رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

جنة الإخوان "2"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يعد لدينا إذن –أيها القارئ المكرم- أدنى مجالٍ للشك فى كون سجون «شمس بدران» وغيرها وباعتراف قيادات الإخوان أنفسهم بأنها لم تكن سوى جنة حقيقية وفردوس يتنعمون فيه بما يرغبون، بحيث يمكننا أن نطلق عليها وبمنتهى المنتهى فى الصدق، ونحن نشعر –علميًا- باطمئنان شديد: «جنة الإخوان»!!
ولعل أفضل الأدلة على ذلك هو شهادات الإخوان أنفسهم على أنفسهم وعلى أحوالهم داخل السجون وعلى حياتهم ومعاشهم فيها!
فيقول «محمود عبدالحليم»، عضو الهيئة التأسيسية للإخوان وصديق «حسن البنا» الشخصي، فى كتابه «الإخوان المسلمون وأحداث صنعت التاريخ» (وهذا الكتاب يعد تأريخًا شبه رسمى للإخوان! وقد قدم له مرشد الإخوان «مصطفى مشهور» بنفسه، وأقر بكل ما فيه، ولم يجرؤ إخوانى واحد على تكذيب خبرٍ واحد مما حواه بين دفتيه) ما نصه: «وقد رأينا أن نستغل هذه الفترة (فترة السجن) بما فيها من حرية التنقل داخل السجن!! فى عملٍ نافع، فقسَّم الإخوان أنفسهم إلى جماعات! تضم كل جماعة المشتغلين بمهنة واحدة؛ فهذه جماعة الأطباء وهذه جماعة الصيادلة وهذه جماعة العاملين فى صناعة الطباعة، وهذه جماعة العاملين فى الزراعة وهكذا... وعلى كل جماعة أن تنظم لنفسها اجتماعات دورية تناقش فيها شئون مهنتها والوجهة العلمية والعملية»!!
فكيف كانت السجون إذن عذابًا مقيمًا وجحيمًا يصب فيه من فوق رؤوسهم الحميم، يصهر ما فى بطونهم والجلود! وهم يتمتعون داخلها بحرية الحركة؟! بل وحرية تكوين الجماعات وتنظيم الاجتماعات الدورية المنظمة!
بل لقد تجاوز الأمر مجرد الاجتماعات الدورية والتنظيمات العنقودية داخل السجون إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير، فقد ذكر «عباس السيسى» (والسيسى هذا كان قياديًا كبيرًا فى الإخوان، وعضوًا بمكتب إرشادها وأحد أشهر دعاتها) فى كتابه «فى قافلة الإخوان» ما نصه: «وسمحت إدارة السجن للإخوان بمباشرة أنواع الرياضة البدنية، فتحددت مواعيد بعد العصر لمباريات كرة القدم بين فريقين من الإخوان، وكذا كرة السلة، وكذا كرة الطائرة، وأما طابور الجرى فيقوم به كل أخ على انفراد»!!
فأى تعذيب كان فى السجون إذن الذي يستطيع الإخوانى معه بدنيًا ونفسيًا أن يمارس تلك الألعاب الرياضية المختلفة بمواعيد ثابتة ومنتظمة؟
وهل كانت حفلات التعذيب التى ذكرتها «زينب الغزالى» وغيرها تتوقف فى أوقات المباريات الرياضية والألعاب البدنية، أم أن تلك المسابقات كانت جزءًا من التعذيب، بحيث يكون تعذيب الإخوانى بأن يجبر على لعب لعبة يكرهها مثلًا؟!!
أم كانت صورة من صور التعذيب هى أن يقوم كل أخٍ بالجرى على انفراد؟!
بل ويزيد «السيسى» فيقول: «وكان الأخوان: الأستاذ «محمد مهدى عاكف» خريج كلية التربية الرياضية، والأخ «عباس عبدالسميع» كابتن فريق السكة الحديد لفريق كرة القدم! يباشران الإشراف على التدريب والمسابقات الرياضية»!
