الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

"ما ترقص يا خويا هو حد حايشك"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى واحدة من الجمل الخالدة فى السينما المصرية ذلك الحوار القصير بين المبدع «استيفان روستى» والقديرة «فردوس محمد» فى فيلم «سيدة القصر». بأدائه المتميز ينحنى «استيفان روستى» أمام القديرة «فردوس محمد» قائلا جملته الشهيرة بلهجة ارستقراطية يتفرد بها «مدام تسمحى لى بالرقصة دى» ترد عليه فردوس بعفوية نساء الطبقات الشعبية الأصيلة ردا منطقيا «ما ترقص يا خويا هو حد حايشك».
أتذكر هذا المشهد العبقرى فى الفيلم مع تفجر مشهد متكرر فى الواقع متعلق بقضية التطبيع مع العدو الصهيونى.. وعنها ويبدأ تجاوز من لا يصل عددهم لأصابع اليد الواحدة وينبرون دفاعا عن التطبيع والمطبعين، ويبدأ التطاول بسماجة مملة على رافضى التطبيع أو إن شئنا الدقة مقاومى التطبيع.. ويفتح المشتاقون للتطبيع قاموسا مفرداته فقيرة ولا تتبدل، وأصبحت من فرط تكرارها مملة حقا، بل ومبتذلة أيضا.. باستخدام وصف «الحنجورية» مصحوبا بالتطاول وبغل أسود على عبدالناصر وعصره، دون أن يدرك هؤلاء المشتاقون للتطبيع أن عبدالناصر رحل منذ ٤٦ عاما، ولم يعملوا مرة عقولهم ليصلوا إلى تفسير ومعنى أن ما تركه الرجل من قيم ومبادئ لا تزال راسخة فى الوجدان بعد كل هذه السنوات، بل وفى وجدان أجيال لم تعش إلا ذكراه.. ودون أن يدركوا أو هم لا يريدون أن يدركوا أن الشعب والبسطاء هم من قاوموا التطبيع مع العدو الصهيونى القاتل.. وهم لن يسلموا أن عددهم لا يتجاوز كما سبق وذكرنا أصابع اليد الواحدة.
وكان آخر ولن يكون آخرا المولد الذى نصبوه فى قصة لقاء عكاشة بالسفير الإسرائيلى وكانت فرصتهم.. نصبوا المولد وأطلقوا طبول ونوافير الحرب وكرروا استخدام وصف «الحنجورية» وهو الوصف الذى يمكن الرد عليه بوصف يخصهم وهو «المنبطحون» أو «المهرولون».. عموما هؤلاء الملتاعون شوقا للتطبيع مع العدو الصهيونى لا يعترض طريقهم أحد ففى جيوبهم أو فى حساباتهم فى البنوك ثمن بطاقات السفر.. وفى مطارات الدنيا تقف طائرات قادرة على نقل المشتاق إلى إسرائيل.. أما مقاومو التطبيع فسيظلون يقاومونه مع عدو انتهك أرواح الشعب المصرى والفلسطينى واغتصب الأرض ويعتبر مصر العدو الرئيسى له.
ونعتقد أنه وبعد تكرار الوصف بالحنجورية لمقاومى التطبيع فقد أصبح وصفا بلا معنى.. فهؤلاء المشتاقون للتطبيع يستخدمونه كلما أرادوا أن ينثروا ترابا يتخفون أسفله ليبثوا كراهيتهم وحقدهم على ما تم إنجازه وبدقة على عبدالناصر وعصره.. حتى لو كان الموقف مجرد الدفاع عن القطاع العام أو عن حق الفلاحين فى الأرض الزراعية.. فهم يلصقون هذه الصفة «الحنجورية» بمن يتبنى هذه المواقف وإذا كان يؤلمهم كثيرا مقاومة التطبيع فهذه قضية لا تخص هؤلاء الأنفار، إنها قرار الشعب المصرى وهى أيضا قرارات اتخذتها الجمعيات العمومية للنقابات المهنية والاتحادات النوعية والأحزاب، وهى قرارات لا يستطيع المهرولون المنبطحون أن يخترقوها، فهى لا تخص سوى أعضاء هذه المؤسسات وأيا كان حالة الإشفاق على من يتقلبون على الجنبين من سهر الليالى شوقا للتطبيع فعليهم أن يجهدوا أنفسهم، ويختبروا رفض الوجدان الشعبى الجمعى لخطاب التطبيع، ونذكرهم بالمحاولات المستميتة والممنهجة منهم ومن غيرهم لتشويه موقف مقاومى التطبيع.
وعند الوجدان الشعبى المصرى لا بد من وقفة احترام، ولا بد من التوارى خجلا أمام عظمة هذا الشعب ووجدانه الراسخ الذى يمثل بوصلة لا تخطئ فى الفرز.. رغم أن المشتاقين للتطبيع لن يتوقفوا عن محاولاتهم بإهالة التراب، وإثارة غبار كثيف يتخفون أسفله مستخدمين لجاجة الكلمات وملل التكرار التى وكما سبق أن قلنا إنها لم تترك أثرا فى الواقع.. فهم لن يتعلموا ولن تصلهم رسائل الشعب المصرى أن إسرائيل هى العدو الرئيسى، وأنها عدو كل من تجرى فى عروقه دماء وتسكن النخوة صدره ولهؤلاء المشتاقين للتطبيع والذين يواصلون إعلان المحبة نقول لهم مع قليل من التحريف الجملة الخالدة للقديرة فردوس محمد «ما تطبع يا خويا هو حد حايشك».