السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

المهن المحرمة على الأقباط

بين الاستبعاد المتعمد والعزلة الاختيارية

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
على الرغم من تأكيد الدستور المصرى حق المساواة وعدم التمييز على أساس دينى، إلا أن وباء العنصرية الدينية في مصر ازداد على مدى العقود الثلاثة الماضية نتيجة عدة أسباب سياسية واجتماعية، وامتدت التفرقة والانتقاء على أساس الدين لتشمل العديد من الوظائف، بينما أرجع البعض نقص تواجد الأسماء المسيحية إلى عزوف الأقباط أنفسهم داخل الكنيسة وعدم انخراطهم في المجال العام ما يضيع عليهم العديد من الفرص الوظيفية المهمة. فيما أشار البعض الآخر إلى أنه يتم استبعاد المسيحيين -سواء بقصد أو بدون- في المهن المتعلقة بالجهات السيادية مثل: المخابرات والقضاء ورئاسة الجامعات والبنوك، حيث تكاد تخلو تلك المهن من الأسماء المسيحية، لكن الأمر لم يتوقف عند تلك الوظائف الحساسة بل طال أيضًا وظائف عادية.

مدير أكاديمية وادى دجلة: دور الآباء الأقباط في منتهى السلبية، حيث ينقلون لأبنائهم أنهم سيتعرضون للاضطهاد وهو ما يدخل الخوف إلى نفوس الأطفال ما يدفعهم للعزوف عن المشاركة.

