الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

"هيبتا"... ظاهرة البحث عن ظاهرة "3 - 3"

بوستر فيلم هيبتا
بوستر فيلم "هيبتا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من خلال متابعتى لبعض ما كتب أو تم بثه من برامج في الأسبوعين الأخيرين حول «ظاهرة» عودة السينما المصرية إلى الأدب، بعد ظهور فيلم «هيبتا»، وقبله فيلم «الفيل الأزرق» منذ عامين، ومن خلال مشاركتى بالرأى في عدد من هذه التقارير، أستطيع أن أقول إن الحكاية كلها افتراضية، فلا السينما عادت إلى الأدب ولا توجد في الأمر «ظاهرة» من أي نوع، وكل ما هناك أن صناع الأفلام لجأوا إلى روايتين أو ثلاث من تلك الروايات الشعبية المكتوبة لقطاع من القراء صغير السن قليل الخبرة بالأدب والفنون، ولكن ميزته أن عدده كبير ويملك ثمن الكتب ولحسن الحظ يجيد القراءة والكتابة إلى حد معقول!.
لكن العيب الأكبر الذي يمكن أن نلمسه لدى هذا القطاع من الشباب، بمن فيه من فنانين وصحفيين ومعدى برامج، هو أنهم يعتقدون، لسبب لا أعلمه، أن العالم بدأ مع مجيئهم إلى العالم، وأنه ربما سيصل إلى غايته النهائية، أو سينتهى، على أيديهم.
أعتقد أن حالة «الجهل العام»، التي نعيش فيها بسبب ما فعله نظام مبارك في التعليم، هي المسئولة عن هذه الحالة، وهى تتفاقم أكثر لدى الذين تلقوا قدرًا زائدًا من التعليم مقارنة بأقرانهم.
أعرف شابًا طيبًا كان يعتقد ويتباهى كلما سمعته يتكلم في أحد المجالس بأنه أول مصرى في التاريخ يكتب عن السينما باللغة الإنجليزية في مطبوعات أجنبية، هذا الادعاء ليس ناتجًا عن سوء النية ولكن عن الجهل التام وعن عدم الاستعداد للبحث والقراءة قبل أن يكتب المرء أو يتحدث في موضوع لا يعلم عنه شيئًا.
كنت أقول إن «هيبتا» و«الفيل الأزرق» هما مجرد روايتين شعبيتين قرر بعض منتجى السينما في مصر أن يستغلوا نجاحهما التجارى في فيلمين، وحتى هذا ليس أمرًا جديدًا على الإطلاق. ولو كان لنا أن نتحدث عن «الظواهر» فإن أكبر ظاهرتين من هذا النوع هما إحسان عبدالقدوس في الخمسينيات وإسماعيل ولى الدين في السبعينيات.
إحسان عبدالقدوس كان أديبًا شعبيًا من الطراز الأول، تحقق كتبه أعلى المبيعات ويزيد توزيع مجلتى «روز اليوسف» و«صباح الخير» بفضل قصصه المنشورة فيهما، وكان كبار المنتجين والفنانين يتسابقون لتحويلها إلى أفلام. والحق يقال إن سنوات الخمسينيات والستينيات شهدت العصر الأكثر ازدهارًا للأفلام المأخوذة عن أعمال أدبية، وليس فقط «شعبية»، وعلى الطائر يمكن أن نذكر أسماء نجيب محفوظ ويوسف إدريس ويحيى حقى وفتحى غانم وتوفيق الحكيم وطه حسين من بين آخرين. وطبعًا هذا يعكس حالة الثقافة والتعليم في تلك الفترة، التي رغم أي تحفظات أو ملاحظات لا يمكن مقارنتها بالانهيار الشامل الذي بدأ مع الثمانينيات وطالع. «الظاهرة» الحقيقية التي تستحق الدراسة هي إسماعيل ولى الدين، الذي لا يمكن اعتباره أديبًا يمكن وضعه في مصاف الأسماء السابقة، ولكنه ظل لسنوات الأكثر مبيعًا وأعماله الأكثر اقتباسًا في الأفلام، وهناك أكثر من ١٥ فيلمًا اقتبست عن رواياته خلال أقل من ١٥ عامًا، منها «حمام الملاطيلى»، «الباطنية»، «الأقمر»، «درب الهوى» و«السلخانة» وغيرها. «الظواهر» التي يتحدثون عنها اليوم تبدو، إذن، وكأنها «لعب عيال»!.