الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

الحرب على الصحفيين تضرب العالم

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الصحافة الحرة أمر ضرورى لمجتمع متوازن وعادل وحاسم، فصحفيو الأخبار والتحقيقات وغيرهم عليهم واجب سامٍ يتمثل فى تقديم تقارير موضوعية حول جميع القضايا فى بلادهم وجميع أنحاء العالم يكسرون التابوهات الأربعة: الدين والجنس والسلطة والمال ويناقشونها ويعرضون وجهات النظر المختلفة ويكشفون الحقائق لأن من حق الشعوب أن تعرف، ليس هناك من هو فوق القانون، لا الحكومات ولا أصحاب السلطة والنفوذ، الجميع إذا أخطأ لابد أن يكون عرضة للمساءلة، ولكن ماذا يحدث عندما لا يمكن للصحفيين القيام بعملهم؟ عندما تقتل أو تحبس الحكومات منتقديها؟ 
ووفقا لمركز جلوبال ريسرش الكندى فإن الصحفيين يتعرضون للعديد من المخاطر حول العالم، أولها الواقع المرير، ففى كل يوم يستيقظ العالم على واقع قاتم من آلاف التهديدات التى تواجه مهنيى وسائل الإعلام يوميا، والذين يدفعون حياتهم ثمنا لممارستهم حقهم فى حرية التعبير، ففى كل ركن من أركان العالم، يتعرضون للمضايقة والترهيب والتهديد والتعذيب وسجن غير عادل من قبل الحكومات والجماعات المسلحة فى محاولة حقيرة لمنعهم من وظيفتهم الأساسية فى أن يكونوا مرآة للمجتمع.
المكسيك وباكستان
وظيفة الصحفى قاتلة ففى بلدان مثل المكسيك وباكستان، امتلاك بطاقة صحفية يشكل خطورة كبيرة جدا لدرجة أن العديد من الصحفيين والإعلاميين تركوا وظائفهم تماما فى نهاية المطاف، فوفقا لمنظمة مراسلون بلا حدود، فإن ٢٢ صحفيا وإعلاميا قتلوا وأكثر من ١٦٠ سجنوا فى عام ٢٠١٥ وحده، وقتل نحو ١٠٠ صحفى بسبب عملهم فى عام ٢٠١٤، والغريب أن المسئولين عن مهاجمة وقتل الصحفيين نادرا جدا ما يواجهون العدالة.
وأينما نظرنا فى أى دولة فى العالم سوف نجد قصة الصحفى الذى تعرض للمضايقة والتهديد وتم سجنه ظلما أو حتى تعرض للقتل والاغتيال من قبل حكومة أو جماعة مسلحة فى محاولة لمنعهم من تغطية قضايا ينظر إليها على أنها مثيرة للجدل.
وبحسب التقرير فإن العالم يشهد يوما بعد يوم العديد من الحكومات التى تكون أقل استعدادا للتسامح مع المعارضة والتى تفعل أى شيء لمنع الصحفيين من التحدث علنا للجمهور ففى عام ٢٠١٠ المئات من الصحفيين المكسيكيين قاموا بمسيرة صامتة فى وسط مدينة مكسيكو سيتى احتجاجا على عمليات الخطف والقتل والعنف ضد أقرانهم فى جميع أنحاء البلاد. 
