الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

فرص السيسي الضائعة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يمر الضمير الإنساني بمحنة كبيرة في عصرنا الحديث، وتزداد هذه المحنة عند وقوع صراعات وحروب أهلية في بعض البلدان العربية التي أصبحت ذكرى في تاريخ الدول، بعد أن استقبل مواطنوها رياح الغرب البارد في شرقنا الدافئ، مما تسبب في عواصف مرعبة لم ينجُ منها سوى مصر بفضل قواتنا المسلحة التي تعد أحد أهم المؤسسات العسكرية بمفهوم المؤسسة النظامية على مستوى العالم.
إلا أن مصر تمر بمرحلة فارقة، وهو الأمر الذي يعرفه الجميع، وقليل من الناس هم فقط من يعرفون أبعاد ومخاطر هذه المرحلة التي تتمثل في تآمر القوى العظمى على دولتنا، بعد أن أصبحت مصر هي الدولة العربية الوحيدة التي لا يزال لديها جيش بمفهوم المؤسسة النظامية القادرة على حماية أمنها القومي أينما وجد سواء على حدود الترسيم أو الحدود الاستراتيجية.
ولكي تستطيع أي دولة في العالم تحقيق النصر يجب أن يتوافر لديها 5 نقاط:
1- قوة الجيش وتسليحه.
2- تماسك الجبهة الداخلية واصطفافها خلف القيادة السياسية.
3- المخزون الاستراتيجي.
4- علاقة الدولة بمحيطها الإقليمي.
5- الترويج الأمثل لهذه الحرب لدى الرأي العام العالمي - حكومات وشعوبًا- من خلال وزارة الخارجية ووسائل الإعلام. 
تسعى مصر إلى بناء الدولة الحديثة، والحفاظ على مصالحها السياسية والاقتصادية بعد أن تحررت من التبعية، وهو أمر في غاية الصعوبة، لأن هذه الفكرة صادمة للغرب ولا يريد أن يصدق استمرارها بعد أن فرضها الشعب على العالم في 30 يونيه خلال ثورته العظيمة، حتى أصبحت معركتنا مصيرية من أجل البقاء، لذلك يحرص كل طرف من أطراف المعركة على استخدام الأدوات الممكنة وغير الممكنة في هذه الحرب، بهدف تحقيق النصر، ويأتي في مقدمة هذه الأدوات دعم رجال الخارج في الداخل حتى يحالفهم النجاح في مهمة شق وحدة الاصطفاف الشعبي خلف قيادته السياسية.
يدرك الرئيس السيسي خطورة الحرب المفروضة على مصر منذ 2011 والتي تتطور وتتغير خططها بشكل متواتر وسريع، ويسعى الرجل إلى استخدام آليات تمكن مصر من الاستقرار حتى نستطيع البناء والتقدم، لكنه يعتمد على حلول تقليدية تقترب من الخطط العسكرية وأبعد ما تكون عن السياسة، لسنا ضد ذلك في الوقت الراهن، إلا أن هذا الأمر لا ترضى عنه الحكومة التي تقوم بخداع الرئيس، وتسعى جاهدة إلى صناعة الأزمات بدلًا من العمل على إيجاد حلول تنعكس نتائجها على الجبهة الداخلية والمخزون الاستراتيجي للدولة.
خلال الفترة الماضية كانت الفرص ليست بالقليلة لكي يعلن الرئيس لشعبه الحقيقة، إلا أنه يكتفى بالحديث عن المخاطر بالإشارة لها دون الإعلان عنها، وهو ما فتح الباب للتكهنات والحديث عنها في الإعلام بأشكال يضر بأمننا القومي والاقتصادي، في مشهد مغاير للحقيقة تمامًا يوحي بأن الدولة ضعيفة، ولا تستطيع مجابهة مرتزقة تخريب الأوطان، فضلًا عن قيام الإعلام بمهمته العظيمة لصالح الأعداء من خلال حرصه اللا نهائي على إظهار مصر في صورة اللا دولة، والمتابع لمصر من الخارج وما تتناقله وسائل الإعلام العالمية عنها سوف يدرك خطورة الصورة الحالية.
كان من الضروري على الرئيس اتخاذ موقف تجاه هذه المهازل، إلا أن السيسي يعرف ويدرك جيدًا خطورة هذه الخطوة، خاصة وأن أعضاء "نادي المؤامرة" من أصحاب النفوذ يتحكمون في مفاصل الدولة القديمة والممتدة إلى وقتنا الراهن، وهو ما يعطل نتائج تحركات الرئيس شرقًا وغربًا من أجل تحسين علاقات مصر بمحيطها الإقليمي والدولي حتى نكون دولة جاذبة للاستثمارات الخارجية، إلا أن النتائج لا تعدو أكثر من توقيع اتفاقيات مع بعض الدول، ويستفيد منها رجال الأعمال فقط على حساب الدولة.
وباستثناء القوات المسلحة وما تقوم به من الحفاظ على الوطن والقضاء على الأزمات المفاجئة والمشاريع العملاقة التي تنفذها، لا يوجد جديد في الدولة الرسمية، حيث يستعين الرئيس بكل ما هو قديم على الرغم من أنه الرئيس المحسوب على الدولة الحديثة، إلا أن اختياراته دائمًا تؤكد تمسكه بالدولة القديمة، والتي تسعى جاهدة للحفاظ على ثرواتها من خلال عودة الزمن الذي لم يرحل بعد، ليعود بشكل رسمي لاستمرار اقتصاد الفساد الذي يحميه القانون، ويستر عورات الإعلام، ويدعم نموه تراجع الدولة، لذا كان من الضروري لكي ينجح الرئيس أن يكون اعتماده على وجوه وعقول جديدة لديها القدرة على التفكير والتخطيط معه لبناء المستقبل.
حقًا، ستنتصر مصر في معركة المصير، وسيكون لذلك مردود كبير على منطقتنا العربية، ومحيطنا الإقليمي بعد أن يدرك الرئيس الفرص الضائعة، ويتجاوزها بأفكار حديثة تستطيع مجابهة الصراع الداخلي بالتزامن مع البناء، وخلق جيل جديد من رجال الدولة، رجال يدركون بحق أن جمال الفكرة وأسلوب طرحها أهم بكثير من عمقها، رجال في حاجة إلى بناء مجدهم من خلال المساهمة بأفكارهم وطموحهم الوطني في تأسيس الدولة.