الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

الجنازة حارة.. والميت فيلم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ليلة أمس شاهدت فيلمًا أمريكيًا اسمه «أولدبوي» Oldboy إخراج سبايك لي، وهو مخرج أمريكى كبير من أشهر أعماله «حمى الأدغال» و«مالكوم إكس». الفيلم بالكامل وبالعنوان مقتبس من فيلم كورى للمخرج شان -ووك بارك ظهر عام ٢٠٠٣ وكان بداية انطلاق اسم صاحبه إلى العالمية، ولكنه اقتباس مشروع تم عبر القنوات القانونية والمهنية اللازمة للحصول على موافقة شركة الإنتاج الكورية للفيلم الأصلي، ثم موافقة المخرج وكتاب السيناريو، ثم كتابة عقد يحمل كل شروط هذا الاقتباس، وقبل هذا وبعده دفع مبلغ مالى محترم للمبدعين الأصليين.
لا يخجل المبدعون الكبار من الاقتباس، وشكسبير نفسه كان «يقتبس» قصص مسرحياته من أعمال موجودة قبله ومعروفة للجميع، وبيتهوفن كان يقتبس كثيرا من «تيمات» موسيقاه من ألحان شعبية شهيرة، كذلك كان يفعل سيد درويش وفريد الأطرش ومحمد عبدالوهاب.
لكن الفرق شاسع بين «الاقتباس» و«السرقة الأدبية». أول فارق هو نسب الفضل لأصحابه وعدم الادعاء بأن المؤلف الجديد هو صاحب الفكرة والقصة الأصليين. والفارق الثانى أن يكون لدى المبدع الجديد ما يضيفه إلى العمل القديم.
عندما شاهدت «أولدبوي» فى نسخته الجديدة المتواضعة فنيا تذكرت العظيم مارتن سكورسيزى الذى اقتبس فيلمًا من هونج كونج اسمه «علاقات جحيمية» Infernal Affairs وحوله إلى عمل عظيم بعنوان «الراحلون» The Departed حصل عنه على جائزة الأوسكار كأفضل مخرج، بالرغم من أن الفيلم مقتبس بعلم الجميع وكما تقر عناوينه نفسها.
منذ حوالى عشر سنوات لاحظت اسم مؤلف موسيقى شاب على عدد من الأفلام القصيرة «المستقلة» المصرية، أبهرتنى موسيقاه لدرجة أننى بحثت عن هاتفه وكلمته وأجريت حوارا معه نشرته فى مجلة السينما التى كنت أعمل بها وقتها.
لكن خلال عدة سنوات اكتشفت أن المؤلف الشاب ليس مؤلفا بالمرة ولكنه «يقتبس» موسيقاه من الإنترنت ومصادر أخرى، وللأسف الشديد معظم من يعملون على الساحة من شاكلة هذا النصاب.. حتى الأسماء التى تعتقدون أنها كبيرة على ذلك.
ومن العجيب أن يختلف اثنان أحدهما مؤلف روايات ومصمم أغلفة، والثانى ممثل اشتهر كلاهما بـ«سرقة» أعمالهما من مصادر أجنبية دون الإشارة إلى الأصول، ودون تأدية الواجبات المادية والمعنوية المستحقة عليهما تجاه هذه الأصول.. وتصل خلافاتهما إلى المحاكم وتتحول إلى حديث الصباح والمساء فى الوسط الفنى ووسائل الإعلام، مع أن الاثنين قد يواجهان أحكاما بالسجن على الأعمال التى «اقتبساها» دون إذن، لو كنا نعيش فى بلد آخر!.