الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أهمية الحفاظ على بناء الدولة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حذر الرئيس «السيسى» مؤخرا من المؤامرات الخارجية والداخلية التى تهدف فى الواقع إلى هدم الدولة المصرية بعد الإنجازات الخارقة التى تحققت بعد الموجة الثورية فى ٣٠ يونيو، وتنفيذ خارطة الطريق بالكامل بعد أن استكملت الدولة كل مؤسساتها السياسية.
والواقع أن هناك غوغائية سائدة بين الذين يعارضون -سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر- النظام السياسى الجديد الذى يقوده الرئيس السيسى.
والدليل على ذلك أن بعض الأكاديميين المعارضين الذين يكتبون بانتظام فى الصحافة مقالا أسبوعيا الذى سبق له أن روج لمبادرة مشبوهة للتصالح مع جماعة الإخوان المسلمين، كتب مقالة مؤخرا يتحدث فيها عن العلاقات المدنية العسكرية، وهو أحد الموضوعات المهمة فى علم السياسة. وفى هذا المجال هناك مبدأ متفق عليه أن المدنيين لهم اليد العليا على العسكريين فى الدول الديمقراطية المستقرة.
غير أن هذا الأكاديمى العميل الذى أعماه تراكم الثروة الذى حققه من العمالة الصريحة أورد فى مقاله عبارة بالغة الغرابة، مفادها «أن القوات المسلحة المصرية هى آخر جيش احتلال موجود الآن»!
وهو يعتبر أن اشتراك القادة العسكريين من ثورة يوليو ١٩٥٢ وفى مقدمتهم جمال عبدالناصر وأنور السادات فى العملية السياسية نوع من أنواع الاحتلال، وأنه ينبغى أن يترك المجال للمدنيين حتى لو كانوا من كبار المستغلين أو الانتهازيين لكى يعثوا فى الأرض فسادا»!
وهو بذلك يعلن عن جهله الشديد بتاريخ مصر المعاصر!
وذلك لأن الحكم شبه الليبرالى فى مصر الذى امتد منذ إصدار دستور ١٩٢٣ حتى ثورة يوليو ١٩٥٢، ثبت يقينا أنه فشل بقيادة المدنيين فشلا ذريعا فى حل مشكلتين، «المشكلة الوطنية» التى تتمثل فى إجلاء الاحتلال الإنجليزى عن مصر، والمشكلة الاجتماعية التى تعنى الفجوة الطبقية الكبرى بين من يملكون ومن لا يملكون فى ريف مصر وحضرها.
والواقع أن الضباط الأحرار حين قاموا بانقلابهم العسكرى فى ٢٣ يوليو ١٩٥٢ -الذى سرعان ما تحول إلى ثورة شعارها هو «العدالة الاجتماعية»- طبقوا إلى حد كبير المشروع الإصلاحى الذى صاغته القوى الوطنية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. والدليل على ذلك هو صدور قوانين الإصلاح الزراعى التى حررت الفلاحين من عبودية الإقطاع، ونهضت بالطبقة العاملة المصرية بعد التأميم، وفكت الحصار عن الطبقة الوسطى.
وتلزمنا الأمانة العلمية أن نقرر أن ثورة يوليو -وإن كانت قد نجحت فى تطبيق العدالة الاجتماعية- إلا أنها لم تنجح فى أن تجد حلا لمشكلة الحرية السياسية، وإرساء قواعد التعددية الحزبية.
وهكذا يمكن القول إن تدخل الضباط الأحرار فى السياسة جاء فى لحظة استثنائية بعد فشل السياسيين المدنيين فى حل أزمة المجتمع المصرى.
والمقارنة المجردة بين المدنيين والعسكريين لا معنى لها، لأنه لا بد أولا من تحديد طبيعة اللحظة التاريخية التى يتولى فيها العسكريون الحكم من ناحية، ونوعية رجل الدولة القادر على الحسم مدنيا كان أو عسكريا.
والدليل على ذلك أن الذى أنقذ النظام السياسى البرلمانى الفرنسى من التردى الكامل هو الجنرال «ديجول» الذى استطاع -بعد أن غير النظام السياسى إلى نظام رئاسى وأنهى حقبة النظام البرلمانى الفوضوية- أن يحقق الاستقرار الدائم لفرنسا حتى الآن.
ونفس الشىء ينطبق على الجنرال «أيزنهاور» الذى انتخب باعتباره من أبطال الحرب العالمية الثانية ليكون رئيسا للجمهورية الأمريكية فى بلد سادته الديمقراطية أجيالا طويلة.
ومن عجائب الأمور أن هذا الأكاديمى الدعىّ لا يعرف الفرق بين اختطاف الدولة وهدم الدولة!
وهو فى مجال اهتمامه بنقد تصريح للرئيس «السيسى» بأن هناك محاولات لهدم الدولة المصرية، قرر بكل جهل عميق أن جماعة الإخوان المسلمين لم تحاول إطلاقا هدم الدولة وإنما أرادت فقط اختطافها!
ومعنى ذلك أنه لا يعرف شيئا عن الخطة الاستراتيجية لجماعة الإخوان المسلمين منذ نشأتها، التى تتمثل أساسا فى هدم الدولة المدنية بكل مؤسساتها، وإلغاء التشريعات الوضعية واستبدالها بأحكام الشريعة الإسلامية، تمهيدا لتحويل الدولة المصرية إلى مجرد ولاية من ولايات الخلافة الإسلامية التى يحلمون بإقامتها، وبذلك سيكونون أساتذة العالم كما زعم مرشدهم الدكتور «محمد بديع» فى تصريح له!
وقد كتبنا كثيرا عن مشروع جماعة الإخوان المسلمين عن «أخونة الدولة وأسلمة المجتمع»، بمعنى بث الكوادر الإخوانية فى كل مفاصل الدولة بلا استثناء، بما فى ذلك مؤسسة الشرطة والقوات المسلحة وجميع الوزارات والمصالح، حتى تقع الدولة فى أيديهم، ومن ثم يعيدون صياغتها على الطريقة الإسلامية، كما يفهمونها. أما أسلمة المجتمع فقد بدأت تباشيرها أيام حكم الإخوان بالدعوات الجاهلة إلى إنشاء «شرطة دينية» لمكافحة الموبقات فى الحوارى والأزقة والشوارع، وفرض ما يرونه سلوكا إسلاميا بالقوة على الشعب المصرى!
غير أن الأكاديمى إياه لا يفهم وإن فهم فلا يعى معنى ما يكتبه، لأن هدفه الأساسى هو نقد النظام القائم والتبشير بعودة الإخوان المسلمين!.