الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الحزب السلفي الصهيوني!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لم يكن لقاء القيادي السلفي بحزب النور السلفي بحاخامين صهيونيين في شهر مارس الماضي بالأمر الجديد أو المستغرب أو حتى المفاجئ –على الأقل بالنسبة لي- قطُّ.
فالحزب السلفي والذي يحسن بنا أن نسميه من الآن وصاعدًا بــ "الحزب السلفي الصهيوني!"، له تاريخ سابق وحافل ومليء باللقاءات المتعددة مع الصهاينة، بطرق مباشرة وأخرى غير مباشرة، بل ولقاءات مباشرة مع قادة الجيش الصهيوني القاتل والإرهابي، وليس فقط مع السياسيين أو الدينيين منهم!
وفي مقال لي سابق نشرته في هذه المساحة منذ مدة تزيد عن نصف العام، وبعنوان "النور .. حامي حمى إسرائيل!"، وثقت من خلاله للقاءات السلفيين المصريين أو بالأحرى "السلفيون الصهاينة!"، بضباط من جيش الإرهاب الصهيوني! ورجال الاستخبارات الصهيونية والذين تنكروا في صورة صحفيين أو إعلاميين لتتم الصفقة واللقاء، والتي أثمرت بالفعل عن نتائج ذات بالٍ للصهاينة، كان أقلها هو اعتراف "السلفيون الصهاينة!" بالكيان الصهيوني المحتل، بل وإقرارهم بوجدهم وإجرامهم وإرهابهم في حق الفلسطينيين وغيرهم من العرب والمسلمين، بل وأكد "السلفيون الصهاينة!" احترامهم لما أسموه بــ "جيش الدفاع الإسرائيلي"!!، واحترامهم كذلك من أسموهم بــ "الشعب الإسرائيلي"!
بل وطلبوا منهم الدعم المباشر في الوصول للحكم في مصر (فقد كان ذلك في بدايات العام 2012 م) في مقابل أن يكونوا خدمهم وأحذية نعالهم في مصر، إن هم وصلوا للحكم بالفعل بفضل دعمهم!
جاء ذلك نصًا في المقال المشار إليه، حيث قلتُ ساعتها :" ... وذلك أنه في عام 2012م، سرَّبت صحيفة هآرتس الإسرائيلية (ذات الطابع الاستخباراتي) عن مسئولين حكوميين في إسرائيل رغبتهم في عقد لقاءات وفتح حوار مع الأحزاب الدينية في مصر، وعلى رأسها حزب الحرية والعدالة وحزب النور، وكانت المفارقة أن الحزب السلفي أعلن ترحيبه بهذه الدعوة، وأبدى استعداده التام للحوار مع إسرائيل في حين التزم حزب الإخوان الصمت!
وهو ما أسس للخطوة التالية، بأن أعلنت الصحيفة ذاتها أن الحكومة الإسرائيلية قد كلفت السفير الإسرائيلي في مصر بفتح حوار معهم، لتشير الإذاعة الإسرائيلية إلى أن الحزب وافق على فتح الحوار مع تل أبيب، ثم أعلنت الصحيفة أن "د.يسرى حماد" المتحدث الرسمي للحزب –حينها- قد وافق على فتح الحوار مع السفير الصهيوني!
وهو ما أسفر عنه عقد لقاء علني عن طريق إجراء " حماد" متحدث الحزب الرسمي! اتصالًا هاتفيًا بإذاعة الجيش الإسرائيلي! أعلن من خلالها احترام حزبه لاتفاقية السلام مع تل أبيب (التي قتلوا السادات بسببها!)، ومبديًا احترامهم الكامل لإسرائيل ولشعبها! ومؤكدًا احترام الحزب السلفي للسائحين الإسرائيليين في مصر!
كانت هذه اللقاءات المعلنة، وما خفي منها كان أعظم -و لا شك- التمهيد الأكبر للقاء الأخير الذي جمع بين قيادي كبير في الحزب السلفي الصهيوني! بحاخامين صهيونيين في القاهرة !
و الحقيقة أن اللعبة كانت محبوكة بعض الشيء! فالقيادي السلفي احترز لنفسه وحزبه، فلم يستقبلهما في أحد مقار الحزب الصهيوني السلفي ولا في بيته، وإنما استقبلهما في مقر عمله، كنوعٍ من التضليل والخداع، ولتكون حجته لو انكشف الأمر، أن هذا اللقاء تم بصفته الأكاديمية وليس بصفته الحزبية!
و لو كان بصفته الحزبية كقيادي بارز في حزب سلفي صهيوني، لكان استقبلهما في أحد مقار الحزب أو في مقره الرئيس، أو على الأقل كان استقبلهما في منزله، وعلى الجانب الصهيوني وعلى طريقة الموساد المعروفة! فقد تم اختيار الحاخامين بدقة وعناية، فهما ليسا من سكان الأرض المحتلة، ولا علاقة لهما -في ظاهر الأمر بالطبع- بالكيان الصهيوني، وذلك حرصًا من الموساد على حماية عملائه، وهم في هذه الحالة : قادة وأعضاء الحزب السلفي الصهيوني!
إلا أن الأمر مر بسلام، وحَسِبَ قادة الحزب السلفي الصهيوني! أن الأمور قد دانت لهم، وأن الخدعة قد مرت على الجميع، وأنه لم يعرف أحدٌ بلقاءاتهم السرية مع الصهاينة، حتى إذا اطمأنوا لذلك وظنوا أنها صارت بثنية وعسلًا، جاءت الرياح بما لم يشتهونه، وانكشف الأمر بعد مرور شهر كامل، بل ويزيد على اللقاء وعلى الاتفاقات التي تمت بينهم وبين الصهاينة، وبواسطة مندوبهم أو عضوهم مع الحاخامين، فإذا بالخبر يتسرب إلى الإعلام!!