قسم طبى للمسلمين فقط
ينطبق الحال على تخصص النساء والولادة في كلية الطب الذي يُمنع من دخوله المسيحيون وذلك رغم أن مَن أسس هذا القسم في مصر هو نجيب محفوظ باشا أول رئيس مصرى لقسم النساء، ولا يزال مستشفى قصر العينى محتفظًا بمتحف يحمل اسمه تخليدًا له ولمادته التعليمية المتميزة، إلا أن هذا لن يشفع في قبول طلبة مسيحيى الديانة في هذا القسم.
هذا ما أكده دكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، فقد أقر بأن قسم النساء والولادة في قصر العينى خال من الأطباء المسيحيين.
وحين يُسأل الطلبة أو الدكاترة عن سبب الظاهرة يتم ترديد رواية بلا مرجع تفيد بأن مؤسس القسم د. نجيب محفوظ باشا كان يضطهد المسلمين، وكان غرضه تعقيم النساء المسلمات.
أما دكتور محمد أبوالغار، وهو رجل سياسي وطبيب «نسا وولادة»، فيؤكد أنه كان شاهدًا على تداول هذه الرواية ويقول: «إن العنصرية ازدهرت في العقود الماضية التي سيطر فيها تيار الإسلام السياسي على مقدرات وعقول الكثير من المصريين، وللأسف فإن العنصرية أصبحت موجودة في كل مكان حتى في الأوساط الأكاديمية التي من المفروض أن تكون بتفكيرها وعقلانيتها بعيدة عن ذلك».
ويضيف: «إنه من المعروف أن جميع أقسام أمراض النساء والولادة في جميع الجامعات المصرية لا يوجد بها عضو تدريس مسيحى، وذلك لسببين: الأول أن هناك تمييزًا واضحًا من بعض الأساتذة في الامتحان الشفهى ضد المسيحيين، ما يحرمهم من الحصول على مركز متقدم في امتحان البكالوريوس، وحتى الذين يحصلون بصعوبة على مركز معقول يمكّنهم من الحصول على وظيفة نائب، يخافون من سوء المعاملة واحتمال عدم النجاح في الدراسات العليا، وربما يقوم البعض بإدخال الرعب في قلوبهم إن هم فكروا في ذلك». 
النشاط الكروي
على مدى تاريخ النشاط الكروى المصرى، لم يبرز من نجوم الكرة وكانوا من أصاحب الديانة المسيحية إلا أعداد قليلة لا تتعدى عدد أصابع اليد الواحدة، كان أبرزهم هانى رمزى لاعب المنتخب المصرى السابق، وكان آخر لاعب شارك باسم المنتخب المصرى هو شادى عهدى، لاعب نادي وادى دجلة السابق، الذي ضمه ربيع ياسين لمنتخب الشباب في ٢٠١٣، حتى أصبح السؤال الحائر هل هناك عنصرية داخل الملاعب المصرية، وأين يمارس الأقباط في مصر لعبة كرة القدم؟
ويشارك في الدوري المصرى الممتاز ١٨ ناديا رياضيا، مسجل لها ٥٤٠ لاعبا، بواقع ٣٠ لاعبا لكل ناد، لا يتواجد بينهم أي لاعب مصرى قبطى، ولا يتواجد أي مسيحى في الدوري الحالى سوى عدد من اللاعبين الأفارقة المسيحيين، ولا يسمح إلا بتواجد ٣ لاعبين لكل ناد بمعدل ٥٤ لاعبا غير مصريين يوجد بينهم عدد من اللاعبين المسلمين.
ولم تكن ظاهرة عدم تواجد اللاعب المسيحى بالأندية المصرية ظاهرة حديثة، حيث وفقا لما تم رصده في آخر ٢٠ عاما في حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك، لم يتخط عدد اللاعبين الأقباط المشاركين في أندية الدوري الممتاز الستة لاعبين فقط كان منهم هانى رمزى الذي لعب للنادي الأهلي قبل أن يحترف وعمره لم يتخط الـ٢٢ عاما، بجانب ٥ لاعبين هم محسن عبدالمسيح لاعب الإسماعيلى والترسانة السابق وأشرف يوسف في المنيا والزمالك وناصر بولس في المحلة إضافة إلى حارسى ناديى بترول أسيوط وطلائع الجيش السابقين ناصر فاروق وعماد فريد شوقى.
للأسف مسيحى.. غير ديانتك وتعالى
نقلت وسائل الإعلام المصرية، خلال شهر مارس الماضى حالتين عبرتا عن وجود معاملة عنصرية في قبول أطفال في اختبارات الأندية، وذلك بسبب أنهم مسيحيون، ووصل الأمر إلى أن طلب أحد المدربين من لاعب مسيحى يمتلك موهبة أن يغير ديانته ثم يأتى إليه.
حيث روى شنودة وهيب في مداخلة مع الإعلامي المصرى خالد الغندور، عن واقعة قريب له بمحافظة المنيا، والذي كان يرغب في لعب كرة القدم في نادي المنيا، ولكن عندما علم المدير الفنى للشريحة السنية التي تقدم لاختباراتها أنه مسيحى، رفض قبوله داخل النادي، واشترط عليه تغيير دينه حتى يستطيع أن يأخذه في النادي. 
وفى واقعة مماثلة، نقل أحد الكتاب المصريين رسالة من قبطى يروى فيها عن ابنه يوسف ١٠ سنوات، وكيف أنه لديه إحساس الاضطهاد، ولن يلعب الكرة لأنهم لا يأخذون المسيحيين، ودائما ما يقول لهم المدرب «للأسف مسيحى».
هانى رمزى: الحاجز النفسى أحد الأسباب
وعن حقيقة أسباب تلك الظاهرة، يقول هانى رمزى أشهر مسيحى لعب كرة القدم بمصر، واللاعب الدولى السابق، إن هناك ٣ نقاط في تلك الظاهرة، أولاها بالفعل هناك جزء متعصب في قطاعات الناشئين، يقوم باستبعاد لاعب متميز لأنه مسيحى فقط، ولكن هذا الأمر قليل جدا، ولكنه ما زال موجودا، أما الأمر الثانى فهى نظرة الأهالي، والتي دائما ما تبرر استبعاد ابنها لأنه مسيحى، رغم أن ابنها بالفعل ليس موهوبا، وهو ما ساعد على مضاعفة حجم الظاهرة السلبية. وأكد رمزى في تصريحات صحفية، أن الأمر الثالث هو الحاجز النفسى الذي ترعرع داخل الأسر القبطية نتيجة بعض التجارب القليلة، وأصبح هناك بالفعل العديد من العائلات المسيحية التي أصبحت منغلقة على نفسها، راويا عن موقف حدث معه عندما كان في ناشئى الأهلي في الثمانينيات، عندما ردد الكثيرون من المحيطين به أنه لن يكمل في النادي الأهلي لأنه مسيحى، وبعد انقطاع ١٥ يوما عن التدريب بالنادي، وجدت الكابتن أنور سلامة يبحث عنى وأرسل صديقا لى إلى منزلى وقال لى لا تستمع لهذا الحديث، وأكملت حتى وصلت إلى المنتخب. وذكر اللاعب الدولى السابق، أن هناك أندية في مصر يمتلكها أقباط، أشهرها نادي الجونة المملوك لرجل الأعمال الشهير نجيب ساويرس، ونادي وادى دجلة الذي يرأسه ماجد سامى وهو مسيحى، ويضيف: أثناء عملى في نادي وادى دجلة لمست محاولة حثيثة منهم لإتاحة الفرصة للموهبة أيا كانت ديانته، وعندما وجدت شادى عهدى أعطيت له الفرصة.
وهذا الحاجز النفسى أكده سامى حكيم مدير أكاديمية وادى دجلة ورئيس قطاع الناشئين الموهوبين سابقا «قبطى الديانة»، في تصريحات سابقة عن الظاهرة، حين قال «وجهة نظر أولياء أمور الأقباط لها أثر سلبى على مشاركات النشء في الرياضة، وفى الوقت الراهن أصبح دور الآباء في منتهى السلبية، حيث ينقلون لأبنائهم أنهم سيتعرضون للاضطهاد وهو ما يدخل الخوف إلى نفوس الأطفال ما يدفعهم للعزوف عن المشاركة، فولى الأمر هو الذي يزرع الخوف في نفس اللاعب لدرجة أن نادي دجلة وهو يعتبر من الأندية القبطية يضم نسبة ليست ضخمة مقارنة بأعداد الرياضيين المسلمين.
ويشير جمال أسعد المفكر القبطى المصرى المعروف، إلى أن هناك العديد من الممارسات الطائفية التي حدثت في فترات تاريخية تسببت في ظاهرة ما تعرف بـ«الهجرة إلى الكنيسة»، في ظل تولد عوامل أشعرت الأقباط بأنهم أقلية عددية، زاد من تأجيج تلك الظاهرة ممارسة الكنيسة، وتكوينها لدولتها الخاصة، وتوسع دورها لممارسة أنشطة وأدوار سياسية.
وأكد أسعد في تصريحات خاصة لـ«البوابة»، أن أنشطة الكنيسة ساعدت في زيادة الانطواء المجتمعى للأقباط، وزادت من عزلته، وكرة القدم لعبة جماعية تبدأ بالحارة، وأغلبية الشعب يمارس الكرة في الشارع، وعندما يكون هناك عزلة لهم داخل الكنيسة، فإنه ينعزل عن الشعب ولا يمارس اللعبة معهم، وأصبح وجود أحدهم في الأندية أمرا شاذا زاد من رفض وجودهم من البعض. وفى سياق متصل، طالب الحزب العلمانى المصرى، تحت التأسيس، الحكومة المصرية «باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمنع أي شكل من أشكال التمييز بين المصريين، وفقا للدستور المصرى، وللإعلان العالمى لحقوق الإنسان، والتي تجعل من معيار الكفاءة المعيار الوحيد لتولى الوظائف العامة.