه ميول الشباب وأهدافهم لخدمة الوطن الأرضي، وخدمة الله أيضًا باجتهاد، مُعوِّلًا على قول الرب: «أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله»؛ 
ونجد في تقسيم الأب متى المسكين للوطن السمائي والوطن الأرضي تشابهًا كبيرًا بينه وبين القديس أوغسطين؛ يقول القدِّيس أوغسطين: «أصل المدينتين وتقدُّمهما وغايتهما الحتمية إحداهما مدينة الله، والأخرى مدينة العالم». قد يكون الأب متى المسكين قد قرأ مدينة الله لأوغسطين، وربما يكون ذلك التقسيم متشابهًا مع تقسيم الأب متى المسكين الثنائي للوطن: أرضي، وسماوي، إلا أن الجديد في دعوة الأب متى المسكين هو أن الإثنين يكمل كل منهما الآخر، دون تغليب الواحد على الآخر، وذلك على العكس من القدِّيس أوغسطين. ويحدد الأب متى المسكين أن «أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله»، بأن حقَّ قيصر يبدأ وينتهي عند حدود الوطن الأرضي، وحق الله يبدأ عند حدود ملكوته الأبدي في الوطن السمائي، ولا نهاية لحق الله
ولقد فرَّق الأب متى المسكين بين طبيعة الوطن الأرضي والوطن السمائي بتمييزه بين طبيعة العالم وطبيعة الملكوت، ويتحدث أيضًا عن فكرة السلام الأبدي الذي يعطيه الله للإنسان ولكل الناس وهو أبدى كطبيعته. يقول الأب متَّى: «العالم، أول كل شيء، متغير متقلقل، وبالنهاية زائل، هذا هو أساس طبيعة العالم، أما طبيعة ملكوت الله فهي ليست هكذا أبدًا. فسلامها قائم دائم أبدي». ومع ذلك فلا تعارض بينهما؛ فملكوت الله يبدأ بانتهاء العالم. إذن، فلا تعارض بين حق الله وحق قيصر، وليس بينهما معادلة؛ حيث إن حق الوطن هو فرض يقوم به الإنسان على الأرض، ويؤدي كل عمله بشرف، وأدب، ومعرفة وشجاعة، وثبات. أما حق الله، فهو حق الروح بما لها من صفات كالوداعة، والتواضع، والمحبة، والصفح، وغيرها. إذن، فكما يقول الأب متَّى بوطنين: الوطن السمائي والوطن الأرضي، فعنده أيضًا حقَّان، حق يختص بالوطن الأرضي، والذي يعيش فيه الإنسان جسديًّا، وحق يختص بالوطن السمائي، والذي يعيش فيه الإنسان روحيًا. وأن لكل جانب مهمة يقوم بها لا تعطل الجانب الآخر، بل كلاهما مكملان بعضهما لبعض. يمكن أن نُطلق على الأب متى المسكين لقب المُصلح الذي يريد تجديد فكر الإنسان بداية من الشباب، الذين هم نواة أي مجتمع، بل أساس أي مجتمع. فإذا تربى الشباب على أساس من التوازن بين الجسد والروح نتج لنا مجتمع سليم وبنَّاء. 
فإذا كان الأب متى المسكين كراهب يعني بالجانب الروحي في الإنسان وببنائه بناءً سليمًّا، فإنه كمصلح مهموم بالجانب المادي، الذي يجب بدوره التكامل مع الجانب الروحي في الفرد الذي هو في آن واحد مواطن ومؤمن؛ لكي يستطيع التكيُّف مع مجتمعه، ويتفاعل فيه، وينفعل به؛ لنصل إلى مجتمع أساسه ليس فردًا واحدًا، بل مجموعة من الأفراد، كل منهم يقوم بواجبه على أكمل وجه؛ لنصل إلى مجتمع ناضج وسليم وبنَّاء. 
