الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

ظاهرة البحث عن ظاهرة (1-3)

الفيل الأزرق
الفيل الأزرق
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما رأيك في ظاهرة اتجاه السينما المصرية للأعمال الأدبية، مثل "الفيل الأزرق" و"هيبتا" وقبلهما "عمارة يعقوبيان"؟ هل ساهمت شعبية تلك الروايات في نجاح الأفلام؟ وهل هذا يعني أننا سنشهد المزيد من الأفلام المأخوذة عن نصوص أدبية؟
هذه بعض الأسئلة التي أمطرت هاتفي طوال الأسبوعين الماضيين من محررين بالصحف ومعدين بالقنوات الفضائية، والإجابات المفترضة على هذه الأسئلة تمطر الصفحات والمواقع والبرامج الفنية.
كل أسبوع أو اثنين تقريبًا تتلقف الصحافة الفنية فكرة ما وتطلق عليها ظاهرة تروح تناقشها وتبحثها وتسأل النقاد والمختصين أمثالي ليدلوا بدلوهم ويتفلسفوا ويطلقوا ما يعن لهم من تفسيرات وتحليلات وتنبؤات حول ماضي وحاضر ومستقبل تلك الظاهرة.. وبما أننا داخلين على شهر رمضان بمسلسلاته وبرامجه لنخبط بعده في سينما العيد ونخرج منها على سينما الصيف، فإن وتيرة "الظواهر الفنية" سوف تتصاعد في الفترة القادمة، وسوف تصبح يومية وليس فقط كل أسبوع أو اثنين.
قناعتي أن 99% من هذه الموضوعات ليست ظواهر ولا يحزنون، والأمر عادة يتم على النحو التالي: يبحث رئيس القسم أو المحرر عن فكرة موضوع فيربط بين أي خبرين متجاورين أو متباعدين ويعثر على تشابه أو تناقض من أي نوع فيعثر على "ظاهرة".. لو مثلا حدثت مشاكل رقابية مع فيلمين من أفلام الموسم تصبح الظاهرة جرأة الأفلام وتعنت الرقابة، ولو لم تحدث مشكلة تصبح الظاهرة تساهل الرقابة ونظافة أفلام الموسم.. ولا تتصور أنني أبالغ أو أعبث فهذا ما يحدث بالفعل وأحيانا ينتابني الذهول من نوع "الظواهر" التي يطلب فيها رأيي.
وبما أننا معشر النقاد وقدماء المهنة نحب التنظير ولعب دور "الأستذة" ونفرح عندما يطلب رأينا، حتى لو كنا نشكو أحيانا من كثرة الطلب، أو أحيانا ينتابنا الحرج من إحراج المحرر أو المعد إذا قمنا بتسفيه فكرته، لذلك نتعامل مع هذه الخواطر على أنها ظواهر فعلا، ونبحث جاهدين عن إجابات، يسارع المحرر أو المعد بالتقاطها، وإلقائها من جديد على خبير آخر، وتصبح الفكرة مثل كرة وهمية يتبادلها بعض اللاعبين في "ماتش" وهمي.
قناعتي أيضا أن الظاهرة الوحيدة الحقيقية في كل هذا هي "ظاهرة البحث عن ظاهرة" التي تنتاب الإعلام المصري منذ سنوات، خاصة بعد الزيادة الكبيرة للمواقع الإلكترونية الصحفية والقنوات الفضائية والزيادة الهائلة في أعداد المحررين والمعدين و"الأبلودرز" الذين يجلسون أمام أجهزة الكمبيوتر بالساعات كل يوم ليغذوا وحش المواقع الإلكترونية الذي لا يشبع أبدا.
الفكرة الأساسية في ظاهرة البحث عن ظاهرة، هي أنك لا تحتاج إلى البحث عن خبر جديد أو تحقيق عميق، فهذه أشياء متعبة تحتاج بدورها إلى الذهاب لمواقع الأحداث والالتقاء بالمصادر والقراءة المستمرة للجديد والقديم حول الحياة الفنية، وكل هذه أشياء لا تعرفها أجيال الدروس الخصوصية، والملخصات الوافية في الإجابات الشافية على أسئلة الثانوية، إلا من رحم ربي ونجا من "فيروس C" والإيدز وبقية فيروسات تعليم نظام مبارك.