السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"الفيس بوك" وإدارة وطن

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أذكر أن أياما سوداء فى مطلع ٢٠١١ كنا نعيشها داخل بيوتنا أمام شاشات التليفزيون أو بين جيراننا، ونحن نحرس بيوتنا فيما أطلق عليه وقتها اللجان الشعبية، حيث اختفت الشرطة عصر يوم الجمعة الموافق ٢٨ يناير، لتتلاحق بنا الأحداث من حريق وسلب ونهب لمتاجر ومؤسسات حكومية، ولن أنسى ما حييت ذلك اليوم الذى بكيت فيه وأنا أقف فى شرفة منزلى وأرى أفرادا يحملون محتويات الشركات والمكاتب وملاهى شارع الهرم التى سلبوها ثم أحرقوها، وقد رأيت أحدهم يحمل مرحاضا فوق رأسه، وآخر يحمل ماكينة نقود «ATM»، وثالث يحمل كرسيا، وتساءلت أهذه هى مصر؟ بلد الأمن والأمان.. هل وصل بنا الأمر إلى هذا؟ صحيح أننا قد شاهدنا هذه الصور وغيرها فى ٢٠٠٣ عقب سقوط بغداد، لكننا جميعا كنا نؤمن خطأ بأن ما حدث فى العراق لا يمكن حدوثه فى مصر، وها هو وللأسف الشديد قد حدث، لكننى كنت ولم أزل على قناعة تامة بأن محرضين كانوا وراء حدوث ذلك بهدف إسقاط الدولة، وهم الذين قاموا بفتح السجون وتهريب العملاء والجواسيس إلى بلادهم، وفى ذات الوقت إخراج أكثر من ٢٦ ألف مسجون جنائى لشوارع مصر لكى تعم الفوضى، وأثناء هذه الأيام السوداء أطل علينا أحد الشباب من دعاة الثورة وهو يجهش بالبكاء وينسحب من لقاء تليفزيونى مع الإعلامية منى الشاذلى فى شكل تمثيلى لا ننخدع به نحن صناع الدراما، بينما انخدع به الملايين وصدقوا أنه حزين على الشهداء، وفى لقاء آخر لهذا الشاب الذى حبسه جهاز أمن الدولة قبل أحداث يناير بيوم أو يومين، وطلبت الإدارة الأمريكية من مبارك شخصيا الإفراج عنه، وكنا وقتها لم نسمع عنه ولا نعرف عنه شيئا، ولكنه وبعد الإفراج عنه نتيجة الضغوط الأمريكية أصبح نجما لامعا وضيفا فى كثير من البرامج التليفزيونية، وفى أحد هذه البرامج قال «إن الفيس بوك هو الذى أشعل الثورة وهو من سيدير البلد فيما بعد لأنه صوت الشعب»، وها هى الأيام تثبت صدق نبوءته الكاذبة، نعم هى نبوءة كاذبة أو قول حق أريد به باطل، فالأحداث الأخيرة تؤكد تماما أن الفيس بوك يتدخل فى إدارة الوطن ويوجه الرأى العام حسبما تريد جماعات ضغط معينة، فهو ليس نبض الشارع ولا صوت الشعب كما قال ذلك الشاب أو كما يرى البعض، فالكتائب المنظمة واللجان الإلكترونية تستطيع تغيير الحقائق وتوجيه الرأى العام حسب رغبتها، وهم يعتمدون فى ذلك على إثارة المشاعر الدينية أو القبلية لدينا، فتيمور السبكى سب نساء الصعيد وبالطبع لم يكن الهدف هو تيمور السبكى ذلك النكرة، ولكن الهدف هو خيرى رمضان ومحطته، وهو جس نبض لما كان ولما سوف يتكرر، وهو إلهاء الناس عن الإنجازات التى يقوم بها الرئيس كما ذكرنا فى المقال السابق، وهذه اللجان لديها قدرة فائقة على فبركة الفيديوهات وتشويه خلق الله، وهم يملكون ملايين الصفحات الوهمية التى تقوم بإرسال الخبر عدة مرات، مما يجعلنا نتصور خطأ أننا أمام رأى عام حقيقى، وهذا ما حدث لمحافظ الإسكندرية السابق ولوزير العدل الأسبق وأخيرا للمستشار أحمد الزند، ونحن لا نناقش هنا القرار السياسى ولا يجب أن نناقشه، لأننى أؤمن بأننا قد اخترنا ربانا لسفينة الوطن التى تحيطها العواصف من كل اتجاه، وتكاد تغرق، وعليه أن يتحمل المسئولية الوطنية فى وصول هذه السفينة إلى شاطئ الأمان، وعلينا نحن ألا نناقشه فى كل قرار يتخذه ونثير بلبلة حوله وضجة قد تؤثر سلبا عليه وعلينا، لذا فنحن لا نناقش القرار السياسى الذى اتخذ بشأن وزير العدل ولكننا نحذر من أن يتحول الفيس بوك الذى يحوى الكثير من الأكاذيب إلى مساهم فى إدارة الوطن، وهذا يتطلب عدم الالتفات إلى الحملات المنظمة التى تنشر عن شخص بعينه، ويتطلب منا أن نكون أكثر وعيا، فلا نقوم بنشر أى فيديو إلا بعد التأكد من عدم فبركته، وكذلك علينا أن نتوخى الحذر فيما يكتب على صفحات الفيس بوك، وعلى الحكومة ألا ترهبها أصوات الفيس بوك، لأنها ببساطة كاذبة، ولا تعبر عن الرأى العام الحقيقى، بل تهدف إلى مصالح جماعات بعينها تتمنى غرق السفينة، لنلحق بمصير البلاد التى أغرقها الربيع العربى.