الأربعاء 05 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة ستار

"سبوتلايت".. من ووترجيت إلى الفاتيكان جيت

فيلم «سبوتلايت»
فيلم «سبوتلايت»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يستعرض فيلم «سبوتلايت»، الحاصل على جائزتى أوسكار أفضل فيلم وسيناريو، مهمة فريق قسم الصحافة الاستقصائية فى صحيفة «بوسطون جلوب» الأمريكية التى استغرقت عاما كاملا من البحث لكشف تواطؤ الكنيسة الكاثوليكية والسياسيين والقضاة وأعيان وأعلام المدينة فى التستر على قضايا تحرش بعض القساوسة بالأطفال على مدار عشرين عاما أو يزيد.
وحتى ندرك مدى الجهد وحجم الخطر، وقدر المعوقات التى تعرض لها فريق عمل الصحيفة ورئيس تحريرها وناشرها، يجب أن نعرف أن بوسطن واحدة من أكثر المدن «كاثوليكية» ومحافظة ورجعية فى الولايات المتحدة...وحتى نستوعب ما فعلته الصحيفة يمكننا تخيل أن تقوم صحيفة مصرية أو عربية بنشر سلسلة من التحقيقات تكشف فيها فساد واحدة من مؤسسات الدولة الكبرى، مثل الأزهر أو القضاء أو الداخلية. المسئولون فى مدينة بوسطون قالوا إن رئيس تحرير «بوسطون جلوب» غريب قادم من ولاية أخرى، ولا يهمه مصلحة مواطنيها، وأنه يهودى يتعمد تشويه المسيحية والكاثوليك، وأن الصحيفة تبحث عن موضوع مثير لمجرد رفع أرقام التوزيع... إلى آخر الاتهامات التى تقال عادة فى مثل هذه الحالات.
كان فريق «بوسطون جلوب» من أوائل أقسام التحقيقات الاستقصائية فى العالم، وبفضل النجاح الذى حققوه أصبحت هناك أقسام للتحقيقات الاستقصائية فى معظم صحف العالم الآن، وقد قام الفريق بالعمل على تحقيقات التحرش فى الكنيسة طوال عام ٢٠٠١، وتوقف عملهم قليلا عقب تفجيرات ١١ سبتمبر، وقد نشر أول تحقيق للحملة فى بداية عام ٢٠٠٢، وأعقبه نشر مئات الموضوعات على مدار العام، فى واحدة من أطول وأشرس الحملات الصحفية على مر التاريخ، والتى تمكن مقارنتها فقط بتحقيقات صحيفة «واشنطون بوست» التى عرفت باسم فضيحة «ووترجيت» التى أدت إلى الإطاحة بالرئيس ريشارد نيكسون فى بداية السبعينيات من القرن الماضى، وهى القصة التى تم توثيقها فى الفيلم الروائى الشهير «كل رجال الرئيس»، إخراج آلان باكولا، وتمثيل روبرت ريدفورد وداستن هوفمان، ١٩٧٦.
أحدثت تحقيقات «بوسطون جلوب» هزة عنيفة فى المدينة المحافظة وفى الولايات المتحدة كلها، وانتقلت إلى البلاد التى تنتشر فيها الكنائس الكاثوليكية، وأحدثت زلزالا مدويا فى الفاتيكان لا تزال توابعه ممتدة حتى الآن، بعد ما يقرب من خمسة عشر عاما على الحملة.
الصدمة كانت ضرورية، لأنها أدت إلى قيام مؤسسة الفاتيكان بالاعتراف بالانحرافات والشفافية فى معاقبة المنحرفين والمراقبة المشددة على رجالها بعد ذلك، وعندما بدأ عرض فيلم «سبوتلايت» فى نهاية العام الماضى لم يكن من كنيسة بوسطون والفاتيكان سوى إصدار بيانات تشير فيه إلى أنها استفادت من الحملة لتطهر وتصلح نفسها، وأن الفيلم كان صادقا فى توثيقها، وإن كانت قد أيدت بعض الملاحظات الثانوية حول الصورة السلبية التى ظهرت بها قيادات الكنيسة... ولكن إجمالا يمكن التأكيد على أن زمن التستر والعناد قد انتهى، وأن وقت الاعتراف والإصلاح قد بدأ، وهو أقصى ما يمكن أن تطمح إليه مهنة الصحافة أو فن الدراما.