الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الرئيس والإعلام.. عتاب أم اتهام؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في كل مناسبة يتحدث فيها الرئيس عن قضية ما أو أزمة ما.. يكون الإعلام طرفا فيها أو حاضرا فيها يوجه الرئيس كلمات لا ترقى إلى مستوى الغضب، ولا إلى مستوى التوجيه لمسار معين.. لكنها كلمات لا تتجاوز حالة العتاب بين رئيس دولة جاء بعد ثورة شعبية كاسحة باستدعاء من أصحابها وبين إعلام كان رأس الحربة في الحشد والمؤازرة لتستمر الثورة في حالة زخم قبل موعدها بأشهر.
الرئيس يعاتب الإعلام خصوصا الإعلام الخاص لتأثيره الواضح في الشعب ويؤكد أنه شريك في المسئولية الوطنية وفى العمل على قيام الدولة من عثرتها، وشد أزرها وهى تواجه محاولات إسقاطها، وفى كل عتاب يطالبه بالوفاء بالوعد مع التأكيد على حريته في طرح كل وجهات النظر والآراء المختلفة، والطلب البسيط هو التيقن مما ينشر فقط ومراعاة ذلك عند الحديث في القضايا المهمة التي تتعلق بالأمن القومى للبلاد.. والحد من انتشار الشائعات وترويجها، وعدم تضخيم قضايا لا تستحق التضخيم، والتعتيم على قضايا تستحق إلقاء الضوء عليها بكثافة حتى تستقر في الوعى الجمعى للشعب.
أفهم أن ينظر الإعلام لرسالة الرئيس بهذا المعنى وهذا الوعى، وأن يأخذ رسالته التي لا تتعارض مع حرية التعبير وحرية الرأى مأخذ الجد وعين الاعتبار.. لكن للأسف تتحول الرسالة إلى شيء آخر تماما وتدور ماكينة الكلام والهرى «الرئيس لا يترك مناسبة إلا وينتقد الإعلام.. الرئيس لديه موقف من الإعلام.. الرئيس يطلب إعلام الحشد ذا اللون الواحد.. الرئيس يذكرنا بإعلام عبدالناصر.. الرئيس يريد خنق الإعلام وتكميم الأفواه.. الرئيس يضيق صدره بالنقد.. الرئيس يحاصر حرية التعبير ويفقدنا أهم مكاسب الثورة.. وغير ذلك من التعبيرات المعلبة، والألفاظ التي فقدت معناها من كثرة ترديدها على غير الحقيقة!».
تخرج علينا برامج التوك شو ليلا تلوك الكلام كما تلوك «اللبان العلقم»، ينشط مقدموها في اللت والعجن.. والعجينة مطيعة لا تقاوم فعل الصناع المهرة.. فيلبسون الرسالة مائة ثوب وثوب، وينبرى كل مقدم برامج منهم شاهرا سيفه الخشبى مدافعا عن حرية التعبير وحق المواطن الغلبان في حصة من التهييج والبلبلة والإثارة أقصد من المعلومات المضروبة التي تحمل وجهة نظر قائلها فقط بدون معلومات أو توثيق، ويستمر النواح والبكاء على الحرية والتعبير.. ونكسة التراجع والعودة للوراء!
قضية حق أرادوا بها باطلا.. بل كل الباطل والتضليل.. يقولون ذلك، ولا يجرؤ واحد منهم أن يعلن أن الرئيس أو رئيس الحكومة أو أحد الوزراء فيها أو أي مسئول كبر أو صغر طلب من أحدهم أن يقول كذا ولا يقول كذا، أو وجه أحدهم إلى قضية ما للتركيز عليها، أو طلب من أحدهم استضافة فلان أو علان، أو منع فلان من الظهور على شاشته.
إذا كان عند أحد منهم ما يؤكد ذلك فليقل لنا من فعل ذلك ومتى حدث؟ وإذا كان أحد منهم يمتلك الشجاعة فليخبرنا عن شكل التضييق عليه وتكميم فمه الذي يفتحه بالساعات أمام المشاهدين في وصلة كلام غالبا ما يكون مجرد كلام!.. من يمتلك شجاعة الشكوى الباطلة من كبت الحرية.. عليه أن يمتلك الشجاعة ويقول للرأى العام من يكبت حريته!
عتاب الرئيس للإعلام رسالة واضحة أن يتحول الإعلام إلى ميزة إيجابية في التقويم والإصلاح والنقد البناء وليس التلبيس والتدبيس والادعاء.. الإعلام صار قوة لا يستهان بها في حياة الناس، وصار قاطرة التنمية التي تعتمد على المواطن المثقف والواعى بحقوقه وواجباته، والذي يمكن أن يتحول إلى معاول هدم في أيدى من يريدون الهدم ويسعون إليه بكل قوة واندفاع.
وأظن -وليس كل الظن إثم- أن الكثيرين منهم يستخدمونه معاول هدم إلا ما رحم ربى لعلمهم أنه أهم أدوات حروب الجيل الرابع لإسقاط الدول بأيادى شعوبها.. الرئيس يعاتب والإعلام يحول العتاب إلى اتهام.. الرسالة لم تصل بعد، وأرجو أن تصل.