بل ويزيد مؤرخ الإخوان «محمود عبدالحليم» فى كتابه، فيقول: «وأقام الإخوان الفنانون مرسمًا فى إحدى حجرات الدور الذى يسكن فيه الإخوان، وباشروا هواياتهم الفنية فى رسم المناظر والمشاهد الفنية على لوح من الخشب أو القماش، وبمساحات مختلفة، وكانوا يعرضونها للبيع وتكون الحصيلة لصالح خدمات الإخوان! كما كانوا يقدمون بعض اللوحات كهدايا لبعض الزوار من قيادات السجون»!!
فأى تعذيب كان فى تلك السجون، والذى كان يستطيع معه الإخوان الفنانون!! أن تجود قرائحهم برسم المناظر الخلابة، والمشاهد الفنية، والتى كانت تجلب المشترين وتجد زبائنها حتى فى داخل السجون؟!
أفكان الفنان الإخوانى يرسم ويفن! وهو معلق على صليب خشبى يجلد ظهره، وفى يمناه فرشاته وقلمه يرسم ويلون والسوط يعمل عمله فى إلهاب ظهره وفرى أديم جلده؟!
أم كان الفنان الإخواني! يبيع لوحاته ومنتجاته فى فترة الاستراحة بين شوطى التعذيب؟!
أم كان الفنان الإخواني! يهدى بعض لوحاته لقيادات السجون من كبار المعذبين لهم، بمناسبة انتهاء المرحلة الأولى من التعذيب والدخول فى المرحلة الثانية؟!
بل لقد تجاوز فن الإخوان حدود الرسم إلى التمثيل!
فقد ذكر «مهدى عاكف» فى مقال كتبه لمجلة إخوانية كانت تعرف بــ«الأسرة العربية» جاء فيها: «فقد مثلت أنا ومجموعة من الإخوان فى عام ١٩٥٤م عدة مسلسلات ومسرحيات، قالت قيادات السجن: «إنها تصلح لتكون أعمالًا تليفزيونية كبيرة»!
فهل كان الإخوان الممثلون يقومون بتمثيل مسرحيات ومسلسلات عملية عن التعذيب فى السجون وبمشاركة الضباط والعساكر كأبطالٍ لحفلات التعذيب؟!
أم أنهم كاذبون كعادتهم، وأن السجون كانت على غير الواقع الذى حكوا عنه فى كتبهم، كالذى ذكرته الكاتبة الكاذبة «زينب الغزالى» فى كتابها المليء بالكذب والتضليل «أيام من حياتى»؟!
وكيف يعقل أن يكون نهار الإخوان تعذيبا وليلهم تمثيلا؟!
وكيف يعقل أن يكون قيادات السجون بالنهار يشرفون على حفلات التعذيب، وبالليل يشاهدون مسرحياتهم ويشجعونهم، بل ويشترون لوحاتهم، ويسمحون لهم بعرض مسرحهم، وبيع منتجاتهم، وتنظيم اجتماعات تنظيمية دورية، يرتبون فيها أحوالهم فى داخل السجون وأحوال من خارجها؟!
لتبقى الحقيقة ناصعة البياض، إنهم كاذبون، وأن التعذيب فى السجون أكذوبة كبرى اخترعها الإخوان، ليكسبوا التعاطف معهم، ولتكون حجة لهم يجعلونها سببًا لتكفيرهم مصر كلها بل والعالم أجمع!
فإذا انكشف كذبهم وخداعهم، وتبين باليقين أن السجون كانت بحقٍ «جنة الإخوان»، ثبت باليقين أيضًا أن الإخوان جماعة تكفيرية بالأساس منذ يومها الأول، وأنهم منبع التكفير والإرهاب الذى منه انبثقت كل خلايا التكفير والدم فى العصر الحديث فى الدنيا بأسرها.