رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

صدر عارٍ أم رأس مقطوع؟!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لسنوات وسنوات طالبت، مع غيري، بتغيير قوانين ونظام الرقابة على المصنفات الفنية فى مصر لتصبح أكثر واقعية ومنطقية وملاءمة لعصر ما بعد الفضائيات والإنترنت. لسنوات وسنوات، والدولة ممثلة فى وزارة الثقافة، ترفض اعتماد نظام التصنيف العمرى أو إصلاح قوانينها، وعندما قررت أن تعتمده أخيرًا كانت النتيجة خروج نظام مشوه لا هو نظام التصنيف العمرى ولا هو نظام الرقابة القديم، يجمع أسوأ ما فى الاثنين، ويزيد الطين بلة كما يقولون.
لسنوات وسنوات طالبنا باعتماد نظام التصنيف العمري، أسوة بمعظم بلاد العالم، ليس فقط للسماح بمزيد من مساحات العرى على الشاشة، كما يتصور المهاويس، ولكن لأسباب عدة منها:
أن نظام التصنيف العمرى لا يتعامل مع المواطنين ككائنات جاهلة ضعيفة تحتاج دائمًا إلى الوصاية والرقابة والحجر عليها إذا لزم الأمر، ولكنه نظام «ديمقراطي» ينظر إلى كل مواطن كشخص عاقل ناضج قادر على الاختيار لنفسه. هذه الفكرة فى حد ذاتها، احترام الناس والتعامل معهم على أنهم «كبار»، تنتج مجتمعًا ناضجًا صحيح العقل والنفس لا يعانى من حالة «الهياج» الجماعى التى تعانى منها مجتمعات القطيع القاصر الناقص عقل ودين. نظام التصنيف العمرى يعتمد على العلم، وليس على الخوف، وهو امتداد لنظام التربية الذى يعد الأجيال الأحدث لتصبح أكثر علمًا ووعيًا ومهارة، وليس أكثر خوفًا وجهلًا وفسادًا. ذلك أن التصنيف العمرى لا يقوم به موظف جاهل خائف، أو موظفة مكبوتة حقودة، وإنما يقوم به أساتذة، بحق وحقيقي، فى علوم النفس والتربية والنمو العقلى للأطفال والمراهقين.
هل سألت نفسك يومًا عن الكيفية التى تصنف بها الأفلام فى بلاد العالم، ولماذا يوجد مثلا تصنيف PG الذى يعنى باختصار «يصلح للجميع ولكن ينصح بوجود الأبوين مع الأطفال تحت ١٢ سنة للإرشاد والتوجيه»!!
هل سألت نفسك عن الفرق بين الأفلام التى تصنف فوق ١٢ سنة والأفلام التى تصنف فوق ١٥ سنة؟
هل تعرف الفرق بين تصنيف «فوق ١٨» الذى تعتمده أوروبا ونظام «فوق ١٧» الذى تعتمده أمريكا؟ هل حاولت معرفة معنى بعض الرموز الموجودة بجانب أسماء الأفلام فى كتيبات برامج القنوات الفضائية ومجلات السينما العالمية أو على بعض شاشات التليفزيونات التى تشير إلى وجود «عنف بدني» أو «عنف لفظي» أو «عرى خفيف» أو «جنس صريح» أو «أفكار غير مناسبة للصغار»؟ الذين وضعوا هذه التصنيفات ليسوا موظفين حاصلين على بكالوريوس زراعة قسم مكافحة العفن البنى للبطاطس، وليسوا مخبرين «بعصاية وجورنان مخروم» يعتقدون أن كل الشباب خطر على الأمن العام، وليسوا «متدينين» متطرفين يعتقدون أن كل من يدخل السينما كافر. هذه التصنيفات وضعها خبراء عكفوا على قراءة أحدث ما توصلت إليه الدراسات العلمية فى مجتمعاتهم حتى يدركوا أيهما أخطر على المشاهدين الأطفال: صورة امرأة عارية الصدر تقوم بإرضاع طفلها، أم صوت امرأة محجبة سليطة اللسان تلقى بوابل من الشتائم الفاحشة على أطفالها وزوجها وجيرانها؟ وحتى يدركوا أيهما أخطر على المراهقين: صورة فتاة جميلة ترتدى البكينى أم صورة رجل بمنشار كهربى يقطع رقاب الفتيات؟
للأسف أعرف أن معظم القراء سيختارون الإجابة الخاطئة، وهم يعتقدون بإصرار وعصبية (مريبة) أن الصدر العارى أكثر خطرًا على المجتمع من الرأس المقطوعة! .