ومن المخاطر التى يتعرض لها الصحفيون الهجمات دون عقاب، ففى باكستان، والتى تعد واحدا من أكثر البلدان خطورة فى العالم بالنسبة للصحفيين والإعلاميين فإنهم يواجهون بشكل روتينى المضايقة والترهيب والخطف والتعذيب والقتل على أيدى الجيش وأجهزة الاستخبارات، والأحزاب السياسية والجماعات المسلحة، ومنذ عام ٢٠٠٨، تشير التقديرات إلى أن ٤٠ صحفيا قتلوا كنتيجة مباشرة بسبب الكتابة فى قضايا مثل الأمن القومى وانتهاكات حقوق الإنسان، وقد أدين فقط الأفراد فى حالات خاصة مثل صحفى وول ستريت جورنال دانيال بيرل الذى قتل فى عام ٢٠٠٢ ووالى خان بابار مراسل جيو نيوز الذى قتل فى عام ٢٠١٤
جحيم التهم الملفقة
من أبشع ما يواجهه الصحفيون التهم الملفقة، فالعقاب عادة للصحفيين والإعلاميين يأتى فى شكل عقوبات طويلة بالسجن بتهم ملفقة، والعديد من الحكومات فى جميع أنحاء العالم تسيء استخدام المحاكم لمنع الصحفيين من تغطية قضايا شائكة متعلقة بقرارات حكومية أو حقوق الإنسان، ومن ضمنهم الصحفى بيدرو هيريرا المسجون منذ اعتقاله فى ٣٠ أغسطس ٢٠١٤ عن جريمة مزعومة تخريبية فى ولاية كوينتانا رو فى المكسيك حيث ألقى القبض عليه بعد أيام من نشر لقطات من احتجاج من قبل مواطنى بلدية فيليب كاريو بويرتو خارج مكتب هيئة المياه المحلية على زيادة الضرائب والرسوم.
أيضا من الوسائل التى تلجأ الحكومات لها لترهيب ومضايقة الصحفيين ومنعهم من تغطية القضايا التى تفضل الاحتفاظ بها خارج جدول الأعمال العام هى الغارات والترهيب والتحرش، ففى أواخر ديسمبر عام ٢٠١٤، داهمت السلطات البوسنية مكاتب شعبية فى klix.ba أخبار البوابة، وضغطت على الصحفيين لكشف مصادرهم فيما يتعلق بتسجيل صوتى تم تسريبه عن تقاضى رشوة على مستوى عال، وصادرت الشرطة أجهزة الكمبيوتر المحمولة، و١٩ محرك أقراص صلبة والهواتف النقالة الخاصة فى عملية استغرقت سبع ساعات وتم تدمير بعض المعدات، وتم اعتقال محررين وصحفيين لاستجوابهم وأفرج عنهم فى وقت لاحق دون توجيه اتهامات، وكشفت مراجعة قضائية فى وقت لاحق أن الغارة كانت غير قانونية لأنها انتهكت الحقوق الدستورية للصحفيين.
ومن العراق إلى جمهورية إفريقيا الوسطى وكولومبيا ونيجيريا وسوريا، واجه الصحفيون تهديدات وأعمال عنف بينما كانوا يحاولون تسليط الضوء على الانتهاكات وواجهوا الحصار أيضا فى بعض من أكثر الصراعات العنيفة فى العالم.
وقد واجه الصحفى حمزة إدريس الترهيب على أيدى قوات الأمن النيجيرية بسبب تقاريره فى عام ٢٠١٤، بعد أن نشر مقالا ينتقد فشل الجيش فى حماية المدنيين بشكل صحيح، واقتحم ثمانية جنود مكتبه، وعادة ما يتعرض الصحفيون للتهديد وحتى للقتل بسبب فضح انتهاكات حقوق الإنسان والانتهاكات التى ارتكبت فى سياق النزاع المسلح المستمر منذ فترة طويلة فى دول العالم والروابط الفاسدة لبعض المسئولين فى الدولة مع الجماعات المسلحة غير المشروعة والتنظيمات، ووفقا لمؤسسة كولومبيا لحرية الصحافة فإن ٢٦ صحفيا تعرضوا للتهديد وإن واحدا على الأقل قتل هذا العام حتى الآن.
