الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

رقابة المباحث

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أعاد صبحى العلاقة معى، واتفقنا أن نؤسس معا فرقة مسرحية، وذهبنا أولا لمحافظ الإسكندرية ليساعدنا على استئجار مسرح مدرسة الليسيه فى وقت الصيف لمدة موسمين ولم يكن قد سبقنا أحد لهذا الأمر.
وكنت أكتب وقتها فى مسرحية كبيرة باسم «أنت حر» عن شخص يعيش حتى يصل إلى التسعين لكنه لم يستطع أن يجد حريته طيلة هذه السنين، لكنى لم أكن قد كتبت فيها كل ما أراه، فقررت أن أكتبها على مهل وتأنٍ. 
وأن أكتب أولا مسرحية أخرى أكثر سهولة نطوف بها أقاليم مصر ثم الإسكندرية تمكننا بعدها من عمل كبير وجديد وهو «أنت حر».
ورحت أكتب عن شخص بسيط لكنه مهزوز ومتردد وليس له علاقة بالجنس اللطيف، لكنه يصادف موقفا محرجا عندما يعلم دون قصد بجريمة ستقع قريبا، وتكون مشكلته هل يبلغ عنها أم لا؟ وكتبتها بسرعة وعرضناها فى الأقاليم ثم عدنا لكى نعرضها بالإسكندرية فى مسرحنا الجديد.
وهناك كان علينا أن نختار ثلاثة من الممثلين الهواة توفيرا لنفقات السكن على الأقل، ولم يعجبنى أحدهم اختاره صبحى فطلبت من المخرج شاكر عبداللطيف أن يرشح لى شخصا من هواة التمثيل فى مصر، فأرسل لى الهاوى صلاح عبدالله.
وكنت أقف فى مدخل المسرح عندما قدم لى أحدهم نفسه وقلت له إننا أخذنا ما نريده فراح يستظرف معى ليقنعنى بنفسه، قائلا إنه يمكن أن يعمل أى شيء.
فقلت له: هل تستطيع أن تكتب على الآلة الكاتبة فقال: نعم، فقلت أجلس واكتب هذه الأوراق الرسمية للجهات المختصة، فجلس وكتب ما طلبته بسرعة، فدخلت لصبحى ورشحته للعمل بدلا من الذى اختاره هو، وبالفعل اقتنع به.
وكان اسمه أحمد آدم، واخترت له دوره ونجح فيه، وعمل كل هؤلاء فى ثلاثة أعمال فيما بعد، وأصبحوا الآن من النجوم، ومثلوا فى أعمال أخرى لى، نجح العرض وحقق لنا مكاسب طيلة فصل الصيف، وعدت بعدها أكمل «أنت حر»، وراح الشرقاوى يزن على صبحى ليقنعه بالعمل معه ثانية لكن هذه المرة لعمل من تأليفى، وراح يسأله لماذا صاحبك لا يزورك معى. 
وكأنه لم يعطنى إلا العربون، ولم يكتب بخط يده «أنه واثق من أن أحدا لن يأخذ منى أى مسرحيات» وكان موافقا على إنتاج «أنت حر». 
كعادتى لم أقل شيئا وحضرت مرة عنده وجاء يوسف إدريس وكان يريد أن يعطيه مسرحية، فقلت له بسرعة أنى لست هنا لمسرحية لى.
وراح الشرقاوى يدعونى لثلاث مرات لبيته ومكانين آخرين ولا يفتح الكلام، حتى جاء صبحى لى يوما وسألنى لماذا لا تريد العمل معه فنعطيه «أنت حر»! ونفرض عليه كل ما نريده، قلت له لا يمكن، فقام من فوره ومشى ولم يكن قد جلس معى إلا لحظات.
وشاءت المقادير أن نجد مسرح الزمالك خاليا فقدمنا فيه «أنت حر» أخيرا ثم انتقلنا بها إلى مسرح الليسيه فى الصيف لكن الرقابة على المصنفات الفنية اعترضت عليه، وكأن الإسكندرية لها رقابة خصوصية ورغم أن الثلاثة الذين فحصوها رفضها اثنان أما المراقب الثالث فكان من خريجى دفعتنا ومن قسم النقد والأدب المسرحى فأصر على عرضها ونجح فى ذلك، ولكن الأمر لم يقف عند ذلك فراح رجل من المباحث بالإسكندرية لصبحى وأبلغه أن الإخوان والسلفيين ضد المسرحية، ويريدون إيقاف العرض، لكن صبحى قال له أن يتحدث مع المؤلف، ولما جاء لى قلت له إن هذا غير ممكن، فالمسرحية قد تمت الموافقة عليها وانتهى الأمر. 
ولقى العرض نجاحا أكبر فى الإسكندرية أكثر من القاهرة، ورغم أن الكثير من المقالات النقدية وقفت مع العرض وأشادت به، إلا أن أكبر ثناء جاء عليها كان من ممثل شهير شاهد العرض فخرج ليقول لى جملة لا أنساها فقد قال بعد العرض «لن أمدح لك المسرحية كما فعل الجميع، لكن ما أقول أنا لك أنك لو كنت طلبتنى للعمل فى هذه المسرحية لكنت رفضت لأنى لم أكن وقتها أستوعب مدى روعتها، تصبح على خير». 
وكان الذى قال لى ذلك هو ممثل شهير لم يجمعنا أى عمل معا وحتى توفى وهو الممثل الجميل حسن مصطفى، رغم شدة علاقته الحميمة مع سمير خفاجة.
يبقى أن من اشترى نص المسرحية ليعرضها فى مصر والبلاد العربية
أخذ يماطل فى إعطائنا لمدة طويلة، ولما اضطر أخيرا أن يعطينا العمل 
وراح للتليفزيون ليشتريه وجد أن نسخة المسرحية لا تصلح للعرض.
ربما ليحتكر توزيعها وحده، وربما لأن بعض البلاد رفضت أن تشتريه لتعرضه فى بلادها.. والله أعلم.