الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

البرود الإنجليزي ومقتل شريف المصري!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فضح حادث مقتل المهندس المصري شريف عادل حبيب ميخائيل، حرقًا، الذي عُثر على جثته متفحمة داخل أحد جراجات السيارات في منطقة ساوث هول بالعاصمة البريطانية لندن، حالة الازدواجية الحمقاء والعدالة الأوروبية العرجاء، التي تتعامل بها مع ملف حقوق الإنسان والذي طالما تشدقت به واستخدمته سيفًا مسلطًا فوق رقاب الدول التي تقع في مرمى استهدافها.
وتتمثل حالة الازدواجية فيما عبّرت عنه بريطانيا التي سارعت للإعراب عن خيبة أملها من عدم إحراز تقدم في التحقيقات التي تجريها السلطات المصرية لكشف لغز غموض مقتل الشاب الإيطالي جوليو ريجيني على أرض مصر، رغم كل التسهيلات وأوجه التعاون التي قدمتها السلطات المصرية أمام المحققين الإيطاليين، في حين تتعامل بمنتهى البرود في حادث مقتل الشاب المصري على أراضيها.
والتساؤل الذي يفرض نفسه في هذا الملف: لماذا انتفضت بريطانيا وبادرت بإصدار الأحكام وتوجيه الاتهامات لمصر بالتقاعس؟، في حين تحلت بأقصى درجات "البرود الإنجليزي" في الجريمة التي وقعت على أراضيها رغم وجود أشهر جهاز تحقيقات جنائية في العالم بها ونقصد به "سكوتلاند يارد".
ولعل الإجابة عن هذا التساؤل تكمن في حالة "العدالة العرجاء" التي يتعامل بها الغرب عمومًا، وبريطانيا على وجه الخصوص، فيما يتعلق بحقوق المواطنين العرب وخصوصًا المصريين على أراضيها.
فذاكرة التاريخ تؤكد أن حادث مقتل المهندس المصري شريف عادل، ليس هو الجريمة الأولى، وربما لن تكون الأخيرة، فمنذ عدة أعوام لقيت الفنانة المصرية الشهيرة سعاد حسني مصرعها إثر سقوطها من شرفة منزلها في ملابسات اكتنفها الغموض، رغم أن كل المؤشرات كانت تؤكد أن هناك دوافع جنائية وراء وقوع الحادث.
إلا أن جهاز "سكوتلاند يارد" الذي يتميز بوجود نخبة من أمهر المحققين يمتلكون من القدرات والمهارات ما يجعلهم قادرين على فك طلاسم أغرب القضايا المثيرة للجدل في فترة زمنية قصيرة، قياسًا على ضخامة القضايا، مهما كانت قوتها وحساسيتها، ورغم كل هذا فشل في كشف غموض تلك الواقعة، ولم يتوصل إلى أي دليل، ليُقيد الحادث ضد مجهول.
كما لقي رجل السياسة البارز أشرف مروان، صهر الزعيم جمال عبدالناصر وزوج ابنته الكبرى منى، مصرعه أيضًا في لندن، ولعله ليس من قبيل المصادفة في نفس العقار الذي لقيت فيه الفنانة سعاد حسني مصرعها، وهو يعد واحدًا من أشهر مَن دخل عالم الجاسوسية في القرن العشرين، حيث وصفت الصحف الإسرائيلية "مروان" بأنه العميل المزدوج الذي أذاق إسرائيل مرارة الهزيمة.
وقد أعلنت شرطة سكوتلاند يارد فتح تحقيقات موسوعة لمعرفة أسباب وفاة مروان، واستمرت التحقيقات سنوات، خرج بعدها الجهاز ليعلن أن سبب الوفاة هو الانتحار وأنه لا توجد أي شبهة جنائية تحوم حول وفاته.. المثير هي رفض "سكوتلاند يارد" إعلان تقريره النهائي على الملأ، ليبقى الغموض كالعادة هو سيد الموقف.
وبطبيعة الحال لم تكن الفنانة المصرية سعاد حسني ولا رجل السياسة أشرف مروان، هما الضحيتان الوحيدتان اللذان لقيا مصرعهما في ظروف غامضة في بريطانيا.. حيث لحق بهما الفريق الليثي ناصف، مؤسس سلاح الحرس الجمهوري في عهد الرئيس جمال عبدالناصر.
فأثناء سفر "ناصف" لليونان هبط في لندن لإجراء بعض الفحوصات الطبية إلا أنه لقي مصرعه من شرفة منزله أيضًا في لندن.. وقد تعددت الروايات حول الحادث وتنوعت الاتهامات، فاعتقد البعض أن جهاز سكوتلاند يارد سيكون قوله بمثابة القول الفصل، ليُفاجأ الجميع بإعلان سكوتلاند يارد أن وفاة الفريق "ناصف" سببها حالة دوار أفقدته توازنه وهو ما رفضته أسرته والسلطات المصرية، أعقبه إعلان جهاز سكوتلاند يارد حفظ التحقيقات، ليبقى الغموض سيد الموقف إلى الآن.
فهل يلقى المهندس المصري، أحدث ضحايا الموت الغامض في بريطانيا، ذات المصير الذي لقيه سابقوه أم أن الجهاز الأمني الأشهر على مستوى العالم سيروي عطشنا لمعرفة الحقيقة هذه المرة؟.. في الأغلب ودون استباق للأحداث ستبقى لندن "مقبرة المصريين الغامضة".. والأيام بيننا.