الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"داشيتا"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لما أهدانى الصديق عبد الرحمن بكر هذه الرواية "داشيتا" جلست لقرائتها ولم أستطع أن أتوقف إلا لدخول بعض أفراد الفرقة وحلول ميعاد البروفة الأسبوعية، ولا أعرف لماذا لم أكن منشغلا فى البروفة إلا بهذه الرواية، هل التذبذب الرومانتيكى بين الحب والإعجاب، حب داشيتا لمواطنها الذى يقف بجانبها فى جميع الأزمات والذى يتميز بالأخلاق والشرف , وإعجابها بقمبيز الذى قتل عائلتها وأذل مواطنيها ولكنه ملك جبار وفاتح عظيم بمقاييس ذلك العصر؟ هل لأن خلفية القصة تاريخية لم نقرأ عنها كثيرا فى مصر؟ هل لأنها- وفى ظنى المتواضع- هى التى يجب أن تكون بدلا من أوبرا عايدة حيث يقود القائد بلده؟ هل لأن مصر وبلاد كوش العظيمة (النوبة والسودان وأثيوبيا) اتحدتا فى مواجهة الغزو الفارسى عام 525 ق.م بقيادة قمبيز وأمه المصرية نيتيتيس التى تزوجها قورش ملك الفرس وأنجب منها هذا القائد العظيم؟  هل لأن بعد هذه الفترة قضى تماما على جيش مصر إلى أن أعيد بناءه؟ (ويذكرنى ذلك بفترة ما فى تاريخ مصر الحديث).
هل لأن الجيش المصرى العظيم الذى لا يستطيع أحد قهره وإذا مر بفترة إنكسار قام أقوى مما كان؟ أم لأن أبيسمتك الثالث ملك مصر قال: "أيها الملك الفارسى اقرأ البرديات وما كتب على جدران المعابد، لترى تاريخنا، ستدرك ساعتها أنه لم يحتل هذه الأرض أحد وبقى فيها, فهى أرض طيبة تحتضن أبنائها, ومن أحبها فقط، وتلفظ كل من اعتدى عليها، وتقهر قاهريها فلا يجد المعتدى له فيها سوى قبر يأويه"؟ أليس جديرا بكل من يتآمر على مصر أن يطلع على ماقاله الملك المصرى العظيم أبيسمتك الثالث لقمبيز وقت أن هزم وحان وقت مغادرته لمصر بذل الانكسار والاندحار؟ ولكنى عندما بدأت أعاود القراءة كعادتى عرفت ماذا يحيرنى، ما يحيرنى فعلا هو برغم أننا نملك كتابا للقصة والسيناريو مثل هذا العظيم عبد الرحمن بكر، وكثيرين غيره، إلا أن السينمائيين المصريين يلجأون إلى تمصير الأفلام الأمريكية والالتفاف حول القصة لإخفاء الفوارق الثقافية، ما يضعف القصة والسيناريو وتكون كالمسخ، وقد وضعت كثيرا من الموسيقى التصويرية لمثل هذه الأفلام، وقصة داشيتا تصلح لفيلم أو مسلسل يجمع ما بين التسلية والجرعة التاريخية والوطنية فى قالب مشوق، وأغلب الظن أن السينمائيين لن يلتفتوا إلى هذه القصة، وسواء التفتوا أم لم يفعلوا، فيجب على وزارة التربية والتعليم أن تقر هذه القصة فى مناهج الاطلاع الحر التى أتمنى أن تفعلها الوزارة، ووضعها فى جميع مكتبات المدارس بل ووضع يوم فى العام الدراسى تناقش فيه القصة بحضور مؤلفها وأحد أساتذة التاريخ بالمدرسة، أظن أنه حان الوقت لتدريس التاريخ الفرعونى وبطولات المصريين ووقوفهم أمام المعتدين وبطولات الجيش المصرى وتاريخه المشرف فى الحفاظ على الحدود وعلى أمن البلاد وعلى مواطنيها، قضيت وقتا ممتعا مليئًا بالمعلومات والإثارة وأتمنى أن تعم هذه المتعة على أكثر القراء.