الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

المثقفون واستراتيجية 2030

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
طرح المفكر الكبير «سمير غريب» في حواره لـ«البوابة» مع الزميل دكتور «محمد الباز»، السبت الماضى، عدة محاور وقضايا كبرى بشأن واقع ومستقبل الثقافة فى مصر، وأتصور أنها بحاجة للمزيد من النقاش الموسع وجلسات العصف الذهني التى ربما لا تتسع لها مساحة الحوار الصحفى.
وأهم تلك القضايا حديثه القاطع عن انعدام الثقافة فى مصر أصلا وانهيارها منذ وقت بعيد. رغم أنها قاطرة التنمية غير أن السؤال الأهم والأصعب الذى طرحه الباز هو: ماذا فعلت ٢٥ يناير بالثقافة؟ واعترف المفكر الكبير بصعوبة الإجابة عنه، أو بالأحرى لم يرد تقديم إجابات جاهزة ومعروفة سلفا.
واللافت أن جوهر حديث سمير غريب يتفق مع ما أشارت إليه استراتيجية ٢٠٣٠ بشأن التحديات التى تواجه محور الثقافة والهوية، ولعل أهمها الصورة الذهنية السائدة بعدم جدية الحكم فى التصدى للثقافة من منطلق عدم اقتناع القائمين على البلاد بأهميتها كمدخل رئيسى للحلول، وهو ما يعنى أن واضعى الاستراتيجية يؤمنون أيضا بالثقافة كقاطرة للتنمية.
وبادرت بالاتصال بمفكرنا الكبير سميرغريب، والنائب والمفكر الكبير يوسف القعيد، سائلا عن تقييمهما لوضع الثقافة فى الاستراتيجية وما إذا كانا قد دعيا فى الجلسات التحضيرية لإعدادها، لكنهما فاجآنى بعدم علمهما أصلا بوجود محور الثقافة والهوية ضمن محاور الاستراتيجية، وأكدا أنهما لم يتلقيا دعوة للمشاركة فى صياغتها كما لم يتبادر إلى مسامعهما دعوة أحد من المفكرين أو المثقفين لورش وندوات إعداد الاستراتيجية.
ويفسر غياب المثقفين والمفكرين قصور الرؤية بشأن التحديات الحقيقية التى تواجه قضية الثقافة واختصارها فى انعدم الذوق الفنى وعدم معرفة المناطق الأثرية وأماكن المتاحف ودخول مصطلحات غريبة ومتدنية وشيوع أعمال فنية دون المستوى.
ولم يلتفت العقل الذى صاغ وضع الثقافة والهوية فى استراتيجية ٢٠٣٠ إلى المناخ التشريعى والاجتماعى الخانق لحرية الفكر والإبداع، والذى يلاحق المثقفين بتهم ازدراء الأديان وخدش الحياء العام وإهانة المقدسات، ولم ير هذا العقل خطوات تنفيذية سوى إنشاء المزيد من المراكز الثقافية والمتاحف والمعارض التراثية متجاهلًا كل ما نملكه من قصور ثقافة ومتاحف ومعارض ومكتبات عامة.
على الرغم من أن الغاية الأساسية التى وضعتها الاستراتيجية هى الوصول إلى مجتمع مثقف ومستنير ومبدع تنصهر فيه العادات والتقاليد العربية والقبطية والفرعونية، إلا أنها فشلت فى وضع خطوات تنفيذية نحو إطلاق حرية الإبداع والفكر كما نص دستور ٢٠١٤.
أى أن النظرة الكمية قد سيطرت تمامًا على عقل ورؤية كاتب محور الثقافة والهوية، وفى ذلك دليل واضح على استبعاد المثقفين تماما فى الجلسات التحضيرية المشار إليها فى ديباجة الاستراتيجية المنشورة على موقع وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري.
بشكل عام ليس من الواضح ما إذا كانت هذه هى الصياغة النهائية لاستراتيجية مصر ٢٠٣٠ أم أنها ستعرض للنقاش العام فى مختلف مؤسسات الدولة والمجتمع المدنى على الأقل لكسب رأى عام داعم ومؤيد لها، ولتكون هى المقياس الذى يراقب ويحاسب على أساسه أداء الحكومة.
أظن أن من حق المجتمع الاطلاع على جميع تفاصيلها والمساهمة فيها بالتعديل والتصحيح وليس من المقبول ألا تتاح منها نسخة مطبوعة بين أيدى أعضاء مجلس النواب والمعنيين بالمحاور التى شملتها.
عودة لقضية الثقافة أتصور أن رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى مدعو كما يرى سمير غريب ويوسف القعيد وغيرهما من كبار المثقفين إلى محو الصورة الذهنية السلبية لدى المواطن عن وضع الثقافة بالنسبة لنظام الحكم، والتى وردت فى الاستراتيجية بأن يصدر قرار عفو رئاسى عن جميع المحبوسين فى قضايا الفكر والإبداع كخطوة أولى يليها قيام مجلس النواب بإلغاء كل التشريعات والقوانين السالبة لحرية المبدعين والمفكرين، لاسيما وأن مثل هذه الخطوات تبرهن على جدية الدولة فى تنفيذ الاستراتيجية ككل وأنها لن تلقى نفس مصير استراتيجية مصر ٢٠٢٠.