الأربعاء 22 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الحقيقة خلف ثلاث صور

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الصورة الأولى له يحمل طفلًا صغيرًا ويضمه إلى صدره. الصورة الثانية ينحنى ليرفع طفلًا ركع أمامه على الأرض محاولا تقبيل قدمه وهو يصرخ «أنقذنا من الجوع». الصورة الثالثة بنات وأولاد فى عمر الطفولة، مسلمون ومسيحيون وإيزيديون يقفون بجوار سلم طائرة يتطلعون إليها مشدودين بحلم الحياة بين بشر يصونون كرامتهم وإنسانيتهم.
الصور الثلاث للبابا «فرانسيس الأول» بابا الفاتيكان القادم إلى المقعد البابوى من بلاد ضربتها نفس الكوارث التى ضربت بلادنا. قادم هو من الأرجنتين، يحمل داخله قيم الإنسانية التى هى الحقيقة التى تكمن خلف الصور الثلاث. كان البابا فرانسيس فى الأيام القليلة الماضية فى زيارة لمعسكر للمهاجرين السوريين والعراقيين فى اليونان. أراد بنفسه أن يشاركهم معاناة يعرف فداحتها فهو ابن هذه المعاناة.
كان هناك. ولم يستطع مدفوعا بإنسانيته تركهم فى عراء المجهول وقسوته.فاصطحب معه على نفس الطائرة أطفالا دون أن يسأل عن ديانتهم وكان من بينهم مسلمون ومسيحيون وإيزيديون، هم أبناء أسر فقدوا ذويهم فى حرب عبثية يزعم أطرافها القتلة زورا وكذبا أنهم يدافعون عن الدين.
خلف الصور التى التقطتها الكاميرات للبابا تكمن الحقيقة الإنسانية التى تدفعه لأن يجد نفسه بين البؤساء يحنو عليهم ويقدم لهم قدر ما يستطيع المحبة والمساعدة. اصطحب معه وتحت رعايته من فقدوا أسرهم دون تمييز مدفوعا بحقهم الإنسانى الذى يؤمن به فى الحياة الكريمة. كان وبعد أن جلس البابا فرانسيس على مقعده البابوى قد زار فى أولى زياراته خارج الفاتيكان واحدة من الجزر التى تعد معبرا للمهاجرين إلى أوروبا. هؤلاء الذين يفرون من الفقر والجوع والحروب فى بلادهم. فى هذه الزيارة أدان البابا كافة الظواهر اللاإنسانية التى تسببت فيها ودعا العائلات الأوروبية إلى استقبال المهاجرين. وفى دعوته رفض بشكل قاطع التمييز الدينى بين اللاجئين، أو التمييز بين دوافعهم للهجرة. فهم جميعا كما يرى يفرون هربا من البؤس. قائلا: «فى سبيل تغيير العالم، يجب أن نفعل الخير لهؤلاء الذين لا ننتظر منهم مقابل ما نقدمه لهم. ومن الرائع لو يقدر كل واحد منا أن يقول فى ختام اليوم: اليوم قمت بعمل خيرى تجاه الآخرين». والآخرون عنده هم البشر.هم الأشقاء فى الإنسانية دون تمييز بين عرق أو لون أو ديانة فهو القائل: «لا يمكنك الإساءة إلى إيمان الآخرين.. أو أن تسخر من إيمانهم.. هناك كثيرون يتحدثون بالسوء عن الديانات الأخرى، ويهزأون بها، ويعتبرون ديانات الآخرين ألعوبة. إنهم بهذا استفزازيون». استنكر أن يسخر أحد من دين آخر فهل وعلى سبيل المثال وصل إلى علم ياسر برهامى وأمثاله مثل هذا القول أم أن عقولهم وقلوبهم مغلقة على الغل والكراهية لكل من هو مختلف معهم حتى لو كانوا أبناء دينهم. وهل يعرف القتلة الذين يسفكون الدماء باسم الله أن البابا فرانسيس استنكر وأدان أن تشن الحروب باسم الله أو الدين. ولكن فى الدنيا مستنقعات تفرز القتلة المغلقة قلوبهم وعقولهم ولا يسكنها إلا الخراب والدمار، وترفض أى بصيص نور قد ينفذ إلى جدار الكراهية المنيع داخلهم. هؤلاء الذين يشردون الأطفال الذين ذهب إليهم البابا بنفسه ليتفقدهم مؤكدا صدق ما قاله وصدق إيمانه بالإنسانية: «لا يمكننا أن ننام بسلام فيما يموت أطفال من الجوع ويحرم المسنون من المساعدة». خلف الصور تكمن إنسانية رجل جاء من بلاد عانت ويلات الفقر والحروب والتمييز فآمن برسالته وانحيازه لمن يرى أنهم الأكثر احتياجا، وأن يقدم ما يستطيع لمن لا يملكون سوى فقرهم. هو المملوء بالمحبة وبالتسامح.وهو الحالم بما جاء فى رسالته فى اليوم العالمى للسلام: «أرغب أن أوجه للجميع أفرادا وشعوبا الدعاء لحياة مليئة بالفرح فى قلب كل رجل وامرأة.. حياة تتميز بشوق لا يمكن قمعه للأخوة التى تدفعنا نحو الشراكة مع الآخرين، الذين لا نجد فيهم أعداء ولا منافسين إنما كإخوة نقبلهم ونعانقهم». هل يمكن أن تكون الحياة بكل هذا الجمال. حياة ليس فيها قتل ودمار باسم الله وباسم الدين. حياة تكمن خلف صورها قيم إنسانية تحترم وتقدس الحق فى الحياة.