الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

مستقبل المستقبل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المستقبل أنواع، مثل البشر، فلكل مجتمع ثقافته السائدة والمكتسبة من تراكم موروثه الثقافي، وهو ما يجب الحفاظ عليه بما لا يتعارض مع المتغيرات الحياتية، كذلك المستقبل، فليس كل أنواع المستقبل تتوافق مع جميع الشعوب نظرًا لعدة اختلافات منها الموارد والثروات وطبيعة التفكير في التطلع الى ما هو قادم، فضلا عن تحديد جودته وتأثير ذلك على الحياة.
يتطور العالم من حولنا بشكل غير مسبوق في شتى المجالات، وتحديدًا دول الغرب التي تستهدف الوصول إلى رفاهية الرفاهية، وفي المقابل تستهدف دول الشرق الحفاظ على واقعها الذي تعيشه الآن حتى أصبح ذلك أملًا وحلمًا بعد أن انهارت عدة دول في شرقنا الدافي، مما يعني أن الرؤية لمستقبلنا منحصرة في كيفية الحفاظ على الحاضر وهو ما استنفد طاقة التفكير في ما هو قادم من مستقبل تجاوزنا بمئات السنين الضوئية. 
الحياة حقًا عليها أن تستمر، والمستقبل عكس ذلك، لأنه يعتمد على خطط ممنهجة وتراكمية، يتم صياغتها بشكل علمي ومدروس كما لو كانت معادلة رياضية يتم ترجمتها الى أرقام، وهذه الأرقام تعد استقراء للحياة القادمة، إلا أن الأرقام بالنسبة للعرب أصبحت لا تمثل لهم أي شيء سوى تراكم الأرصدة في البنوك، كما لو كان المستقبل لا يمثل لهم سوى النقد الممول لتقدم الغرب ورفاهيته التي يمتع بها أولا لنقوم نحن بشرائها فيما بعد.
لن يكون هناك مستقبل لدولة لا تحدد تطلعاتها، ليعقبها عمل قاعدة قانونية تتلائم مع هذه التطلعات وهو ما يشتبك بشكل مباشر مع المنظومة العلمية والتعليمة والتي تنعكس على كافة المجالات سواء في الصناعة أو الزراعة، مما يعني ان المستقبل في الثروات المملوكة للدولة وشعبها، ولكن علينا أن نفكر في مستقبل المستقبل والذي يعتمد بشكل رئيسي على الاستثمار في الإنسان لأنه يعد أهم ثروة تمتلكها الدول.
أصبح شرقنا الدافئ في مواجهة مع الغرب البارد، وهذه الحرب بالنسبة لنا تعني معركة البقاء، في حين أنها تمثل للغرب معركة الحفاظ المستقبل الذي تداهمنا تطوراته المذهلة بعد أن أصبح العالم في صراع التقدم على التقدم، ونحن لا نملك سوى مدخرات ما كنا عليه في السابق رغم كثرة مواردنا التي يتم استنزافها في صراعات عربية عربية لن تستثني نتائجها دولة عربية.
يستقرئ العرب المستقبل كما لو كان وجهات نظر فقط، ليتصارع دوله فيما بينها، وعلى العكس تتناغم دول الغرب فيما بينها لتشارك سوء بشكل مباشر أو غير في صياغة مكونات المستقبل، مما يجعلنا نتساءل ما هو موقفنا من هذه المعادلة، وما الذي يقدمه العرب أو يمثله أو يمتلكه من أليات الوصول الى المستقبل الذي ننتظره على استحياء.
لسنا كعرب أفضل من أحد، وليس الغرب أفضل منا في شيء سوى الإخلاص في العمل، وإيمانه بالإبداع وثقته في تحقيق ما ينتجه، والقدرة على الأحلام والعمل على تحقيقها مهما واجهت من تحديات، وهو ما ينعكس على جودة الحياة، ليصح المجتمع مؤهلا لما ينتظره من مستقبل، ولا نملك نحن سوى الحديث عنه كأحد صيحات الموضة فقط.