الثلاثاء 28 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

سوريا الفيدرالية.. ومخاطر التقسيم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
على مدى تاريخ سوريا فى كفاحها ضد قوى البغى والعدوان بدءا من مرحلة الاستعمار الفرنسى أو «الانتداب الفرنسى» على سوريا هزمت خلالها القوات السورية الضعيفة التسليح والعدد فى معركة ميسلون فى يوليو ١٩٢٠ مدافعة عن الدولة السورية حتى إتمام جلاء القوات الفرنسية عن سوريا فى ١٧ إبريل ١٩٤٦ وأرادت خلالها فرنسا تقسيم سوريا على أساس طائفى إلى ست دويلات مستقلة تحت عنوان عريض الاتحاد السورى «دولة دمشق، ودولة العلويين، ودولة حلب، ودولة لبنان الكبيرة، ودولة جبل الدروز، ولواء الإسكندرون فى ١٩٢١».. ومرورا بالاحتلال العثمانى والثورة العربية التى قادها سلطان باشا الأطرش وحتى فى فترات عدم الاستقرار التى شهدتها فترة الخمسينيات رغم تنوع الديانات والثقافات فى فسيفساء منمقة وغير مسبوقة بعناية عنوانها الرئيسى «العيش المشترك»، وظلت دولة موحدة لم تعرف الطائفية وقاومت على مدى تاريخها كل مؤامرات التقسيم من قبل شخصيات وطنية ساهمت فى وحدة الشعب والأرض والوطن منهم على سبيل المثال لا الحصر «صالح العلى، وإبراهيم هنانو، ومحمد الأسمر، وهاشم الأتاسى، وشكرى القوتلى، وفارس الخورى»، وانتهاء إلى ما وصلت إليه الأوضاع الراهنة فى سوريا من مؤامرات تحاك ليس فقط ضد سوريا بل ضد معظم الدول العربية بالمنطقة.
فيما جاءت دعوة روسيا فى تلك المرحلة الدقيقة والحرجة بتأييدها ما توصل إليه المشاركون فى المفاوضات السورية المتوقع استئنافها فى التاسع من شهر مارس الجارى وفقا لما أعلنه منسق عملية السلام فى سوريا «ستيفان دى ميستورا» بما فى ذلك فكرة إنشاء جمهورية فيدرالية لتطرح سؤالا مهما لماذا دعوة روسيا الآن؟ وما الأهداف من ورائها؟ وما الذى تراه موسكو من طرح وجهة نظرها فى الدولة الفيدرالية؟ ومدى انعكاساتها على الشعب السورى الذى يعانى الأمرين من أضرار؟ وما الفوائد التى ستعود على الشعب والأرض والوحدة الوطنية؟ إن كانت هناك فوائد سوى التسويق لفكرة التقسيم وتفتيت الأوطان!! المؤكد أن الطرح الروسى بأن تصبح سوريا دولة اتحادية يحمل فى مكنونه خطورة كبيرة بكل المقاييس ويتجاوز خطورته ما قاله وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى بإعلانه عن الخطة «ب» منذ فترة طويلة عبر إطلاق ما يسمى بـ «سوريا المفيدة»، ويشكل جرس إنذار كبير فى آذان الجميع فى المنطقة العربية بما فيها آذان السوريين أنفسهم.
فما يجرى فى سوريا وعلى أراضيها من قبل الدول العظمى المتصارعة بهدف السعى إلى الاستحواذ على الدولة السورية بطرح العديد من العناوين والمشاريع المشبوهة أقلها فكرة «تقسيم الأوطان» والتى تناولتها العديد من مراكز الأبحاث والدراسات الغربية المدعومة استخباراتيا بصورة معلومة للجميع لتسويقها فى المنطقة وتحليل ردود الأفعال بشأنها والتى من المؤكد سيكون مصيرها الفشل اعتمادا على توحد السوريين جميعا شعبا وأرضا ووطنا لا بديل عنه. 
تصريحات سيرجى ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسى تأييد بلاده فكرة إنشاء جمهورية فيدرالية أثار علامات استفهام كبيرة، رأى البعض فيها تلميحات حول إمكانيات تقسيم سوريا فى حال «فشل وقف إطلاق النار».. فيما اعتبر المراقبون فى المنطقة أن الطرح الروسى فى سوريا بمثابة بالون اختبار أطلقته روسيا لتعرف رد فعل القوى السياسية السورية والمعارضة.. إلا أن تراجع موسكو عن تصريحاتها مؤخرا جاء كمحاولة للتخفيف من وقع التصريحات بل وترحيبها بأى اتفاق تتوصل إليه أطراف الحوار السورى فى شأن الشكل المستقبلى للدولة.. وأنه «لا مانع لديها إن توصلوا إلى فكرة جمهورية فيدرالية».. والانتقال فورا إلى تجديد تحذيرها من تلويح واشنطن بخطة بديلة فى حال فشلت الهدنة فى سوريا وهو ما أشارت إليه الناطقة باسم الخارجية الروسية «ماريا زاخاروفا» بالإعراب عن الأمل بأن تبقى التصريحات الأمريكية حول وجود خطة «ب» بديلة للاتفاق الروسى - الأمريكى كلاماً فقط داعية «الشركاء الأمريكيين» إلى الوفاء بالالتزامات التى أخذوها على عاتقهم فى الوقت الذى غاب فيه الموقف الرسمى السورى ردا على تلك الدعوات والتى تشكل خرقا للدستور الحالى.. ويبقى السؤال هل ما تم طرحه يعد فى إطار المغامرة بمستقبل سوريا السياسى؟! .