السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

وكان أن سلّمهم "تسليم أهالي"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وهكذا وبعد رحلته الأخيرة يسلم الدكتور سعد الدين إبراهيم جماعة الإخوان دون أن يدرى للشعب المصرى وللتاريخ «تسليم أهالى»، وتسليم الأهالى لمن لا يعرف هو التسليم الذى بعده لن يبذل المستلم أى مجهود.
ورغم تقدم عمره منحه الله الصحة والعافية وطول العمر، لا يتوقف الدكتور سعد عن السفر والترحال من مصر إلى أمريكا ومنها إلى تركيا أو قطر. يرحل ويعود من سفره حاملا معه رسالة تخص جماعة الإخوان. وقد نشط فى حمل الرسائل بعد ثورة ٣٠ يونيو وطرد الإخوان من الحياة السياسية. وكالحمام الزاجل المدرب تأتى رسائله بعروض لإعادة الإخوان إلى الحياة السياسية. ويعرض الرجل ما يطلق عليه مبادرة التصالح بين جماعة إرهابية ودولة بحجم مصر وحجم شعبها كأنه حمامة سلام.
وكان آخر تلك الرسائل التى أطلقها منذ أيام عبر كتاباته الصحفية وفى لقاء تليفزيونى مع الإعلامى وائل الإبراشى فى برنامجه العاشرة مساء على قناة دريم- أنه وبالمصادفة كان فى أمريكا، وعاد منها إلى تركيا، وبالمصادفة أيضا دعاه أيمن نور على عشاء حضره نفر من قيادات الجماعة الهاربين على رأسهم محمود حسين، وفيما قاله سعد الدين إبراهيم إن محمود حسين ألمح من طرف خفى أن الجماعة لا مانع لديها من المصالحة مع النظام المصرى. وفى ثنايا كلام الهارب أن الإشارة الضمنية لإمكانية المصالحة قد يقبلها عقلاء وشيوخ الجماعة وذلك لأن شباب الجماعة لن يقبلوها وسوف يبذل معهم مجهودا جبارا حتى يسلموا بها.
جماعة إرهابية تهدد وتفرض شروطها. تهدد بشباب الجماعة وهذا طبق الأصل لما جاء على لسان حامل المبادرة، وتفرض شروطا يقدمها الدكتور سعد على أنها مجرد اقتراحات منه وهى الإفراج عمن لم تتلوث أياديهم بالدماء من الجماعة، ومحاكمات عادلة للبقية منهم، وهنا نأتى إلى مربط الفرس فى قضية تسليم سعد للجماعة وإقراره دون أن ينتبه أنها جماعة إرهابية.
ويعرض مبرراته لمبادرة الصلح وهى لحقن الدماء الذى يراق منذ ٣٠ يونيو. إذ يقر د. سعد أن من يريق الدماء ويغتال المصريين ويفجر ويخرب ويروع هم الجماعة الإرهابية. وهنا ولكن بأداء مختلف يعيدنا إلى تهديد الإرهابى محمد البلتاجى من بؤرة رابعة: «إن ما يحدث فى سيناء الآن سوف يتوقف فى الثانية التى يتراجع فيها عبدالفتاح السيسى ويعيد الأمور إلى وضعها الطبيعى».
إذًا يقر الرجل أن سفك الدماء سوف يتوقف عندما يقر الشعب المصرى بعودة الإخوان إلى المشهد، والمشهد هنا ليس مجرد صورة ولكنه الفعل الذى يرتب للوصول إلى الحكم كما سبق أن فعلوا. وليعذرنا عالم الاجتماع فى استخدام نفس منهجه فى قراءة واستقصاء الواقع فهو لم يقدم فيما وصل إليه أسسا لمنهج علمى قائم على الفرضيات، واختبارها للوصول إلى نتائج. وإتباعا لمنهجه الذى نقر بأنه منهج غير علمى سنصل إلى نتيجة أن الشعب المصرى لن يقبل مبادرته. فمعظم هذا الشعب لا يعرف من هو د. سعد الدين إبراهيم، ولا يعرفه سوى قلة من المتابعين للبرامج التليفزيونية، والنخبة، والمتخصصين فى السياسة وعلم الاجتماع، ودون إجراء بحث علمى واستقصائى يمكن أن نقول ونؤكد أن نتائج ما يصل إليه د. سعد فى مجملها تقريبا مرفوضة ممن يعرفونه، ولا يعتد بها. بل أحيانا «مكروهة».
ويبقى سؤال: متى يصمت الرجل؟ ومتى يقرر أن يستكين للراحة وأن ينعم بما جنى طوال سنوات حياته؟ وهل قرأ وتوقف بعد القراءة عند نتائج التحقيقات فى اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات التى اكتشفت أن مرتكبى الجريمة هم من عصابة الإخوان بمن فيهم الطبيب الذى دربهم وأرسلهم لاستكمال التدريب عند مدارس الكادر الإرهابية فى الجناح العسكرى للجماعة المسمى بحماس؟ 
نعرف أن هيلارى كلينتون وفى معركتها الانتخابية تحتاج لخطاب تسوق به نفسها، يتعلق بقدرتها على دمج من يطلقون عليهم الإسلاميين المعتدلين فى مجتمعاتهم، كخطوة تسوق لأهميتها وهى القضاء على الإرهاب. ولكن نحن لن نبتلع سموم تحقيق أحلام السيدة كلينتون ولا قبول رسائل منها إلينا.