و هنا وقع قادة الحزب السلفي الصهيوني في حيص بيص، وأُسقط في أيديهم، بعد أن عرف الناس خيانتهم، واكتشفوا عمالتهم للصهاينة، فما كان من الحزب إلا أن أصدر بيانًا باهتًا، هو –و بلا شكٍ- الاستهلاك المحلي ليس أكثر، ولا يزيد عن كونه محاولة مفضوحة لتغطية عورتهم التي انكشفت وسوأتهم التي فُضحت!
جاء بيان الحزب السلفي الصهيوني كاذب ومنافق بلا شكٍ، وإلا فأين كان هذا البيان والاعتراض على اللقاء الذي جمع مندوبًا عن الحزب بحاخامات الصهاينة منذ تم اللقاء منذ ما يزيد على الشهر أو ما يقارب الشهرين؟!
و لماذا لم يصدر بيان الحزب الاستنكاري إلا بعد أن كشفت بعض وسائل الإعلام عن هذا اللقاء ؟!
بل لقد كان اللقاء وكما أكد القيادي بحزب النور السلفي الصهيوني! نفسه ومندوب الحزب في التفاوض مع الصهاينة، بمعرفة الحزب المسبقة وموافقته ورضاءه عنه، بل وإقراره له، وهو ما يؤكد كذب مزاعم الحزب عن استنكاره للقاء ورفضه له .
و إلا فلماذا رفض الحزب استقالة العضو المنتدب للقاء، والذي قرر أن يكون كبش فداء يفي حزبه بنفسه ؟!
لو كان اللقاء تم بالفعل بدون علم الحزب وإقراره، لكان الحزب قد قَبِلَ استقالة العضو الذي تصرف دون علم قياداته أو على الأقل أوقع أية عقوبات تأديبية عليه، ولكن شيئًا من ذلك لم يحدث، لكون الأمر مجرد إجراءات شكلية يتخذها الحزب كمحاولة لتهدئة نار الغضب الشعبية التي أخذت تلتهم الحزب التهامًا وتقضي على ما تبقى من شعبيته في الشارع المصري، هذا إن كان له شعبية من الأساس !
و الحقيقة التي لا شك فيها هي أن الحزب السلفي الصهيوني حينما لم يجد الدعم الكافي لدى الأمريكان والبريطانيين، أراد أن يختصر الطريق على نفسه ويتعامل مباشرة مع الصهاينة من دون وسيط أمريكي أو بريطاني .
إلا أن الرياح جاءت بما لم يشتهيه قادة الحزب السلفي الصهيوني، فأظهر الله ما بيتوا هم إخفاءه، وبان للعالمين زواجهم بالصهاينة، بعد أن ظلوا مدة يحاولون أن يكون هذا الزواج سريًا أو عرفيًا!
و هذا المعنى هو ما أكدت عليه صحافة العدو الصهيوني ذاتها من كون الحزب السلفي الصهيوني كان يريد لعلاقاته مع الصهاينة أن تظل في الخفاء!
إلا إن ما أقدم عليه الحزب السلفي الصهيوني هو جُرم فادح في حق الوطن، وكبيرة عظمى لا تغتفر، ولابد أن يكون عقابهم عليها رادعًا لهم ولغيرهم، ولابد من إجراءات عقابية قوية، والتي ليس أقلها حل هذا الحزب الصهيوني المُطَبِّع المجرم، وإسقاط عضوية نوابه في البرلمان .
وإذا كان البرلمان المصري قد انتفض ضد نائب برلماني، لم يكن فعله ليساوي شيئًا بجوار ما أقدم عليه هذا الحزب الصهيوني، وإذا كان البرلمان قد أسقط عضوية هذا النائب لكونه قد اجترأ على أن يقابل السفير الإسرائيلي في مصر، مع أن لقاءه كان معلنًا، في حين كانت لقاءاتهم سرية، ومع أن ما تم خلاله كان معروفًا، في حين ما دار بينهم ليس مكشوفًا، ومع كون هذا السفير هو –على أية حال- شخصية دبلوماسية رسمية لها حيثيتها على المستوى الرسمي، في حين أن ما التقوا بهم ليس لهم أي صفة رسمية، بل هم أقرب ما يكونون إلى الجواسيس وعملاء الموساد!
إلا إنه من أوجب الواجب على البرلمان المصري أن يتخذ موقفًا ولو مماثل، إن لم يكن أشد قسوة ضد أعضاء ذلك الحزب الصهيوني، والذي يلتقون حاخامات الصهاينة سرًا ليتآمروا معهم على بلادنا وأمننا وجيشنا، ودماء أبناء شعبنا؟!
إن هؤلاء النواب العشرة والذي يمثلون هذا الحزب الصهيوني تحت قبة برلمان مصر، ليمثلون –ولا شك- وصمة عارٍ للبرلمان المصري يجب على رئاسته ووكالته وأعضائه الشرفاء أن يرفعوا ذلك العار عن أن أنفسهم، وأن يطهروا مجلسهم عن نجاسات الصهاينة، ومن يتآمرون معهم على وطننا وإلا فقد لحق العار بالجميع.
اللهم بلغتُ.. اللهم اشهدْ.