الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الصداقة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعلمنا من أستاذنا الفيلسوف الكبير زكى نجيب محمود أن معنى كل كلمة فى اللغة العربية فى داخلها، وهذا سر تفوقها على باقى اللغات، فإذا قلت «صديقى» فهو الذى يصدقك القول، ولو قلت «زميلى» فهو الذى يزاملك فى العمل، ولو قلت «رفيقى» فهو الذى يسير معك فى الطريق، وقد يكون أخوك صديقك لأنه يصارحك بكل ما يختلج فى نفسه ويضيء لك ما يخفى عليك ويخلص فى بيان عيوبك قبل محاسنك.
كان لا بد من هذه المقدمة لأحكى قصة قصيرة عن الصداقة، فقد فوجئت برسالة من العزيز طارق الشناوى يقول فيها «هانى خليك عصرى شوية وإفتح الواتس آب» وفتحت الواتس آب وفتحت اليوتيوب لأجد أن حلقة طارق الشناوى كانت عن هانى شنودة وفرقة المصريين، والحقيقة أننى قد أسامح فى هانى شنودة، ولكنى أظن أن فرقة المصريين ظلمت كثيرًا وذلك لأنها كانت أول فرقة تخرج من رحم مختلف عن الإذاعة والتليفزيون وللعلم أول شريط كاسيت للأطفال كان شريط ماما نجوى «أحكى وأغنى» من تأليف الشاعر العظيم شوقى حجاب، وغناء دكتورة نجوى إبراهيم وإنتاج أحد عظماء مذيعى البرنامج الأوروبى محمد إسلام.
وعندما أقارن بين ما أعطته ملكة إنجلترا لفرقة البيتلز من ألقاب وتكريم، وأذكر فى هذا الصدد أن رئيس موسيقى الحرس الملكى وزع بعض أغانى البيتلز للموسيقات العسكرية النحاسية وعزفت عند دخولهم إلى القصر الملكى (بكنجهام بالاس)، ولقد تطرق الناقد العظيم طارق الشناوى ويعلم الجميع أنه من أسرة شعرية وفنية عريقة وله نظرة عميقة فى كل ما يتناوله من نقد إلى موضوعات لم أدركها وسأترك للقارئ الكريم أن يتابع هذه الحلقة بنفسه.
ويهمنى هنا المكالمة التى جرت بيننا بعد أن شاهدت الحلقة وقلت له «يا طارق إنى أنعم عليك بأكبر وسام أستطيع أن أهديه وهو وسام الصداقة ولما سأل «إنت عامل شهادة ولا تروفى؟» فأجبت قائلا «لا بل بنظرة العين فقد أنعم كل من شخصى المتواضع والأستاذ صلاح جاهين على بعضنا البعض بهذا الوسام من قبل، ولم أفاجئ برد الفعل، فذكاء طارق ولمعة عينيه التى أعرفها عن ظهر قلب عندما يعجب بشيء أو يقول هو ما يفحم الآخر مع تجنبه النظر المباشر حتى لا يحرج الآخر، فطارق يمتلك الصراحة المتناهية مع الأدب الجم، ولذلك فهو صديق لكل الناس ولو كانوا لا يعرفون.
قال طارق إن جائزة الدولة فى الإبداع أقل مما يستحقه هانى، فقد كان يستحق جائزة الدولة التقديرية فى الموسيقى، وأنا أقول لطارق إننى سعيد بهذه الجائزة لأننى فى الحقيقة أعمل وفى عنقى دين لبلدى، فكل البشر يولدون فى دولهم ودولتى هى الدولة الوحيدة المميزة فى العالم ليس فقط بالأهرامات وليس لأنها أبدعت فى الفنون والعلوم والآداب لكنها تحتوى على معابد وكنائس وجوامع نزهو بمعمارها، فالذى يتنزه فى معبد الدير البحرى بالأقصر أو هضبة الأهرامات بالجيزة أو القاهرة الفاطمية وشارع المعز لا يستطيع إلا أن يفكر أنه محظوظ بانتمائه لهذا الوطن.
أيضا اعتمادى على التأريخ الموسيقى كبير جدا، فأنت تعرف أن المؤلف الروسى العظيم تشايكوفسكى بأعماله العظيمة لا يُكتب عنه نصف ما يكتب عن شوبيرت، لأن شوبيرت غير فى النهج الموسيقى ومهد للمدرسة الرومانتيكية، ولكن تشايكوفسكى سار على النهج الكلاسيكى السابق أيضا، ولهذا السبب سيذكر التاريخ الموسيقى فنان الشعب سيد درويش لأنه نقل الموسيقى والأغنية المصرية من «التطريب» إلى «التعبير».
عزيزى طارق لن أشكرك بصفة شخصية فأنت أكبر من ذلك وسيشكرك التاريخ ويعلى اسمك كناقد يعلم ويقول ما يعلم بغض النظر عن أى اعتبارات أخرى.. وشكرًا على الموضوعية.