الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

ارتفاع أسعار الدواء يلهب جيوب الغلابة.. نقص أكثر من 600 صنف محلي لرفع أسعارها.. مافيا الأدوية تتحكم في عملية التسعير.. وزيادة ما بين 20% و40% في الأسعار بعد الموافقة على بيان الحكومة.. والأرباح خيالية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
زادت أسعار مئات الأصناف من الأدوية خلال الشهور القليلة الماضية، بسبب خسارة أغلبها وارتفاع أسعار المواد الخام للدواء مع ثبات أسعار الأدوية لسنوات طويلة، بالإضافة إلى ارتفاع سعر الدولار، وهو ما كبد الشركات المنتجة خسائر هائلة، وهو ما أكده د. محيي الدين عبيد، نقيب صيادلة مصر في تصريحاته، مؤخرًا، بأن أسعار الدواء تأثرت بشكل كبير بسبب ارتفاع سعر الدولار؛ لأن المواد الخام المستخدمة في تصنيع الدواء يتم استيرادها من الخارج بنسبة 90% للمادة الفعالة و100% للألبان.
مضيفًا أن الشركات رفعت أسعار بعض الأصناف وتوقفت عن صناعة الأدوية رخيصة الثمن تجاوزًا للخسائر، مما أدى إلى نقص أدوية كثيرة، لذلك يتم الترتيب حاليًا لاجتماع بين رئيس مجلس الوزراء، ووزير الصحة، ونقيب الصيادلة لرفع أسعار الدواء، معتبرًا أنه الحل الوحيد للتخلص من أزمة نقص الدواء، وسد عجز غياب الأدوية المهمة من السوق، مع وضع رؤية سريعة لعدم انهيار شركات صناعة الأدوية في مصر، مشيرًا إلى أن اجتماعه الأخير مع وزير الصحة ولجنة تسعير الدواء تم الاتفاق خلاله على تحريك سعر الدواء بما يضمن بقاء الصنف المحلي، خاصة أن الصناعة مهددة في ظل نقص أكثر من 600 صنف محلي.
وبسبب ذات الأزمة التي يعاني منها المصريون حذّر المهندس محمد فرج عامر، عضو مجلس النواب، من رفع أسعار بعض الأدوية منخفضة الثمن بحجة التعامل مع ملف أزمة الأدوية الخاسرة، بعد تراجع سعر الجنيه أمام الدولار، وعدم تحريك أسعار بعض الأدوية منذ عشر سنوات، بالتزامن مع ارتفاع سعر العملة الصعبة التي تعتمد عليها الصناعة بنسبة 90%.
وقال عامر، في بيان قدمه إلى الدكتور علي عبدالعال، رئيس مجلس النواب، لتوجيهه إلى الدكتور أحمد عماد، وزير الصحة، إنه يجب على الحكومة أن تدعم شركات إنتاج الدواء، وألا تتجه لرفع أسعار الأدوية، خاصة التي تهم الفقراء والبسطاء من محدودي الدخل، وغير القادرين.
كما حذر المهندس أمين مسعود، عضو مجلس النواب، الحكومة من الإقبال على رفع أسعار الدواء بعد موافقة مجلس النواب على برنامجها ومنحها الثقة، مشيرًا إلى أن هناك اتفاقًا مسبقًا بين الحكومة وغرفة صناعة الأدوية باتحاد الصناعات المصرية بتأجيل رفع أسعار الأدوية لحين موافقة البرلمان على برنامج الحكومة، حتى لا يغضب النواب، مشيرًا إلى أنه تم التنويه على رفع أسعار الأدوية بنِسَب تتراوح ما بين 20% و40%.
وطالب وزراء الصحة والصناعة وقطاع الأعمال العام ومن قبلهم رئيس مجلس الوزراء بالرد الفوري على هذا الأمر، لأن المواطن الغلبان ليس لديه القدرة المادية على العلاج من الأمراض، وشراء الدواء، محذرًا من خطورة الاتجاه نحو رفع أسعار الأدوية في الوقت الراهن.
وقال: "إذا كانت غالبية شركات الدواء تشكو من الخسائر الكبيرة لديها بعد ارتفاع سعر الدولار، فعلى الحكومة أن تقدم الدعم المادي المناسب لشركات الأدوية بدلا من الاتجاه إلى رفع أسعار الدواء"، مطالبًا جميع زملائه بالتضامن معه، وعدم الموافقة على برنامج الحكومة إلا إذا أكدت أمام البرلمان بعدم رفع أسعار.
وتواصلت التحذيرات، حيث حذر الصيدلي هاني سامح، الخبير في شئون الدواء ومسئول الملف في المركز المصري للحق في الدواء، في تصريحات، اليوم الإثنين، وزارة الصحة من الرضوخ لمافيا شركات الأدوية في طلبها زيادة أسعار الأدوية، موضحًا أن هذه الشركات يصل حجم مكاسب الشركة الواحدة منها من 2.5 مليار جنيه سنويًا إلى نصف مليار سنويًا لأصغر شركة، وذكر أن إحدى شركات الدواء المغمورة أقامت حفلاً للأطباء، وأحضرت أشهر راقصة في مصر، ومنحتها ما يزيد على 600 ألف جنيه مقابل ساعة واحدة من الرقص مما يوضح جانبًا من أرباحهم الخيالية.
