رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

بين حسن البنا وسيد قطب "٢"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
صار مما لا شك فيه البتة أنه لا فارق مطلقًا فيما بين «سيد قطب» و«حسن البنا» من حيث التفكر ولا التكفير ولا الإرهاب والإجرام، فكلاهما على نفس العقيدة والمنهاج والفكر، والذى هو فى أصله فكر الخوارج الأولين.
وما كان من المجرم الأكبر والإرهابى الأعظم فى التاريخ المعاصر، وفى القرنين العشرين والحادى والعشرين: «حسن البنا»، سوى أن أحيا هذا الفكر اللعين، وعمد إلى باطله فألبسه ثياب الحق، وجاء بلحاء الضلال فغشاه بأديم من الصواب!
وعلى نهجه الخبيث والبغيض هذا سار التلميذ النجيب فى مدرسته «سيد قطب» ولكنه صاغ ما أسسه «البنا» وما اعتقده فى أسلوب أدبى ليخدع به البسطاء من الناس، فيظنونه حقًا وخيرًا وهو عين الباطل والضلال، ويحسبونه هينًا وهو عند الله عظيم!
إلا أن الأمانة العلمية تقتضى أن أبين أنه كان هناك فارق وحيد بين الشقيقين فى الضلال والشقاء: «البنا وقطب»، ولكنه - وللأمانة العلمية أيضًا - اختلاف فى الشكل دون الموضوع، وفى الطريقة والأسلوب دون الجوهر والحقيقة!
فالفارق بينهما، يكمن فى كون «حسن البنا» كان شخصًا خبيثًا بطبعه، يستطيع أن يتلون - كما الحرباء - بألف لون لكى يخدع الناس عن حقيقة أمره ومكنون ضميره، فكان «البنا» بارعًا فى النفاق والتخفى والخداع، ولم يكن يظهر ما يعتقده حقيقة للناس، وإنما كان يظهر عقيدته للخُلَّص من أتباعه ولمن يثق بهم تمام الثقة من خرفانه!
أما «قطب» فقد كان عصبيًا جهولًا، انفعاليًا، بحيث لا يستطيع أن يخفى انفعالاته، فكان «غشيمًا!!» بحق، فلهذا كشف عن الكثير مما أخفاه «البنا»، بسبب طيشه ورعونته!
الفارق الوحيد بينهما إذن هو أن الأول كان خبيثًا وداهية ولا يكشف ما فى باطنه وكرشه لأحد، حتى يثق من أنه قد تحول تمامًا وبالفعل إلى خروف إخوانى يسمع ويطيع، وقد ألغى من حياته مصطلحات من أمثال: العقل، والتفكير، والانتقاد، وما شابه ذلك، ولم يبقِ لنفسه إلا الثقة العمياء فى قادته، وأن القيادة لا تخطئ!!
أما الأخير فقد كان مندفعًا، وأشد ثورانًا من الثور الهائج، فكان يندفع اندفاعًا لا يستطيع معه أن يسيطر على ما فى مكنونه، فيكشف نفسه ويفضح ذاته وجماعته!
وأما ما دون ذلك من الاعتقاد والفكر والمنهج، فلا شك أن الشقيقين «البنا وقطب» قد كانا فى الضلال سواء! حذو النعل بالنعل!
بحيث نستطيع أن نجمع كل ما مضى وما سيأتى ونلخص العلاقة بينهما بقولنا: إن «سيد قطب» لم يزد فى كل ما قاله وفعله وكتبه، على أن دون ما كان يعتقده «حسن البنا» من اعتقاد لنفسه ولجماعته التكفيرية الأم لكل جماعات التكفير المعاصر: «جماعة الإخوان التكفيرية»!
ولهذا فإنك تلحظ - أيها القارئ المكرم - أن «سيد قطب» حين كتب ما كتب وطبع ما طبع من كتبه، كــ«معالم فى الطريق» و«فى ظلال القرآن» و«المستقبل لهذا الدين» وغيرها من كتبه المنحرفة، لم يجد من يعترض على ما كتبه من الجماعة كلها، لا من القادة ولا من الدهماء - هذا إن كان لهم حق الاعتراض أو الانتقاد من الأساس! - ولا اختلف معه أو عليه أحد من الإخوان حتى هلك، وبعد أن مات بسنوات عديدة لم يظهر انتقادًا فى الإخوان لفكر «سيد» إلا فى نهاية السبعينيات من القرن الماضى، والذى لم يكن انتقادًا صادقًا وحقيقيًا وإنما كان فى إطار خطة خبيثة للخداع قام بها «فريد عبدالخالق» كما ذكرتها فى المقال السابق.
وأما فى حياته، فإنه لم يعترض إخوانى واحد على ما كتبه، أو قال أحدهم يومًا: إن ما كتبه «قطب» يخالف ولو قيد أنملة ما كان عليه «البنا»، وإنما قال بعضهم على استحياء بأن ما كتبه «سيد»، وإن كان صحيحًا موافقًا لاعتقاد ومنهاج الجماعة، ومطابقًا لفكر «البنا»، إلا أننا لم نتعود على التصريح به علانية حتى لا يأخذ علينا! وحتى لا يفضح حقيقة أمرنا أمام العالمين!
بل على العكس من ذلك فقد كان الإخوان وعلى رأسهم مرشدهم «الهضيبى» لا يرون ولو فارقًا واحدًا بين قطبى الجماعة «البنا وقطب»، وقد ذكر ذلك القيادى الإخوانى الكبير «عباس السيسى» فى كتابه «فى قافلة الإخوان»، فقال ما نصه: «إنه - أى «الهضيبى» - لا يعلم أن للأستاذ - «سيد قطب» - فكرًا يغاير فكر الإخوان المسلمين!
ولقد استأذن «سيد» المرشد «الهضيبى» بواسطة «زينب الغزالى» فى أن يطبع كتابه «معالم فى الطريق» فأذن له المرشد بطباعته ووافق على ما فيه!
قالت «زينب الغزالى»: «وعلمت أن المرشد اطلع على ملازم هذا الكتاب «معالم فى الطريق» (فالهضيبى قرأ الكتاب وهو بخط يد «سيد» ولم يعترض عليه بل أثنى عليه وأمر بطباعته!) وصرح للشهيد!! «سيد قطب» بطبعه، ثم قالت: وحين سألته قال لى: «على بركة الله»!!
فهذا اعتراف مباشر من أعلى قيادة فى الإخوان فى زمن «سيد قطب» وحياته، يقر وبلسانه بأنه لا يعرف أن لــ«سيد قطب» فكرًا يخالف فكر «حسن البنا»، بل ويأذن بطباعة كتبه ونشرها ممثلة للجماعة!
فهل يقبل من أحد بعد مرشد الجماعة وكبيرهم الذى علمهم الضلال قول أو شهادة؟!
وفى المقال القادم للحديث بقية، إن شاء ربُّ البرية.