الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الصورة الصوتية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لكل بلد صورة صوتية تستقبلك بدءا من المطار، مثل هدوء سويسرا والدول الإسكندنافية ودوشة المطارات الأخرى، ولكن ليس هذا ما أتحدث عنه بل أتحدث عن عزف السلام الجمهورى أو الملكى للدول التي نستقبل رؤساءها أو ملوكها، وأنا استمع إلى عزف هذه السلامات في كل دول العالم ولأننا مثلنا مصر (فرقة المصريين) عام ١٩٨١ في مهرجان «ممفيس في مايو» وقد استمعت للسلام الجمهورى المصرى الذي غيره السادات إلى «بلادى بلادي» بعزف بمنتهى الإجادة.
والإجادة لا تأتى إلا بالتمرين والتمرين فقط ولكن لأنى وزعت بعض الأعمال للموسيقات العسكرية قبل أن تحل بعد ١٩٦٧ حينما كان الضابط العظيم والفنان الكبير الأستاذ صلاح رجب قائدا للموسيقات وبالمناسبة هو «درامر» مجيد وهو الذي أدخل موسيقى الجاز إلى مصر، وأعرف أن أفراد الموسيقات يجيدون قراءة النوت الموسيقية إجادة فوق التامة، مما يدفعهم إلى التحدث بغرور، ولكن أغلبهم لا يعرف أن القراءة ليست كل الموسيقى فالموسيقىّ يجب أن يستمع لكل الموسيقى حتى يتناغم معها وقد كنت أتحدث مع عازف ترومبون شهير وقال لى بالحرف «أنا أعزف أي ورقة من اليمين إلى اليسار أو من اليسار إلى اليمين أو حتى بسيفها» وأنا واثق بل أعلم علم اليقين أنه صادق في كلامه ولكن هذا ليس كل ما في الأمر.
ولأننى استمعت إلى النشيد القومى الفرنسى أثناء زيارة الرئيس هولاند وأظن أن آلاف المصريين وآلاف الفرنسيين بل كثيرا من الأفارقة وكل أوروبا يعلمون أن العزف كان صحيحا ولكن بلا توافق بين كل الآلات، وقد سبق أن سمعنا النشيد الجمهورى الروسى بنفس عدم الإجادة أثناء زيارة الرئيس الروسى بوتين لمصر بل الأدهى أن في حفل تنصيب رئيس الجمهورية المصرى الرئيس عبدالفتاح السيسى كان العزف أيضا رديئا بل لأن كل المصريين يحفظون «فالسات شتراوس» عن ظهر قلب فقد أوجع قلبنا بعض النوت النشاز، بل إننى نظرت إلى القطط في الشوارع فوجدتها مستفزة مما سمعته.صحيح أن عزف السلام الجمهورى الفرنسى كان خاليا من النوت الخاطئة لكن لم تكن الآلات متوافقة مع بعضها البعض، وقد كانت هذه المشكلة تواجهنا في التسجيلات خاصة في تسجيل آلات النفخ النحاسية ولم أكن أعرف السبب إلى أن قابلت «ستانكنتون» في ولاية تينيسى بأمريكا وهو قائد لأكبر «بيج باند» في ولايات الجنوب بأمريكا، ولأننا كنا ضيوفا على الإدارة الأمريكية فكان علينا أن نبدى رغبتنا في مقابلة أي شخص شهير في هذه الولاية، وفى أثناء تناولنا الشاى سألته «لماذا لا نستطيع أن نسجل آلات النفخ النحاسية بطريقة نرضاها؟» وبلا تفكير قال «هناك أسباب كثيرة منها توحيد قطع الفم (البالوظ للموسيقيين) التي تختلف فتحاتها من آلة لأخرى، أيضا توحيد ماركات الآلات، لأن كل ماركة لها رنة مختلفة»، ولكن السبب الحقيقى للنشاز كان في هذه النصيحة التي مكنتنى من تسجيل آلات النفخ النحاسية في استعراض وأوبريت «اللعبة» للفنانة الكبيرة نيللى إذ يجب أن يعزف الجميع المقطوعة المراد عزفها ثم يتركوا الآلات جانبا ويغنوها ثم يتمرنوا عليها مع الآلات مرة أخرى وذلك لأن عازف النفخ عندما يكون مشغولا بالتركيز في القراءة لا يستطيع التركيز في كمية النفخ المناسبة للنوتة، ومن المعروف لكل من يكتب لآلات النفخ أن مقدار الهواء عند النفخ يؤثر بالزيادة أو النقص في ضبط النوت المكتوبة وهذا ما حدث بالضبط في عزف موسيقانا العسكرية لنشيد المارسيلييز وهو النشيد القومى الفرنسى، إذ لم يكن هناك أي نوت خاطئة ولكن بالقطع لم يكن هناك أدنى حد من التوافق، ولابد للمؤسسة العسكرية التي تعد من أقوى عشرة جيوش في العالم وأكثرها انضباطا أن تعيد النظر في تدريب القوات الموسيقية، وأيضا إعادة النظر في موضوع الآلات وأنا واثق أن كل الخبرات المصرية من قادة الأوركسترا وعازفى النفخ على استعداد لوضع خبراتهم لتحسين صورة مصر الموسيقية.