الأربعاء 29 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الصحافة.. إلى أين؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المؤكد أن الخلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية.. مقولة خبرناها جميعا منذ زمن بعيد من أجيال كثيرة سبقتنا تعلمنا منها.. إلا أنها ذهبت أدراج الرياح فى زماننا الراهن، أصابت به ما أصابت من حياتنا جميعا، جملة من التحولات التى طرأت على المجتمع المصرى لتنسف تلك المقولة من الوجود.. ليكون البديل السائد الآن أن الخلاف فى الرأى أصبح «سبة ونقيصة».. فإن لم تكن معى وتساند وتدعم رأيى فأنت ضدى.. وربما فى وقت لاحق تصبح عدوا محتملا له.. وتواجه حربا قذرة لا علاقة لها بالرأى والرأى الآخر.. ومنهم آخرون يختصرون الطريق وبرعونة شديدة ودون تدبر.. يرون أن من يخالفهم الرأى هم خارج التاريخ.. ويجب مساءلتهم وأنهم فى خانة ما يسمونهم بـ«الخونة».. لمجرد خلاف فى الرأى.. والسؤال لماذ وما هى دواعى هذا الصلف والتجبر؟، ناسين أو متناسين فى الوقت ذاتة أن ما يجمعهم «نقابة الصحفيين» البيت الكبير للجميع، وعوضا عن أن تكون النقابة منارة لحرية الرأى والرأى الآخر تصبح «مغارة» للتستر والتصعيد والهروب من الأزمة بصرف النظر عما يمثله ذلك من عوار مجتمعى فى الحالة المصرية الراهنة. 
وبصراحة يبقى السؤال الأهم: هل وصل بنا الأمر إلى تلك الدرجة من السوقية والمهانة لأنفسنا وبأنفسنا؟ بأن يكيل كل طرف للآخر جملة من السباب جمعت كل «النفايات» ليوصموا أنفسهم بها.. وبالأمس فقط كانوا يتندرون بها على من أطلق عليهم «المواطنين الشرفاء» .
الصورة تكاد تكون أوضح فى شريحة مجتمعية وبصفة خاصة بالوسط الصحفى والجماعة الصحفية بشكل عام، من خلال نقابة الصحفيين البيت الجامع لكل الآراء والرؤى الصحفية التى بالفعل لن يكون هناك إجماع عام بين أعضائها أو منتسبيها على رأى واحد يجتمعون فيه على قلب رجل واحد سوى «مهنتهم» .. أما وحدة الوطن فهى قبل كل شىء، فمصر الوطن والأرض والشعب والدولة بكافة مؤسساتها هى الخط الأحمر الوحيد.. وما دونه يخضع لقواعد الحوار وتبادل الآراء، وليس بالضغط من قبل جماعة محددة تسعى لاختطاف النقابة ليجتمع «الشامى مع المغربى» فى مواجهة جماعة أخرى داخل البيت الواحد، المفترض أن يكون دوما بيتا للجميع بالكياسة وحسن التصرف وكيفية إدارة الأزمة، أى أزمة مهما صغرت أو كبرت، وأن يكون حاكمها هو العقل والفكر الحر غير المشحون بتيارات سياسية وفكرية متناقضة مع نفسها وتتناحر مع من يخالفهم أيديولوجيتهم.. وإلا ستصبح فى نظرهم (أيها الرفيق) خائنا للعهد والود لأشخاصهم.. نعم لأشخاصهم وليس لمهنتهم والحفاظ عليها.
حقيقة الأمر أن القضية المثار حولها الدنيا وما أثارته من الغبار الناتج عنها والذى انهال علينا جميعا وعلى مصرنا العزيزة، سواء فى الداخل أو الخارج، من متربصين للوطن، ونقل أخبارها على الهواء مباشرة، جرى استغلالها بشكل لافت للجميع، ومن مواقف غربية خارجية بمحاولات التدخل فى الشأن الصحفى المصرى المحلى عبر شبكات إخبارية عالمية ومجتمع دولى ممثلا فى الأمم المتحدة وأمينها العام مسئول «القلق» فى المنطقة وفى غيبة تامة من المسئولين عن النقابة.. بتوجيه الانتقاد للدولة المصرية وقيادتها السياسية بأن ما يجرى فى مصر ضد الحريات الصحفية وضد حرية الرأى والتعبير وضد كل قوانين النشر المقيدة للحريات على خلاف الحقيقة والواقع... إلا أن ما جرى ويجرى حاليا خلاف قانونى بأن هناك أمر ضبط وإحضار بالتستر على أشخاص مطلوبين للعدالة أحدهما صحفى وآخر لا ينتمى للجماعة الصحفية، وتبين أنه حاصل على «دبلوم صنايع».. وأن القائمين على مجلس النقابة ونقيبها على علم تام وكامل بإيوائهما مع تغييب بعض أعضاء المجلس حقيقة القصة، والرواية التى ترددت على ألسنتهم بأساليب مختلفة لويًا للحقيقة وغياب الشفافية التامة.. وهو ما أقره بعض من أعضاء المجلس.
أما فيما يتعلق بمسألة الاقتحام فهى إجراء خاطئ، ومحل لبس شديد ما بين النفى والتأكيد، علما بأن مفهوم الاقتحام مخالف تماما لحقيقة الواقع.. مع قناعتى بأن هناك خطأ ما من قبل الأجهزة الأمنية فى مسألة حصار النقابة كان يجب تداركه.. كما يشارك الأجهزة الأمنية فى الخطأ السيد نقيب الصحفيين ومجلسه الذى وجب عليه منذ لحظة علمه التصرف وفق قواعد قانون النقابة المعمول بها.. إلا أنه على ما يبدو فإن العزة بالإثم أخذتهم جميعا فى التصعيد والرفض لأى نوع من أنواع الحوار والتواصل مع الدولة.. بل المغالاة بإقحام الرئيس فى المشكلة، ثم انتظار التوسط ثم المطالبة بالاعتذار.. ثم التراجع عن الاعتذار.. ثم وثم.. عن ماذا ولماذا كل ما جرى إلا إذا كان الهدف سياسيا بالدرجة الأولى؟.. ويبدو أن الحقيقة الوحيدة فى هذا الجدل الدائر أننا جميعا سمحنا لأنفسنا بأن نهين أنفسنا بأنفسنا، وأفقدنا احترامنا لذواتنا فيما بيننا جميعا.. فضلا عن استعداء الرأى العام ضد الصحافة والصحفيين عبر موجة ضخمة من الغضب بأن هناك من هم فوق القانون!.