الكنيسة وحرية المواطن المسيحي
الأب متى المسكين في حديثه عن الكنيسة والمواطن المسيحي يرفض أن تجمع الكنيسة بين السلطتين الزمنية والسياسية، بل يرفض تدخل السياسة في الدين؛ لأن السياسة إذا تشابكت مع الدين أضعفت من قوته. ولذلك يؤكد أن «ليس للكنيسة أن تعتمد على قوة السلطان الزمني، ولا يليق لها أن تجمع بين سلطانها الروحي والسلطان الزمني». يُفرِّق الأب متى المسكين بين كلٍّ من الله والعقيدة والكنيسة، فالكنيسة عنده كما يقول: «تسأل المواطن المسيحي فيما يختص بإيمانه وعقيدته وسلوكه الروحي»، أما عن الله فقال: «الله موجود في فعل العطاء وفعل خدمة الفقير كما هو موجود في فعل المحبة تمامًا»، وعنده العقيدة تختص بإيمان الإنسان بالله وممارستها وترجمتها إلى سلوك. 
وإذا كان المواطن المسيحي وتصرفاته جزءًا من السلطان الزمني فيجب ألا يقع تحت سلطان الكنيسة؛ لأن الكنيسة تسأل المواطن المسيحي فيما يختص بإيمانه، وعقيدته، وسلوكه الروحي. وطبقًا لذلك يحدد الأب متى المسكين مفهوم «حرية المواطن المسيحي»، بقوله: «إن حرية المواطن المسيحي مكفولة في التصرف، وإبداء الرأي، والاشتراك في كل ما يخص وطنه، في كل الأمور الاقتصادية، والاجتماعية والسياسية على السواء، دون الرجوع إلى الكنيسة، ودون أن تكون الكنيسة مسئولة عن تصرفه، طالما هو يعبد الله بخوف حسب ناموسه المسيحي».يؤكد الأب متى - فيما سبق – على حرية المواطن المسيحي، وإن كانت عنده حرية مشروطة. فعلى الفرد الاشتراك في كل ما ينفع وطنه طالما يخاف الله، وذلك عكس ما حدث في العصور الوسطى. وليس للكنيسة سيطرة كاملة على المواطن المسيحي، أي سيطرة دينية سياسية في آن واحد. 
ويتضح من ذلك اختلاف موقف الأب متى المسكين عن موقف الكنيسة في مراحل سابقة من التاريخ؛ ركز، إذن، الأب متى المسكين على أهمية رجل الدين، وعلى مهامه التي يجب أن يقوم بها، بحيث لا يتدخل في علاقته مع رعيته من خلال الكنيسة في اتجاه سياسي، أو اقتصادي، أو غيره من الاتجاهات في علاقته بالدولة، وخاصة الاتجاه السياسي. وهنا وفي طيات كلماته وأفكاره يدعو إلى الفصل بين السياسة والدين؛ فلكل منهما مجال، ولكل منهما اتجاه، ومهمة الكاهن أو رجل الدين محصورة في رعاية شئون كنيسته بشعبها، وخاصة الشئون الروحية، والإرشادات الأخلاقية السليمة، التي تتفق مع روح الدين. 
فالأب متى يعي تمامًا، طبقًا لنصوص الكتاب المقدَّس، ما هي حدود رجل الدين وواجباته وحقوقه تجاه شعبه الكنسي، وتجاه مجتمعه، وتجاه الحكومة. فدعوته العصرية بفصل السياسة عن الدين دعوة مُلحة، وخاصة بعد أن اختلطت في العصر المعاصر الأمور السياسية بالأمور الدينية؛ وكان نتيجة ذلك ظهور تيارات واتجاهات مختلفة ومنشقة عن روح المسيحية؛ وتدعو في الوقت نفسه باسم المسيح!
