الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

بديل حمدين وأوهامه

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كلما تقدمت مصر خطوة للأمام، نجد من يسعى ويعمل لتعود للوراء عشرات الخطوات، حتى يتثنى لهم التواجد، لقد ماتوا شعبيًا، ليبحثوا عن قبلة الحياة من خلال المبادرات أو الإعلام الذي لا يوجد لديه أدنى حد من المسئولية الوطنية، لأن إدارة هذه المنظومة تحكمها المصالح التي يحددها الغرب للقائمين عليها.
هل مصادفة تجاهل الإعلام الأسبوع الماضي لزيارات الرئيس الخارجية وتوقيعه الكثير من عقود الشراكة في عدة مجالات مع دول لها ثقلها الاقتصادي والصناعي، ليتزامن ذلك مع دعوة لإيجاد بديل عن السيسي الذي يمثل إرادة الشعب، ورئاسته لمصر أكدت عبقرية المصريين في الاختيار؟
بقراءة سطحية لكل ما يحيط بنا، وبنظرة ضيقة ليس فيها مكان للرؤية الشاملة ولا المصلحة العليا للوطن، أعلن حمدين صباحي عن مبادرة "صناعة البديل الحقيقي" لتوحيد القوى المدنية، في بيان تضمن مقدمة طويلة و7 مبادئ مغلفة بحسن المعاني، والكثير من الأفكار البراقة، لكنها تحمل روح الدكتور محمد البرادعي، والذي لا أستبعد مطلقًا مشاركته في صياغة البيان وقيامه بتحديد نقاطه.
وخلال قراءتي للبيان استوقفني المبدأ الرابع به، والذي ينص على "لا تراجع عن مدنية الحكم "، لأتساءل: هل مصر تحكم حاليا بغير ذلك؟ أم أن حمدين يطرح نفسه بديلا للرئيس السيسي، وهو ما يعد انقلابًا على الدولة والثورة التي لن تنجح إلا عندما يكون صباحي رئيسا للجمهورية كما يرى هو ومناصريه في الداخل والخارج.
لا شيء يتتابع كالنجاح، وهذه القاعدة جعلتني ألتزم الصمت منذ فترة تجاه كل ما يطلقه حمدين صباحى من تصريحات، احترامًا لصداقة قديمة، وتقديرًا لمرحلة نضال وطنى يحملها على أكتافه منذ شبابه، حتى جاء بيان صناعة البديل الحقيقي، هنا قررت تمزيق غلاف البطولة المزيفة التي يحاول البعض إلصاقه دائما بشخص هذا الرجل الذي لا يكف عن انتقاد دولة 30 يونيو.
وفي رحلة بحث وعناء لإيجاد لقب يسبق لاسم صباحي، لم أجد حقا لقبا مقبولا، هل هو المرشح الرئاسي الخاسر، أم مؤسس حزب الكرامة، أم زعيم التيار الشعبى، أم زعيم المناضلين الثوريين، الحقيقة لو كان لتلك الكيانات وجود حقيقى على المسرح السياسى لصح أى لقب منهم، لكن الحقيقة عكس ذلك.
ومثلما أخفق حمدين في تكوين قاعدة شعبية لحزب الكرامة، كذلك الأمر بالنسبة للتيار الشعبي الذي اصطدم تحويله لحزب سياسي بصخرة عدم وجود قاعدة جماهرية وشعبية له خارج نطاق المعارضين للسيسي والمنتفعين من استمرار الفوضى وسيطرتها على مصر، وعلى الرغم من أن الدستور يكفل للجميع حرية إبداء الرأي والتعبير والعمل العام، إلا أنني لا أجد مبررًا لكي يخرج علينا صباحي ليعطينا دروسا في تنظيم صفوف الجماهير وقيادتها.
لقد أجهض صباحي كل الفرص عندما صور نفسه بالزعيم القومي، ويبدو أن قدرته على قيادة تنظيم سياسي منظم توقف عند مرحلة "اتحاد طلبة الجامعات"، فضلا عن قدرته على النجاح في دائرته الانتخابية كنائب للشعب لم تنضج لتجعل من الحزب الذي كان يرأسه آنذاك تواجدًا حقيقيًا في البرلمان من خلال عدد الأعضاء.
كنت أنتظر إعادة إنتاج سياسى لمشروع المناضل الثورى من خلال التواجد الحقيقي لحمدين على الخريطة السياسية، لكنه يتمسك ويعتمد على الخطاب الحنجورى، ووعود مطاطة، لذلك أخفق في تقديم نموذج للمعارضة الواعية الرشيدة التى تسهم في بناء الدولة، إلا أن كل ما يطرحه حمدين ما هو إلا بديل ثورى للسياسات الحالية، وهذا البديل في حاجة إلى أن ينضج أولا لينتقل من حالة الثورة الى منطقة السياسة بعدما أصبحت مصر دولة مكتملة الأركان.
لقد خذل صباحى نفسه وأنصاره من المنفيين على "تويتر" حيث تمسك بأوهام النضال من خلال مفردات الخطب في اللقاءات الاعلامية، مفضلا ذلك عن كل الطرق والأليات التي تمكنه من ممارسة الديمقراطية بمفهومها السليم، كان لدى حمدين الفرصة لتشكيل جبهة داجل مجلس النواب لكنه رفض أن يتنازل ليخوض الانتخابات البرلمانية، ليظل صباحي ينتقد النظام وسياساته من خلال التغريد عن الشعب وأزماته، لكنه لم يتوقف لحظة واحدة ليعرف أن ثروة مصر الحقيقية تتمثل في شعبنا الذي يعرف جيدًا كيف يواجه التحديات المصيرية وينتصر لوطنه.