إيران.. النموذج
وفى إيران وفى عام ٢٠١٤ وحده كان ما لا يقل عن ٦٥ صحفيا يقبعون فى السجون الإيرانية على خلفية العديد من الاتهامات ذات الصلة بتصريحاتهم أو كتاباتهم، ومنهم حسن أسدى زيد آبادى الصحفى الذى يتناول الشئون السياسية والقانونية فى طهران، فى محاولة منه لتعزيز حرية الصحافة، وحرية التعبير، وحقوق الإنسان، قام بتسليط الضوء على حالات توقيف واحتجاز النشطاء السياسيين تعسفيا، مما أدى إلى اعتقاله على يد قوات الأمن وسلطات الاستخبارات، ولاحقته قوات الملالى قضائيا بتهم من بينها التجمع والتواطؤ ضد الأمن القومى والدعاية ضد الدولة وإهانة الرئيس وصدر بحقه حكم بالحبس لمدة خمس سنوات، يقضيها حاليا فى سجن إيفن سيئ السمعة بطهران.
والمحرر سياماك قادرى فى وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية، وهى وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، التى عمل فيها لمدة ١٨ عاما، قبل أن يتم فصله من العمل لقيامه بالكتابة على مدونته الشخصية عن احتجاجات الشوارع وغيرها من التطورات التى أعقبت انتخابات ٢٠٠٩ وألقى القبض على قادرى فى ٢٠١٠، وفى يناير ٢٠١١، قضت المحكمة بحبسه لمدة ٤ سنوات، وجلده ٦٠ جلدة على خلفية اتهامات بالدعاية ضد النظام وإثارة الرأى العام ونشر الأكاذيب.
وفى تركيا تم الكثير من الاعتقالات ضد الصحفيين وعمليات إغلاق الصحف المعارضة ومن ضمن من تم القبض عليه رجل الأعمال ممدوح بويدك الذى كان يمول إحدى الصحف التركية المعارضة، وتم غلق صحيفة تودايز زمان والتى قام الصحفيون فيها بإصدار الطبعة الأخيرة على عجل، قبل أن يتم إغلاقها والقبض على رئيسة تحريرها الصحفية سيفجى أكارجيزمي.
وتمت مداهمة صحيفة بوجون التركية من قبل قوات الشرطة، وذلك بعد نشرها صورا تثبت نقل أسلحة من الحدود التركية إلى تنظيم داعش فى سوريا.
أوباما يحاكم الصحافة
ودائما ما يتحدث الإعلام الأمريكى عن حرية الصحافة والميديا فى العالم وكأنه الوصى أو الرقيب أو المنزه عن الأخطاء رغم أن العديد من المنظمات التى تقيس وتقيم المعايير الصحفية أكدت أن الديمقراطية والشفافية وحرية الرأى والتعبير ما هى إلا شعارات براقة يروجها العم سام للمجتمع الدولى وخاصة الشرق الأوسط حتى يتمكن بمقتضاها من التدخل فى الشأن الداخلى للدول.
وتفضح لنا الدراسات الدولية كل يوم حقيقة الصحافة والإعلام الغربى والأمريكي، ووفقا لمنظمة مراسلون بلا حدود فى تقريرها السنوى للعام الجارى عن حرية الصحافة فإن الولايات المتحدة انحدرت ٢٩ مرتبة فى القائمة وذلك منذ تولى الرئيس باراك أوباما السلطة فقد وصلت واشنطن إلى الترتيب الـ٤٩ هذا العام من بين ١٨٠ دولة شملها المؤشر العالمى لحرية الصحافة للمنظمة، والانضمام إلى صفوف دول مثل النيجر ومالطا ورومانيا.
حيث تقوم إدارة أوباما بشن حرب على الصحفيين والصحافة والإعلام وهو الأمر الذى يعد أكثر التحديات فى الولايات المتحدة وقد تمت محاكمة عدد كبير من الصحفيين فى عهده يفوق جميع الرؤساء السابقين مجتمعين، فمثلا فى احتجاجات فيرجسون تم إلقاء القبض على ١٥ صحفيا على الأقل، وقد نشر تقرير مماثل للمنظمة فى احتجاجات وول ستريت ٢٠١١ والتى كانت امتدادا للربيع العربى وتراجعت واشنطن فى الترتيب فى حرية الصحافة.