ولا يكتفي بتحديد مهام رجل الدين بما عليه من واجبات، وما له من حقوق، بل يتطرق إلى ما هو أخص وأهم للمساهمة في إقامة مجتمع سليم، من خلال توضيحه لمسئولية المواطن المسيحي تجاه أنظمة الحكم، منطلقًا من روح المسيحية. ولنقف وقفة عند هذه القضية ألا وهي: 
المواطن المسيحي وأنظمة الحكم 
يبدأ الأب متى المسكين بالبحث في هذه القضية بقوله: «على المواطن المسيحي أن يدرك أنه مسئول أمام ضميره وأمام التاريخ عن أنظمة الحكم في الدولة». يضعنا من خلال كلماته هذه أمام إشكالية علاقة الفرد المسيحي بوطنه، ويضعنا أمام عدة مفاهيم: التاريخ، والمواطن، والمسئولية، والضمير. ولم يقدم صفة «المسيحي» على صفة «المواطن»، ولكنه قدَّم المواطنة على الدين؛ ليوضح أهمية انخراط المسيحي في مجتمعه، ثمَّ يقرر أن المواطن المسيحي مسئول أمام الضمير والتاريخ، وكأنما أراد أن يُحمَّل الفرد مسئولية كبيرة، هذه المسئولية أمام عنصرين مهمين، هما الضمير والتاريخ. ما عرضنا هو دعوة واضحة من الأب متَّى لمشاركة الفرد في الحياة السياسية، ولا يكون ذلك من أجل الفرد فقط، ولكن من أجل المجتمع ككل. 
ذهب الأب متَّى إلى أن الكنيسة ليس لها اتجاه خاص في أنظمة الحكم، ولا تساند وضعًا اجتماعيًّا أو سياسيًّا، ولكن في الوقت نفسه تساند المواطن المسيحي، وتعطي له عطية عظيمة، ألا وهي «الحرية الكاملة»؛ كي يتصرف المواطن كيفما يشاء في أمور الدنيا حسب تقاليد المجتمع وأعرافه، وبما يتوافق مع الأخلاق السليمة. فالمواطن يُسأل أمام الدولة عن تصرفاته، وإذا أخطأ فلن يصيب الكنيسة شرًا، وإنما ستحمل عاره كمواطن مسيحي وابن لها. وبهذا يكون الأب متى قد وضع يده على أساس نجاح أي نظام سياسي أو اجتماعي في أي وطن. ويؤكد على أن الدولة هي المسئولة عن ثقافة المواطن، وتربيته المدرسية، وبينما الكنيسة مسئولة عن تربيته الروحية.
ميَّز الأب متى المسكين بين العقيدة والسياسة لا لصالح السياسة، كما حدث في الغرب، إنما لصالح الدين حتى يجُنِّب البشر ما حدث لأمثالهم في الغرب، وما يعانون منه حتى الآن؛ نتيجة لإعلاء شأن المادة على الروح. وتقع على عاتق الكنيسة مسئولية ترك المواطن المسيحي يتحرك كيفما يشاء، فهي معاوِنة له بالصلاة فقط. جدَّد الأب متى علاقة المواطن المسيحي ومسئوليته تجاه أنظمة الحكم في سياق علاقة الكنيسة بالدولة، ونجد دعوة صريحة عصرية للفصل بين الاتجاه الكنسي والاتجاه السياسي، بالرغم أنهما في مجتمع واحد؛ لأن الفصل بينهما يعمل على تنمية وعي الفرد تنمية موضوعية بعيدًا عن أية مؤثرات دينية؛ ليكون عضوًا فعالًا في وطنه، وذلك بخلاف ما هو قائم من حركة تسييس الدين،. فالأب متى المسكين من خلال دعوته هذه يقودنا إلى مفهوم “المواطن الحر” الإيجابي الفعال في ممارسة واجباته وحقوقه، دون التقيد بالكنيسة؛ فهي مسئولة فقط عن نموه الروحي السليم. 
علاقة الأخلاق بالسياسة
إن الأخلاق عند الأب متى المسكين هي «مجموعة التصرفات والعادات التي تختص بعلاقات الأفراد معًا وارتباطهم وتعاونهم؛ لتسهيل معيشتهم، وحفظ كيان المجتمع وارتقائه». وأي توجيه مضاد لذلك المفهوم يعدُّ مفسدًا للأخلاق؛ فالأخلاق تقع بين طرفين الفرد والمجتمع، ومدى التفاعل بينهما. ويرى الأب متى المسكين أن أخلاق الأفراد توصف بأنها طيبة أو فاسدة تبعًا لنوع تأثيرها في المجتمع.
انطلق أذن في معالجاته لكل من الأخلاق والسياسة من موقف مبدئي وهو أن الأخلاق هي أساس السياسة، ولذا نراه يعنى بعلاقة الأخلاق بالنظام الاشتراكي.