الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

فداء للبشرية وكلماته عطايا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
السيد المسيح تكلم سبع كلمات على الصليب، وفى هذه اثبت لاهوته «يا أبتاه»، وأثبت ناسوته أى إنسانيته «يا إلهى»، وبذلك أثبت أنه الإله المتجسد، وقد قال كلماته بترتيب عجيب فأولا طلب المغفرة للناس، وثانيا ذكر أعداءه قبل أحبائه، وفى الكلمتين الأخريين هتاف النصر والفرح.
والآن نتكلم عن كل كلمة من كلماته المقدسة:
١ـ «يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون» (لوقا ٣٤:٢٣).
السيد المسيح وهو فى عمق الألم كان منشغلا بغيره أكثر من نفسه، وأول من فكر فى إنقاذهم هم صالبوه، فالقديس «لونجينوس» الذى طعن المسيح بالحربة، آمن بالمسيح ثم بشر فى ولاية كبادوكيه، واستشهد على يد طيباريوس قيصر وتعيد له الكنيسة مرتين، والقديس «اريانوس»، والى انصنا، سفك دم عشرات الآلاف وقتلهم فى وحشية، ثم آمن واستشهد على يد الإمبراطور دقلديانوس وكتب اسمه فى السنكسار، و«شاول الطرسوسى» آمن بالسيد المسيح وأصبح بولس من أعظم الرسل، «يا أبتاه اغفر لهم: للذين يؤمنون ويتوبون»، «هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به».
اليهود الحاليون لم يؤمنوا بالمخلص، الذى ولد قبل ٢٠١٦ عاما، لذلك لم ينالوا الغفران، وفى هذه العبارة يعلن أنه ابن الله «لاهوته»، وبذلك رد على الذين يقولون له إن كنت ابن الله انزل من على الصليب.
٢ـ «الحق أقول لك إنك اليوم تكون معى فى الفردوس» (لوقا ٤٣:٢٣).
أول إنسان خاطبه السيد المسيح هو هذا اللص، وهو الذى لم يرد على كثيرين طوال مدة المحاكمة، «لم يفتح فاه كشاه تساق إلى الذبح»، ففكر اللص اليمين فى أبديته وفكر اللص الشمال فى إنقاذ جسده، نحن لا نعرف المختارين، فمن كان يظن أن هذا اللص سيصير واحدا منهم.
لقد كان هذا اللص عجيبا: اعترف بالسيد المسيح رباً، «اذكرنى يا رب»، واعترف به ملكاً، «متى جئت فى ملكوتك»، واعترف به مخلصاً قادرا على أن ينقله إلى الفردوس، واعترف بخطاياه، ولاستحقاقه الموت فقال لزميله: «أما نحن فبعدل جوزينا لأننا ننال استحقاق ما فعلناه»، وانتهر زميله وقال له «أو لا تخاف الله إذ أنت تحت الحكم بعينه.. أما هذا فلم يفعل شيئا ليس فى محله»، وبذلك يكون اعترف ببر السيد المسيح وخلوه من كل الخطايا، وبالتالى يكون السيد المسيح صلب بسبب خطايا غيره وليس خطاياه».
عجيب هذا اللص فهو الوحيد الذى دافع عن السيد المسيح وسط هذه الآلاف، ولم يقل كلمه إساءة له، بعكس تلاميذه الذين هربوا، فهذا اللص تعرف على إلهه فى ساعات قليلة، قضاها معه فى عمق، فأدرك أنه هو الله، والمهم هو العمق فى العلاقة مع الله.
السيد المسيح المعلم الصالح رد على اللص بتعليم جميل: إنك الآن تكون معى فى الفردوس مكان الانتظار إلى أن تأتى القيامة الثانية وتكون عن يمينى وندخل معا الملكوت. اليوم تكون معى دليل أكيد على عدم وجود مطهر وكذلك تنفى أن الروح تظل فى الارض ٣ أيام. السيد المسيح أعلن فتح باب الفردوس لأول مرة بعد خطيئة آدم، وهذان عملان إلهيان: فتح باب الفردوس وغفران خطايا اللص اليمين.
٣ـ «هو ذا ابنك.. هو ذا أمك» (يوحنا ٢٧ ٢٦:١٩).