وقال سامح: إن دول المنطقة وعلى رأسهم السعودية والإمارات قامتا بخفض أسعار الأدوية، مؤخرًا، ووضعت ضوابط للتصدي لهامش الربح الضخم الذي تتكسبه تلك الشركات، والذي يتخطى أرباح تجارة السلاح والمخدرات.
وقال الصيدلي هاني سامح: إن هناك مجموعة من الأكاذيب تنشرها تلك الشركات للتغطية على حجم أرباحهم المهولة منها تأثرهم بارتفاع سعر الدولار.
وفند الصيدلي هذا الادعاء قائلا، إنه حتى لو ارتفع سعر الدولار 10 أضعاف فهو غير مؤثر على تلك الشركات لأن أسعار المواد الخام بحساب سعر الدولار، والشحن لا تتجاوز الملاليم المعدودة، مدللا على كلامه بأمثلة عديدة ذكر منها عقار "تافانيك" وهو مضاد حيوي يباع للجمهور بسعر 85 جنيهًا، في حين أن المادة الخام تسليم مطار القاهرة سعر الكيلو منها 41 دولارًا وهو يكفي لإنتاج 400 عبوة بمعنى أن تكلفة العبوة الواحدة هي 70 قرشًا فقط، وكذلك دواء "بلافيكس" لعلاج الجلطات فسعره في السوق 205 جنيهات، رغم أن سعر المادة الخام تسليم مطار القاهرة 492 دولار للكيلو، ويكفى لإنتاج 476 عبوة بمعنى أن تكلفة العبوة 7 جنيهات.
وكذلك دواء "ليبيتور" مادة "اتورفاستاتين" لعلاج الكوليسترول، فيتراوح سعره في السوق بين 60 و108 جنيهات- حسب التركيز- رغم أن سعر المادة الخام تسليم مطار القاهرة هو 307 دولارات، بمعنى أن تكلفة العبوة تتراوح بين 14 قرشًا و60 قرشًا، حيث ينتج الكيلو 14 ألف عبوة.
وكذلك دواء "أماريل" لعلاج السكر، فيباع للجمهور بسعر 5.5 جنيه، رغم أن سعر المادة الخام تسليم مطار القاهرة 488 دولارًا للكيلو، الذي يكفى لإنتاج مليون قرص في 100 ألف عبوة لتصل تكلفة العبوة 3 قروش فقط.
وقال سامح: إن هناك أكذوبة أخرى تروج لها هذه المافيا وهي التباكي على خسائر شركات قطاع الأعمال واستغرب الصيدلي من تجاهلهم ذكر أرباحهم ومكاسبهم الخرافية التي تصل إلى عشرات المليارات من الجنيهات سنويًا، وذكر سامح أن شركات قطاع الأعمال عددها لا يتجاوز 5 شركات في حين يصل عدد المصانع وشركات الأدوية إلى أكثر من 2000 شركة، وأن السبب في خسائر تلك الشركات الحكومية يعود إلى الفساد الوظيفي وسوء الإدارة والتخطيط وانعدام الكفائات بتلك الشركات، وأن أغلب أدويتها هي أدوية عفى عليها الزمن وتجاوزها الطب.
وقال إنه في ظل المنافسة الشرسة بين الشركات الخاصة والمتعددة الجنسيات؛ تعاني شركات قطاع الأعمال من فشل تسويقي وإداري أخرجها من المنافسة محققة خسائر بينما الشركات والمصانع الخاصة والمتعددة الجنسيات تحقق أرباحًا بالمليارات.
وطالب سامح، رئاسة الوزراء، بتشكيل لجان رقابية للتحقيق في كيفية تحقيق تلك الشركات الخاصة والمتعددة الجنسيات لتلك الأرباح المهولة رغم أن قوانين التسعير الجبري للدواء تنص على هامش ربح لتلك الشركات لايتجاوز الـ 15% من تكلفة المواد الخام، والتصنيع وذكر الصيدلي هاني سامح، أن عددًا كبيرًا من تلك الشركات والمصانع تحظى بإعفاءات ضريبية وامتيازات وأراضي مجانية ودعم للطاقة سواء الكهربائية أو البترولية وأن معظمها رغم ذلك تنتهك قوانين العمل والدواء والتسعير الجبري، وتحصل بمعاونة رجالها بوزارة الصحة على أسعار مخالفة للقانون الذي ينص على التسعير وفقًا لأقل سعر عالمي للدواء ووفقًا لأسعار دولة الهند.
من جانبه أكد الدكتور محمد البهي نائب غرفة الأدوية باتحاد الصناعات المصرية، أن مئات الأدوية تحتاج لرفع أسعارها لكي يتواصل الإنتاج لوقف نزيف خسائر الشركات، وتوفير الأدوية الناقصة بالأسواق، لأن تدني السعر هو أهم سبب لوجود نقص في الكثير من الأدوية، مطالبًا برفع أسعار الأدوية التي يقل سعرها عن 20 جنيهًا بنسب بين 10% و20% وبحد أدنى 2 جنيه.
وناشد "البهي" وزارة الصحة والسكان بالوقوف بجانب الصناعة الوطنية للدواء خاصة في ظل الارتفاع المستمر للدولار، حيث بلغت خسائر الشركة القابضة للأدوية العام الماضي 180 مليون جنيه.
وقال "البهي": إن الغرفة تقدمت باقتراح لرئيس الوزراء لرفع أسعار عدد من الأدوية التي ثبتت أسعارها لفترات طويلة؛ حفاظًا على الصناعة الوطنية.