الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

صاحب عبارة "العار عليك يا بوش" يضرب في مقتل مجددًا

المخرج الأمريكي مايكل
المخرج الأمريكي مايكل مور
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مايكل مور هو أشهر مخرج أفلام تسجيلية، أو وثائقية، حسبما تحب أن تسميها، فى العالم، وهو أيضا واحد من أكثر الفنانين الأمريكان نشاطا سياسيا، وهو معارض شديد البأس للإدارة والسياسة الأمريكية، خاصة تحت رئاسة جورج دبليو بوش، وهو صاحب الهتاف الشهير، عندما صعد إلى المسرح لتسلم جائزة الأوسكار: «العار عليك يا بوش... العار عليك!».
مايكل مور الذى يبلغ من العمر ٦٢ عاما صنع عددا محدودا من الأفلام ولكن أصبح كل منها علامة فى السينما الوثائقية السياسية، وهو صاحب أفلام «بولينج من أجل كولومباين» الذى يكشف فيه عن انتشار العنف وحيازة الأسلحة فى الولايات المتحدة، و«فهرنهايت ١١-٩» الذى ينتقد فيه «الحرب على الإرهاب» عقب هجمات ١١ سبتمبر، ويكشف ما فى خطاب بوش من أكاذيب، و«سيكو» الذى ينتقد فيه نظام العلاج الصحى فى أمريكا، ويؤدى إلى موت الفقراء وخراب بيوت الطبقة الوسطى، و«الرأسمالية قصة حب» الذى ينتقد فيه النظام الرأسمالى بأسره.
فى فيلمه الجديد «أين الغزوة القادمة؟» Where to Envade Next؟، الذى عرض لأول مرة فى مهرجان تورونتو الأخير، ثم بدأ عرضه التجارى منذ أسابيع، يبدأ مور بمشهد خيالى للقاء يجمعه بقادة الجيش الأمريكى الذين يشتكون له من أنهم خسروا كل الحروب التى خاضوها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وأنهم لا يعرفون ماذا يفعلون فى المرة القادمة، فيطلب منهم مور ألا يفعلوا شيئا، ويتركوا الأمر له وحده، ليغزو بلاد العالم ويأتى لهم بأفضل ما فى هذه البلاد. وهكذا يبدأ مور غزواته، أو رحلاته، إلى عدد من بلاد العالم، لا لينهب ثرواتها المادية كما تفعل إدارة بلاده، ولكن لينقل إلى الولايات المتحدة أفضل ما فى هذه البلاد من نظم وقوانين وأفكار.
يذهب مور إلى إيطاليا، حيث يبدو الناس سعداء وفى حالة استرخاء معظم الوقت، ليكتشف أن سر سعادتهم هو أنهم لا يعملون كثيرا، أو بمعنى أصح يحصلون على إجازات إسبوعية وسنوية كافية للراحة والاستمتاع، خاصة أن أصحاب الأعمال ملزمون بدفع أجور عن أيام العطلات هذه، وملزمون بدفع أجر شهر إضافى فى نهاية كل عام.
من إيطاليا إلى فرنسا وألمانيا والبرتغال وسلوفينيا وفنلندا وأيسلندا والنرويج وحتى تونس يبحث مور بدأب عن أهم ميزة تتمتع بها كل دولة، ويغرس العلم الأمريكى هناك مدعيا أنه قام بغزوها، وقام بسرقة هذه الميزة ليعود بها إلى أمريكا، وهو يفعل كل هذا بخفة دم وكوميديا تتمتع بها كل أعماله، وخاصة هذا الفيلم المبهج.
فى فرنسا يكتشف مايكل مور أن هناك مطعما فاخرا فى كل مدرسة، حتى الأكثر فقرا فى أكثر القرى فقرا، وأن الوجبة تتكون من أربعة أطباق صحية، وأن الأطفال لا يكادون يعرفون الهامبورجر أو الكوكاكولا.
فى ألمانيا يكتشف أن العمال شركاء فى مجالس الإدارة ومسئولون عن تطوير الصناعة، وأنه لا يوجد يوم دراسى يمر على الطلبة هناك دون أن يذكرهم المعلمون بما ارتكبه النازى من جرائم، على العكس من أمريكا التى لا تريد أن تعترف كفاية بما ارتكبه الأسلاف من مذابح فى حق السكان الأصليين، الهنود الحمر، والعبيد المجلوبين من إفريقيا.
فى البرتغال يكتشف مور أن بها أقل نسبة إدمان للمخدرات فى العالم، والسبب أن حيازة المخدرات ليست جريمة يعاقب عليها القانون، وبالتالى تعامل المخدرات الخطيرة مثل السموم، لا يقبل عليها سوى نسبة قليلة جدا من المرضى النفسيين.
فى النرويج يجد أقل نسبة جريمة فى العالم، والسبب أن السجون تشبه الحدائق المفتوحة، يتمتع فيها كل سجين بالخصوصية والرفاهية وأن الشرطة فى هذا البلد غير مسلحة أصلا.
فى فنلندا التى تتمتع بأفضل مستوى تعليمى فى العالم، حسب التقديرات والاستطلاعات الدولية، يبحث عن الأسباب، فيجد أن النظام التعليمى ينص على أن اليوم الدراسى ٣ ساعات فقط ولا يوجد امتحان موحد أو منهج موحد، ولا يوجد ما يسمى الواجب المنزلي، وطبعا لم يسمعوا هناك بشىء اسمه الدروس الخصوصية!
فى سلوفينيا الصغيرة الفقيرة يجد أن التعليم من الحضانة حتى الجامعة مجانى تماما للجميع، وللأجانب أيضا، ويكتشف أن عددا كبيرا من الطلبة الأمريكيين هربوا من مصاريف وديون الجامعات الأمريكية إلى سلوفينيا.
يذهب مايكل مور إلى تونس، ليرصد ما حدث فيها من تطورات عقب الثورة، وحالة الحراك الديمقراطى التى تشارك فيها نساء تونس بنصيب كبير، ويلفت نظره إلى أن الدولة ملزمة بدعم وتمكين النساء بحكم الدستور.
فى تونس تقول له إحدى الشابات النشيطات إن الأمريكان كسالى بحكم أنهم يعيشون فى أقوى دولة فى العالم، وأنهم يفتقدون للفضول وحب المعرفة، ورغم أن هذا صحيح، إلا أن مايكل مور نفسه هو الاستثناء الأبرز لهذه القاعدة، وهو لا يكتفى بالمعرفة ولكن ينقل هذه المعرفة إلى أبناء وطنه.
لم يكتف مايكل مور فى كل مكان يذهب إليه أن يبحث عن الجيد لينقله إلى بلاده، وهى السمة التى يتمتع بها كل ناقد ومعارض أصيل، على عكس السمة التى يتصف بها كل رجعى عاجز عن التطور، وهى البحث الدءوب عن أسوأ ما فى بلاد العالم لينقله إلى بلاده.