السيد المسيح، وهو فى وسط الآلام، كان يهتم بالآخرين أكثر من اهتمامه بنفسه، اهتم بصالبيه واهتم باللص، ثم عهد بأمه البتول القديسة مريم إلى القديس البتول يوحنا الحبيب، وقد اهتم الرب يسوع بأمه فى ثلاث نقاط: الحديث معها والعناية بها، ومنحها ابنا روحيا يرعاها.
وكان يوحنا قد تبع السيد حتى الصليب، وأخذ العذراء ولم يترك أورشليم حتى نياحتها، والسيد المسيح هو الذى تكلم مع السيدة العذراء، وهى لم تتركه لحظة واحدة، وقالت له: «أما العالم فيفرح لقبوله الخلاص، وأما أحشائى فتلتهب بالنار عند نظرى إلى صلبوتك، الذى أنت صابر عليه من أجل الكل يا ابنى وإلهى»، وهذا دليل على أن العذراء ليس لها أولاد آخرين كما يدعى البروتستانت.
٤ «إلهى إلهى لماذا تركتنى؟» (متى ٤٦:٢٧).
بهذه العبارة أثبت السيد المسيح ناسوته، وتكلم كابن الإنسان، وهذه العبارة تعنى أن الأب قد ترك الابن للعذاب. وهذا يعنى أن آلام السيد المسيح على الصليب كانت آلاماً حقيقية. وبهذه الكلمات يذكر الرب اليهود بالمزمور القائل «ثقبوا يدى وقدمى، وأحصوا كل عظامى.. وهم ينظرون ويتفرسون فى. يقسمون ثيابى بينهم وعلى قميصى يقترعون» (ع ١٨:١٧).
قال السيد «إلهى إلهى» لأنه تألم نائباً عن البشرية، «وضع نفسه.. آخذا صورة عبد.. وأطاع حتى الموت موت الصليب»، والسيد المسيح أناب عن البشرية فى الصوم، وطاعة الناموس، وتقديم حياة طاهرة مقبولة من الأب «ليس من يعمل صلاح ولا واحد»، والموت والعذاب وفى دفع ثمن الخطية عنا.
٥ـ «أنا عطشان» (يو ٢٨:١٩).
من أجل خطايانا جف حلق الرب، وذلك لأجل العرق الكثير الذى سال كقطرات دم فى بستان جثيمانى، وفى رحلة الطويلة والمحاكمات والتعذيب، الرب كان عطشاناً من الناحية الجسدية ومن الناحية الروحية، عطشان ليتمم الخلاص للبشر، قال «أنا عطشان» ليطلب معونة بشرية، لكن هم قدموا له خلا ممزوجاً بالمر، كنوع من المخدر لتخفيف الألم ولكنه «لم يرد أن يشرب» (مت ٣٤:٢٧)، لكى تتم النبوات «وفى عطشى سقونى خلا» (مز ٣٤:٦٩). وخطايانا كل يوم هى التى تجعل حلقه المقدس يجف كل يوم.
٦- «العمل الذى أعطيتنى لأعمل، قد أكملته» (يو ٤:١٧).
السيد المسيح أكمل بر الناموس «من منكم يبكتنى على خطية» (يو ٤٦:٨)، وأكمل كل النبوات الخاصة به، وأكمل عمله الكرازى، كما كملت الخطايا الموضوعة على كتفيه، وأكمل أيضاً العار الواقع عليه «ملعون من علق على خشبه»، بذلت ظهرى للضاربين، وخدى للناتفين، ووجهى لم أستره عن خزى البصاق، وكمل آلامه بالجسد وكمل الغضب الواقع عليه.
«قد أكمل» هى هتاف الفرح والانتصار، هتف به الرب الذى صارع وملك، واستطاع أن يشترينا بثمن.
٧ـ يا أبتاه فى يديك أستودع روحى (لو ٤٦:٢٣).
فى يديك أنت أستودعها، وليس فى يدى غيرك، «رئيس هذا العالم يأتى، وليس له فى شىء» (يو ٣٠:١٤). لقد اشتاق رئيس هذا العالم (الشيطان) أن يحصل على هذه النفس.
يقول القديس متى الرسول إن السيد المسيح «صرخ بصوت عظيم» (مت ٥٠:٢٧). هذا الصوت دليل على انتصار الرب لأنه بالموت داس الموت، وبالنسبة لنا طمأنينة من ناحية خلود الروح أى أنها لا تنتهى بالموت. فى عبارة يا أبتاه أثبت السيد المسيح لاهوته وأنه ابن الله.