الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

قال الرئيس.. ونحن نقول

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«أجيب لكم منين»، عبارة تكررت على لسان رئيس الدولة، ومن قبل قالها مرارا وتكرارا سلفه حسنى مبارك، كلاهما قال وكلاهما أخطأ، ولا يزال، فمصر التي أعرفها ويعرفها الكثيرون ليست فقيرة كما يدعى البعض، لكنها السياسات التي اعتمدت في مجملها على الاقتصاد الريعى، «السياحة مثلا»، وهى صناعة في كل الأعراف العالمية إلا عندنا، ومن ثم صارت نهبا لكل أزمة تحدث وسقوطا مريعا للاقتصاد. 
السياسات العقيمة هي السبب الرئيسى فيما تعانى مصر منه، ولو ظاهريا، ولو وجدت من يحنو عليها لصارت كما يقول الرئيس «أم الدنيا»، بينما الواقع يؤكد أنها أم ثكلى، لا تجد من يزرع في رحمها بذرة صالحة للحياة الآدمية، وأظنها لن تجد مثل «ذو الفقار على بوتو»، الذي تحمل في سبيل باكستان النووية ما لا يمكن لبشر أن يتحمله، من انتقادات واتهامات بالعمالة لأمريكا، حتى يتمكن عبدالقادر خان من إتمام عمله في صناعة وتأسيس برنامج نووى متكامل، يُمكّن بلاده من إحلال توازن قوى بينها وبين الهند، بينما نحن نتكئ ونحمى معاهدة لم ننل منها سوى العار والأمراض والخراب، منذ أن وقعها السادات بدعوى إحلال سلام لم نره ولم نشعر به، اللهم عدم الدخول في حرب عسكرية مع العدو الصهيونى، فيما الصهاينة يعلنون أنهم اخترقوا كل القطاعات في مصر، وكان هذا عبر اعترافات الجنرال عاموس يادين رئيس الموساد الأسبق، دون أن نجد نفيا أو ردا من داخل الحدود المصرية بجميع قطاعاتها. 
تلقى بوتو ما لم يتلقه بشر في صمت، من أجل بلاده، دون أن يستخدم ما كان يملكه من قوة لوقف سيل الاتهامات التي لاحقته منذ توليه رئاسة وزراء باكستان، فيما تعمل قوى هنا على قهر أي معارض سواء بإلقاء القبض أو التجريس أو التشهير، أما الشيء الأهم، وهو بناء أمه تصبح أم الدنيا كما يكرر الرئيس، فلا حياة لمن تنادى، حيث التسول من كل اتجاه هو الشعار الغالب على السياسات الحاكمة، حيث لم ينظر الرئيس أو معاونوه إلى الأرض المصرية، ما بها من كنوز تنتظر من يمد يده لينال منها ومعه الشعب ريعها، وحتى لا أطيل فقد أوصلت مشروعا لكل من تولى رئاسة وزراء مصر بعد الثورة، بدءا من د. عصام شرف ومرورا بالجنزورى، ثم هشام قنديل، بل وصل الأمر إلى إرساله للرئيس «وزير الدفاع»، عبر عدة لواءات قالوا إنهم على اتصال بالقيادة العليا آنذاك، المشروع يتلخص في استخراج الذهب من نحو ١٢ مليار طن طمى تراكمت خلف السد العالى.
المشروع قدمته شركة يابانية يملكها مصريون يحملون الجنسية اليابانية، تضمن بناء ٣ مصانع أولها للفرز وثانيها للتنقية وكلاهما للذهب، أما الثالث فهو لفرز وتنقية المعادن الثقيلة، وهى الأنفس والأعلى عائدا، لكل فروع الصناعة المصرية إن وجدت، فوائد المشروع لم تقف عند استخراج المعدن الأصفر، أو في الكمية التي حددتها دراسة الجدوى وقدرت بنحو نصف طن يوميا، بل زادت لتعالج ما انتقد السد العالى بسببه، حيث تم الاتفاق على أن تعيد الشركة عبر روافع عملاقة الطمى بعد استخراج المعادن منه إلى مجرى النهر أمام السد، وهو ما يعيد للنهر شبابه ويسد الفجوات التي أدت إلى «تطبيل» التربة، ومن ثم يرفع أرض الدلتا التي انخفضت على مدى أكثر من خمسين عاما، فما إن تصل إلى البحر المتوسط ستؤدى إلى خفض درجة حرارة المياه فيه، وتعيد ظاهرة المرجان الأبيض الذي اختفى ومعه نحو ١٦٤ نوعا من السمك سواء في النيل أو في الشواطئ المصرية.
نصف طن ذهب يوميا عبر دراسة قدمناها لرئاسة الوزراء، مدعومة بكل الصور الاستشعارية، ومؤيدات المشروع، لم تجد آذانا صاغية، ربما لأن الحال في البلاد وقتها لم يكن مواتيا لمشروع كهذا، وربما لعدم وجود إرادة سياسية تستطيع اتخاذ القرار، هذا الذهب يسرق الآن ويستخرج بالأيدى على طريقة الغرب الأمريكى، وقت بداية هجرة مجرمى إنجلترا إلى القارة الجديدة، دون أن تلتفت جهة ما وتقرر أن يعود هذا الذهب لأصاحبه، وأن يستفاد منه لتقوية الجنيه، الذي قالت الدراسة إنه سيصبح إذا ما وقعت الدولة مع الشركة عقد الانتفاع، وتحديد حصتها وحصة المنفذ بدولار خلال أقل من ستة أشهر، أقول هذا وأنا على استعداد لنقل كل شيء لمن يريد، فقط حبا لمصر و«تصبيحا» عليها لا بالجنيه فاقد الأهلية، لكن بالجنيه الموازى للدولار قاهر سطوته.