الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"شم النسيم" بدعة فرعونية لم يرفضها الإسلام.. أطلق عليه اسم "شمو" بمعنى بداية الحياة.. واستغله اليهود للهروب من مصر القديمة وأسموه "عيد الفصح".. ويرتبط تناول البيض بشعائر مقدسة عند القدماء

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قد لا يعرف الكثيرون عن شم النسيم سوى أنه إجازة رسمية يتم خلالها الذهاب إلى المتنزهات وتناول الفسيخ والرنجة، ويتزامن مع أعياد احتفالات الأقباط، ولكن الحقيقة أن الاحتفال بشم النسيم يرتبط بالعديد من الحكايات التاريخية التي جعلت منه مناسبة سنوية بمصر.


تعود بداية الاحتفال بشم النسيم إلى عصور مصر الفرعونية، وبالتحديد منذ ما يصل إلى خمسة آلاف عام قبل الميلاد إبان عهد الأسرة الثالثة، حيث كان يتم الاحتفال بذلك اليوم بالتزامن مع موسم الربيع، ثم انتقل الاحتفال من الفراعنة إلى العالم حتى أصبح مناسبة سنوية يحتفل بها عدد كبير من الدول العربية والأجنبية.
ويرجع المؤرخون أصل تسمية شم النسيم إلى الانقلاب الربيعي الذي كانوا يطلقون عليه "شمو" أي بداية الحياة، وكان قدماء المصريين يحتفلون بذلك اليوم في احتفال رسمي كبير فيما يُعرف بـ"الانقلاب الربيعي"، وسمى بذلك لأنه خلال ذلك اليوم يتساوى فيه الليل والنهار، فكانوا يجتمعون أمام الواجهة الشمالية للهرم قبل الغروب؛ ليشهدوا غروب الشمس، فيظهر قرص الشمس وهو يميل نحو الغروب مقتربًا تدريجيًّا من قمة الهرم، حتى يبدو للناظرين وكأنه يجلس فوق قمة الهرم، وكانت تخترق أشعة الشمس قمة الهرم، فتبدو واجهة الهرم أمام أعين المشاهدين وقد انشطرت إلى قسمين.
وما زالت هذه الظاهرة العجيبة تحدث مع قدوم الربيع في الحادي والعشرين من مارس كل عام، في الدقائق الأخيرة من الساعة السادسة مساءً، نتيجة سقوط أشعة الشمس بزاوية معينة على الواجهة الجنوبية للهرم، فتكشف أشعتها الخافتة الخط الفاصل بين مثلثي الواجهة اللذين يتبادلان الضوء والظلال فتبدو وكأنها شطران.


مظاهر الاحتفالات:
ومن المثير أنه ما زال إلى الآن توجد درجة من التشابه في مظاهر الاحتفال بشم النسيم والتي تتجلى في الأطعمة الخاصة التي كان يأكلها المصريون القدماء مثل البيض الذي يتم تلوينه بالألوان المختلفة، حيث يرمز إلى خلق الحياة من الجماد، وقد صورت بعض برديات منف الإله "بتاح" – إله الخلق عند الفراعنة - وهو يجلس على الأرض على شكل البيضة التي شكلها من الجماد ولذلك كان يرتبط تناول البيض بشعائر مقدسة عند المصريين القدماء، فكانوا ينقشون فيه دعواتهم وأمانيهم خلال العام الجديد، وبعد ذلك تطورت تلك النقوش لتشمل الزخارف والألوان بالبيض.
ويضاف إلى مظاهر الاحتفالات تناول السمك المملح "الفسيخ أو الرنجة" والذي بدأ المصريون القدماء تصنيعه وتمليحه وأظهروا براعتهم في ذلك خلال عصر الأسرة الخامسة كما تناولوا الخَسّ، والبصل، الحُمُّص الأخضر، وقد ارتبطت تلك الأطعمة بشعائر مقدسة لديهم صورتها البرديات التي خلفها الفراعنة، وفيما بعد توارثت تلك الأطعمة وأصبح اقتناؤها والحصول عليها من المحتفلين بشم النسيم عادة مع مرور الوقت.


اليهود وشم النسيم:
وفي عهد النبي موسى عليه السلام، كان خروج اليهود من مصر في يوم مواكب لاحتفالات المصريين بالعيد، واختاروا ذلك اليوم بالتحديد حتى لا يشعر بهم المصريون أثناء هروبهم من البلاد عقب سرقتهم لبعض الذهب والكنوز المصرية، ويصف ذلك كتاب "سِفْر الخروج" من "العهد القديم" وهو أحد الأسفار المقدسة لدى الديانة اليهودية والتي تصنف كأقدم ثاني كتاب مقدس لديهم بأنهم: "طلبوا من المصريين أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثيابًا، وأعطى الرَّب نعمة للشعب في عيون المصريين حتى أعاروهم فسلبوا المصريين".
ومن ذلك الموقف اتخذ اليهود ذلك اليوم عيدًا لهم، وجعلوه رأسًا للسنة العبرية، وأطلقوا عليه اسم "عيد الفِصْح" وهو كلمة عبرية تعني: الخروج أو العبور – تيمُّنًا بنجاتهم من المصريين، واحتفالًا ببداية حياتهم الجديدة.
وعندما دخلت المسيحية مصر جاء "عيد القيامة" موافقًا لاحتفال المصريين بعيدهم، فكان احتفال المسيحيين بـ"عيد القيامة" في يوم الأحد، ويليه مباشرة "شم النسيم" يوم الإثنين، وذلك في شهر "برمودة" من كل عام.
وبعد قدوم الإسلام وإلى وقتنا الحاضر ما زال المصريون يحتفلون بشم النسيم كل عام، حيث تشكل تلك المناسبة التي يخصص يومها كإجازة رسمية بالقطاع العام والخاص ويتم عمل العروضات والخصومات داخل المتاجر المختلفة علاوة على الحفلات الغنائية والفنية ومن المظاهر الأساسية تناول الرنجة والفسيخ كسمة ومظهر أساسي من مظاهر الاحتفال.